03-فبراير-2020

يستثمر الصدر منصة تويتر لتحريك أتباعه لكن مواقفه المتقلبة تهدد قاعدته الشعبية (الترا عراق)

الترا عراق - فريق التحرير

سلط تقرير فرنسي، الضوء على تداعيات "تقلبات" مواقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من الاحتجاجات المستمرة في البلاد، مشيرًا إلى أن الكثير من اتباع الصدر توقفوا عن طاعته نتيجة ذلك.

امتنعت شريحة من أنصار الصدر عن طاعته بعد "مواقفه المتقلبة" من الاحتجاجات و التي يعبر عنها عبر تويتر 

ونقل التقرير الذي نشرته وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس)، يوم الإثنين 3 شباط/فبراير، آراء متظاهرين ينتمون إلى التيار الصدري، بعضهم امتنع عن الامتثال إلى أوامر الصدر، خاصة توجيهات الانسحاب من ساحات الاحتجاج.

كما رجح التقرير أن يواجه الصدر انشقاقًا جديدًا لكن هذه المرة على مستوى القاعدة الشعبية للتيار، والتي تمثل جزءًا فعالًا ومحركًا أساسيًا لحركة الاحتجاجات.

وفيما يلي نص التقرير دون تصرف:


بقبعاتهم الزرقاء التي تميزهم، يتنقل أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بخطى المزهو بالنصر، مع عودتهم إلى ساحة التحرير المركزية للاحتجاجات وسط بغداد، مصرين على أن يلاحظ الجميع ذلك.

يتمتع الصدر بشعبية واسعة في أوساط فقراء الشيعة، وخصوصًا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية الكبيرة قرب بغداد.

اقرأ/ي أيضًا: "عهد الدم" في وجه "قبعات الحنانة".. محتجو تشرين "يتحدون" مقتدى الصدر

كان أحد أبرز الشخصيات التي لعبت دورًا أساسيًا في إعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين في العام 2003، مع مسيرة بدأت بمعارك ضارية مع القوات الأمريكية الغازية حينها.

ومع ندرة ظهوره في العلن، يتوجه الصدر (46 عامًا) بشكل شبه يومي إلى مناصريه، مستغلاً منصة تويتر التي يحرك من خلالها شارعًا، ويهدئ آخر.

في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، دفع بالآلاف من "الصدريين" إلى الشوارع لدعم موجة احتجاجات غير مسبوقة في البلاد تطالب بتغيير كامل الطبقة السياسية، وتندد بالدعم الإيراني لها.

وفي أواخر كانون الثاني/يناير، أمر الصدر أنصاره فجأة بحزم خيامهم، قبل أن يغير رأيه بعد أسبوع متمنيًا عليهم العودة "لتجديد الثورة الإصلاحية السلمية".

السبت الماضي، صادق الصدر على تكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي بتشكيل حكومة جديدة، رغم رفضه من الشارع، في خطوة أدت الى تشتت في ساحات الاحتجاج.

حينها، أقدم الصدريون المتشددون على طرد المحتجين من مبنى مركزي في وسط العاصمة يسمى المطعم التركي وصار رمزًا للحراك، وأزالوا صور قتلى التظاهرات واللافتات المطلبية.

شتت دعم الصدر لتكليف علاوي ساحات الاحتجاج قبل أن يطرد أنصاره المتشددون المتظاهرين من المطعم التركي

ويبدو أن مواقف الصدر المتقلبة، من خلال تغريداته، أفرزت رد فعلي سلبي في قاعدته الشعبية الكبيرة، كما يقول حتى مؤيدوه.

- "الحب والطاعة" -

نهاية الأسبوع الماضي، كان يمكن رؤية صور الصدر معلقة على عربات "التوك توك" الثلاثية العجلات التي باتت أيقونة الاحتجاجات.

يقول نبيل، وهو أحد أتباع الصدر، إنه "إذا طلب منا سيدنا وقائدنا أن نرمي بأنفسنا في النار، سنفعل ذلك".

يشير نبيل إلى أنه رفع خيمته عندما قال الصدر إنه سيتوقف عن دعم التحركات المناهضة للحكومة، لكنه عاد السبت بعد التوجيه المغاير.

وعندما سئل عمّا إذا كانت الأوامر المتناقضة تربكه، أجاب بالنفي، على غرار نادية عباس (45 عامًا) من مدينة الصدر.

