03-أبريل-2021

تعدد الرواتب أصبح متاحًا بالقانون وبدونه.. والمالية النيابية "تتهرب" من الإجابة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لم يكتف مجلس النواب في محاولاته لحماية ملف ازدواج الرواتب وما يترتب عليه من "انعدام العدالة"، من خطوته التي نقضت قرار مجلس الوزراء رقم 27 المتعلق برواتب رفحاء، ليذهب بعيدًا في خطوة غريبة إلى حذف مادة من قانون الموازنة تتيح للحكومة اتخاذ إجراءات قانونية ضد موظفيها الذين يتقاضون أكثر من راتب، والمتجاوزين على شبكة الحماية الاجتماعية، وذلك في ظروف غامضة وتعديل قد يكون جرى "بالخلسة" على قانون الموازنة.

حذف البرلمان وبشكل "غير معلن" فقرة من قانون الموازنة تتيح للوزارات وديوان الرقابة المالية ملاحقة مزدوجي الرواتب من الموظفين والمتجاوزين على شبكة الرعاية الاجتماعية

البرلمان ابتدأ أول خطوة في هذا الطريق، عندما صوت بـ"الرفض من حيث المبدأ" على قانون التعديل الثاني لقانون مؤسسة السجناء السياسيين في أواسط كانون الثاني/يناير الماضي، الأمر الذي أجبر مجلس الوزراء في آذار/مارس الماضي على على الغاء قراره رقم 27، الذي قيّد رواتب رفحاء بتحديد راتب لرب الأسرة فقط دون الأفراد، وايقافها على المقيمين في الخارج ومن يمتلك راتبًا ثانيًا، ليتم صرف رواتب 10 أشهر بشكل تراكمي لمستفيدي رفحاء، بحسب إعلان لمؤسسة السجناء السياسيين في آذار/مارس الماضي.

البرلمان يعيد ازدواج الرواتب للجميع.. و"يمنع" الوزارات من ملاحقة الموظفين "المزورين"!

وفي خطوة ثانية شديدة الغرابية، حذف مجلس النواب وبشكل "غير معلن" فقرة من إحدى مواد موازنة 2021 تتيح للوزارات وديوان الرقابة المالية من ملاحقة مزدوجي الرواتب من الموظفين والمتجاوزين على شبكة الرعاية الاجتماعية.

وقدّر وزير المالية في وقت سابق أن 10% من الموظفين هم فضائيون ومزدوجي رواتب، أي مايقارب الـ500 ألف موظف، وهو ما يكلف الدولة نحو 20 تريليون دينار سنويًا، بحسب تصريح سابق للجنة المالية، فيما رصدت وزارة العمل نحو 24 ألف شخص متجاوز على شبكة الرعاية الاجتماعية، ويستلم راتب موظف أو متقاعد.

اقرأ/ي أيضًا: الموازنة: "هروب" من مشكلة الإقليم وتثبيت لارتفاع الدولار.. ماذا عن العقود؟

وفي النسخة الأولى للموازنة والتي نشرتها اللجنة المالية أوردت فيها النصوص الأصلية القادمة من الحكومة، والنصوص المقترحة من قبلها، جاءت المادة 21 من النسخة الحكومية للموازنة، بـفقرات، تتعلق الأولى بإلغاء جميع القوانين التي تسمح بالجمع بين راتبين لمعاوني المدراء العامين فما فوق، فيما نصت الثانية على قيام الوزارات والجهات المرتبطة بوزارة والمحافظات وديوان الرقابة المالية، باتخاذ الإجراءات القانونية بكل من يثبت استلامه راتبين، فيما نصت النقطة الثالثة على قيام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بإيقاف النفقات غير الضرورية.

وبالرغم من عدم تلاعب اللجنة المالية أو تقديم أي مقترحات لإلغاء أو حذف أو إضافة على هذه المادة، إلا أنه وبعد التصويت على الموازنة وإقرارها، انتشرت النسخة النهائية من الموازنة منقوصة ومعدّلة دون إعلان مسبق، حيث أظهرت المادة 21 التي أصبحت المادة تسلسل 20 في النسخة النهائية، أظهرت استبدال نص الفقرة الأولى بـ"إلغاء القوانين التي تسمح بالجمع بين راتبين لمدراء العامين فما فوق"، بدلًا من معاوني المدراء العامين، الأمر الذي سيسمح لمعاوني المدراء العامين ومن تحتهم، الجمع بين راتبين بالفعل.

