13-مايو-2020

مشهد من مسلسل كما مات وطن (فيسبوك)

لم تمضِ سوى دقائق على نهاية الحلقة 18 من مسلسل (كما مات وطن) والمخصصة لانتفاضة تشرين بعنوان "الطابق 15" في إشارة إلى طابق خاص ومختلف عن طوابق المطعم التركي البالغة 14 طابقًا، حتى غصت صفحات "فيسبوك" بالحديث عنها بعد أن وثقت قصص ضحايا الانتفاضة. المسلسل من كتابة الكاتب الشاب مصطفى الركابي، وإخراج سامر حكمت، وبطولة أياد راضي، وصبا إبراهيم، حيث تم تصويره في ساحة التحرير.

سلطت حلقة من "كما مات وطن" الضوء على الدور الكبير للكوادر الطبية في إسعاف الجرحى من المتظاهرين بالرغم من التقييد والتهديد الذي تعرضوا له

وتصدر وسم "كمامات وطن" موقع تويتر في العراق، ولم يخفي الجمهور المتفاعل مع الحلقة بكاءهم واستذكارهم للضحايا، فيما تعامل الكثير مع بطل الحكاية "الشهيد عادل" على أنه صفاء السراي، من خلال دلالات كثيرة تتعلق بالسراي، فيما استذكروا ضحايا الكوادر الطبية.

اقرأ/ي أيضًا: معاناة كوادر الصحة في الاحتجاج.. كيف ظفر "سائرون" بوزارة وسط حمّام الدم؟

تضيء الحكاية الدور الكبير للكوادر الطبية في إسعاف الجرحى بالرغم من التقيد والتهديد الذي تعرضوا له، حيث تبدأ الحلقة من الدكتور جمال، الطبيب في أحد مستشفيات العاصمة بغداد، والذي لم يكتف بمعالجة الجرحى في المستشفى، حيث ينتقل إلى المفرزة الميدانية وسط ساحة التحرير، مرتديًا قميصًا سمائي اللون بذات لون الوشاح المشهور لصفاء السراي، والذي تحول بعد استشهاده إلى رمز اتشح به العديد من المتظاهرين في البلاد.

عدد كبير من الكوادر الصحية لم يكتفوا بالجلوس في مفارزهم البعيدة نوعًا ما عن خط التماس وانتظار وصول الجرحى، حيث واصلوا الوقوف إلى جانب المتظاهرين وإسعافهم آنيًا، وهذا ما حصل في القصة مع الدكتور جمال، حيث توجه نحو المتراس الأول الفاصل بين المحتجين والقوات الأمنية التي تطلق القنابل الغازية بطريقة مخالفة للتعليمات العسكرية والتي تشترط إطلاقها عموديًا باتجاه السماء، حتى قتل المئات جراء إصابات مباشرة في الرأس والصدر، وهذا ما تعرض له الدكتور جمال في المسلسل، حيث كانت إصابته قنبلة برأسه "ذات المكان الذي أصيب به صفاء السراي".

في ردهة العناية الخاصة انتهت علاقة الدكتور جمال بالحياة، وكحال معظم الضحايا، حيث ينتظرهم أحباءهم عند الباب تُفجع حبيبته الدكتورة صبا وعائلته بخبر موته، لينتقل مباشرة إلى عالم الأرواح "الثيمة الرئيسية للحلقة" مندهشًا لا يعرف ما يحدث، حتى يصل الشاب المقتول عادل "وهو على هيئة قريبة إلى حد كبير من السراي". 