تقول عباس إنها لا ترى "أي تناقض بين الأسبوع الماضي والآن".

وأضافت لفرانس برس "كما يقول نفعل. كبيرًا أم صغيرًا".

لكن مؤيدي الصدر الأصغر سنًا، لم يكونوا على يقين من ذلك.

تحدى كثيرون منهم أوامر رجل الدين الشهر الماضي وبقوا في ساحة التحرير، وهم يراقبون بأسى أقرانهم وهم يحزمون خيامهم.

يقول حمزة (26 عامًا)، وهو يتبع التيار الصدري، إنه "منذ اللحظة التي أتيت فيها إلى هنا، عندما بدأت الثورة، رأيت كثيرين يموتون، يسقطون في الشارع ويلتقطهم شخص ما، وسيارات الإسعاف والدماء".

اقرأ/ي أيضًا: كواليس الصفقة و"تصدع" البناء.. لماذا يستميت الصدر دفاعًا عن محمد علاوي؟!

ويضيف "لقد اعتدنا على كل تلك المشاهد، ولكن أكثر ما يؤلمني هو مشاهدة تلك الخيام وهي تؤخذ بعيدًا. شعرت كأنني من بلد وهم من بلد آخر".

يصعب على بعض الصدريين تفسير "تناقض" مواقف زعيمهم فيما يؤكد بعضهم عدم إمكانية اتباع تغريداته "بشكل أعمى"

أما حسين (24 عامًا)، فكان من الصعب عليه تفسيرالتناقض في الأوامر.

يلفت المتظاهر ذو العينين الزرقاوين إلى أنه "هو القائد، لكن بيانه لم يكن أمرًا مباشرًا بالانسحاب".

لكن لو أن الصدر كان أصدر أمرًا واضحًا بالانسحاب، يقول حسين "لم أكن لأنسحب أبدًا. في كل الأحوال، لن يفعل ذلك".

علي (29 عامًا) من مدينة الصدر، قتل شقيقه الأكبر في المعارك بصفوف جيش المهدي. كان قد أمضى الأشهر الأربعة الماضية في خيمة في ساحة التحرير، لكنه يؤكد أنه لا يستطيع أن يتبع تغريدات الصدر بشكل أعمى.

يقول إن "للتيار الصدري قاعدة شعبية ضخمة، ثمانية ملايين شخص ليسوا قليلين"، وهو رقم مبالغ فيه إذا لا إحصائيات رسمية لذلك.

ويضيف أن أولئك "قلوبهم مع الاحتجاجات، لكن الحب والطاعة شيئان مختلفان".

- "انقسام متزايد" -

ورث مقتدى الصدر صاحب الصوت الجهوري والوجه العابس شعبية كبيرة، إذ إنه نجل محمد محمد صادق الصدر أبرز رجال الدين الشيعة المعارضين للرئيس الأسبق صدام حسين الذي قتله مع اثنين من أبنائه في العام 1999.

ووالد مقتدى هو أحد أبناء عم محمد باقر الصدر المفكر البارز الذي أعدمه صدام مع شقيقته بنت الهدى ربيع العام 1980.

يقول مصدر في التيار الصدري لفرانس برس إن "خطر حدوث انشقاق موجود دائمًا"، خصوصًا أن التيار شهد ذلك سابقًا.

ويضيف "في النهاية، هذه حركة دينية وليست حركة ديموقراطية".

اقرأ/ي أيضًا: بعد "ليلة التواثي".. "عصا" الصدر في يد قوات السلطة لـ"قمع" الاحتجاجات!

يلفت الباحث في "تشاتام هاوس" ريناد منصور إلى أن الصدر يكافح من أجل التوفيق بين خطابه الشعبي وبين حصته المتزايدة في السلطة، إذ أنه يملك أكبر كتلة برلمانية ومناصب وزارية رئيسية.

يقول باحث إن الصدر يكافح من أجل التوفيق بين خطابه الشعبي وبين حصته المتزايدة في السلطة

ويشير منصور إلى أنه "كان هناك انقسام متزايد منذ فترة. لكن الفوز في الانتخابات (2018) وضعه في النخبة، وهو يحاول أن يوازن بين أشياء كثيرة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"عناد" المحتجين يبعثر أوراق الصدر والعامري.. 3 سيناريوهات لحسم رئاسة الحكومة

ولادة رئيس الوزراء الجديد تتعسر في "قم".. لماذا عاد الصدر والعامري للعراق؟