أما الفقرة الثانية، المتعلقة بأن تقوم الوزارات والمؤسسات الحكومية وديوان الرقابة المالية بالملاحقة القانونية ضد من يتقاضى راتبين أو يكون متجاوزًا على شبكة الرعاية الاجتماعية، فقد "حُذفت بالكامل"، واختفت من النسخة النهائية للموازنة المقرّة، في خطوة غير مفهومة، وتطرح تساؤلات عن سبب معارضة البرلمان لهذه الخطوة، خصوصًا وأنها تتعلق بالموظفين فقط، ولا تمس مستحقات مستفيدي قانون الشهداء والسجناء السياسين ورفحاء، والذين قد "ضمن حقهم" بالفقرة الأولى من المادة، فضلًا عن قوانينهم الخاصة التي اتاحت ازدواج رواتبهم.

وبشأن الفقرة الأولى من المادة 20 والتي تتعلق بإلغاء جميع القوانين التي تتيح الجمع بين راتبين لمدير عام فما فوق، يبيّن الخبير القانوني علي التميمي بأنها "غير نافعة".

ويشير التميمي في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أن هناك 5 قوانين تتيح الجمع بين راتبين، وهي "قرار مجلس قيادة الثورة رقم 1927 لسنة 1981، وقانون مؤسسة الشهداء رقم 2 لسنة 2016، وقانون رقم 57 لسنة 2015 قانون التعديل الأول  لقانون ضحايا الإرهاب والعمليات الحربية، والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم 20 لسنة 2009، إذ منح حق الجمع بين راتبين ذوي الشهيد والمصابين بنسبة عجز 5٪؜ في المائة فما فوق، فضلًا عن قانون رقم (2) لسنة 2020 قانون التعديل الثاني لقانون ضحايا الإرهاب والعمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم (20 ) لسنة 2009 المعدل، بالإضافة إلى  قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم 4 لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم 35 لسنة 2013".

ويشير التميمي إلى أنه "وفقًا للمادة 20 من الموازنة، فإن جميع المستفيدين من هذه القوانين سيحق لهم الجمع بين راتبين، حيث تم تعطيل القوانين للمدراء العامين فقط، وهم لا يحتاجون لازدواج الرواتب من الأساس، وربما لا يقدمون على مثل هذه الخطوة حفاظًا على سمعتهم"، وهو ما يجعل هذه المادة في الموازنة "خالية من محتواها وعديمة الفائدة"، بحسب التميمي.

يقول عضو في اللجنة المالية إنه لا يتذكر ما الذي جرى للمادة 20 وكيف تم تعديلها بسبب كثرة التعديلات التي أجريت داخل البرلمان خلال التصويت على قانون الموازنة

من جانبه، يقول القاضي رحيم العكيلي في تساؤل كتبه بمواقع التواصل الإجتماعي، إن "المادة 20 من قانون الموازنة لعام 2021 منعت ازدواج الراتب لكن لمن؟ لمن كان يشغل منصب مدير عام فاعلى فقط لا غير، أي يصح ازدواج الراتب لمن عداهم".

وأضاف العكيلي: "بودي أن يعرف الشعب كم عدد مزدوجي الراتب من مدير عام فأعلى، وكم عدد مزدوجي الراتب دون ذلك، ليعرف مقدار الفائدة من هذا النص القانوني، وهل كان خدعة أم أنه إنجاز كما يصوّره البعض، وكم تكلف رواتبهم موازنة الشعب؟".

اقرأ/ي أيضًا: ضمن قاعدة بيانات الرقم الوظيفي.. إحصائية بأعداد الموظفين في العراق

وبينما تطرح هذه التساؤلات وتساؤلات أخرى حول سبب "حذف المادة التي تتيح للوزارات ملاحقة موظفيها الذين يتقاضون راتبين، والمتجاوزين على شبكة الحماية الاجتماعية"، يقول عضو اللجنة المالية النائب، أحمد حمه رشيد في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "لا يتذكر ما الذي جرى لهذه المادة وكيف تم تعديلها بسبب كثرة التعديلات التي أجريت داخل البرلمان خلال التصويت على قانون الموازنة".

وتواصل "ألترا عراق" مع عضو لجنة الكشف عن الموظفين الوهميين ومزدوجي الرواتب في البرلمان وعضو اللجنة المالية النيابية إخلاص الدليمي، وبالرغم من الإتصالات المكرّرة والرسائل التي وجهها "ألترا عراق" إلى الدليمي، والتي تحمل الأسئلة حول سبب حذف هذه المادة، وما إذا كانت سقطت بالتصويت، لم تجب الدليمي على الاتصالات ولا الرسائل بالرغم من قراءة الأسئلة، وكذلك الحال لباقي أعضاء اللجنة المالية الذين رفضوا الإجابة عن مصير هذه الفقرة وكيفية حذفها من النسخة النهائية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

القناة الجافة على خرائط الصين.. من يعرقل المشروع في العراق؟

ثروات "غير مستغلة".. لماذا لا يستخرج العراق النفط من المياه الإقليمية؟