عالم الأرواح

في عالم الأرواح تتعرف روح الدكتور جمال إلى عشرات الضحايا في الاحتجاجات من خلال "الشهيد عادل"، حيث يأخذه بواسطة "تكتك" يقودها شهيد يشق الطريق المعتاد نحو المطعم التركي وصولًا إلى الطابق 15 المطل على ساحة التحرير، وتستمر الدهشة عند الدكتور جمال، حتى يعرفه عادل على العم "سعدون" أقدم الشهداء بحسب الحكاية، والذي استشهد قبل 16 عامًا بانفجار سيارة مفخخة في شارع الرشيد، وسكنت روحه المطعم التركي، والذي أخذ على عاتقه مهمة فتح طابق الشهداء ليلة 24 تشرين الأول/أكتوبر لجمع الضحايا فيه.

خط موازي

وفقًا للسيناريو يعيش "الشهداء" حياتهم الخاصة بخط موازي، حيث يراقبون حياة نظرائهم من الأحياء، يقتربون منهم ويسمعون حديثهم دون أن يشعروا بهم، وبينما تتبدد الدهشة والمخاوف عند الدكتور جمال على وقع الحديث مع العم سعدون، يناديهم عادل لمشاهدة موكب تشييع الدكتور، الذي يتقدمه شقيقه سعد وحبيبته الدكتورة صبا.

وعلى طريقة رفع صورة صفاء السراي بعد يوم من تشيعيه على بناية المطعم التركي ترفع صورة كبيرة للدكتور جمال، وتشاهدها الدكتور صبا بصحبة شقيقه سعد، فيما يقف بالقرب منهم الدكتور جمال وصديقه الجديد الشهيد عادل، الذي يخبره أن سعد لم يقم مجلس عزاء له وبقيّ في التحرير، وهم يسمعون تعبير صبا عن حبها له وألمها عليه، يقطع وقوف الشهيدين، شهيد ثالث يخبرهم عن أخبار تفيد بنية القوات الأمنية اقتحام الساحة، وبذات الخط الموازي يؤازر الشهداء المتظاهرين الأحياء على السواتر وفي الخيم.

يطلب الدكتور جمال من كل "أرواح الضحايا" الدخول إلى أحلام المتظاهرين الأحياء وقلوبهم، وإخبارهم بأنهم ملأوا التحرير والعراق، لتدفعهم نحو الاستمرار للوصول للحلم

يواصل الكاتب إضاءة جوانب أخرى عن الاحتجاج، من خلال حديث الدكتور الجمال وسط الشهداء في طابقهم الخاص عن حياته في عالم الأحياء، حيث يخبرهم، بانسيابية حياته في ذلك العام، فهو طبيب منشغل بعمله طوال اليوم الذي يوفر له وسائل الراحة التي منعته من التفاعل مع الاحتجاجات السابقة التي تطالب بالخدمات والوظائف، لكن الانتقال النوعي في مطالب المحتجين 1 تشرين الأول/أكتوبر، عندما أرادوا وطنًا عبر شعارهم "نريد وطن"، جعله يترك العمل على أمل أن يتسبب موته بتحقيقه، الموت الذي جعله يكتشف أن الموت يزيد الحلم الذي لا بد تحقيقه يومًا ما، ثم يطلب من كل "روح" الدخول إلى أحلام المتظاهرين وقلوبهم، وإخبارهم بأنهم ملأوا التحرير والعراق، لتدفعهم نحو الاستمرار للوصول للحلم الذي أرادوه "الوطن". 

"اويلي عليج يمه"

يقترح الدكتور جمال على رفاقه الضحايا، ذهاب كل منهم إلى مكان استشهاده، واعتباره واجبًا، لأن الموت الحقيقي مرهون بنهاية كل شيء، وعليهم منع ذلك، وتنتهي الحلقة بانتقال شقيق الدكتور جمال "سعد" إلى عالم الضحايا، حيث يلتقي أخيه عند خط التماس المباشر بعد استشهاده، وفي مشهد تراجيدي يقف بينهم عادل ليخبرهم بإحساسه بأن سعد سيستشهد الليلة، ليصرخ جمال بصوت عال "أويلي عليج يمه".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حوار| سنان أنطون: صفاء السراي من أسماء العراق الحُسنى

صفاء السراي.. هذه قِبْلَتنا