15-أبريل-2022
الإطار التنسيقي والصدر

الانتقال إلى مرحلة الصراع طويل الأمد  (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

 

اختفت اللهجة المتحمسة على لسان قوى "الإطار التنسيقي" والتحذيرات من اندلاع حرب أهلية، عقب مهلة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر التي أتاحت لهم التحرّك لتشكيل الحكومة، قبل أن يدركوا مبكرًا أنهم تسلّموا ساحة لعب خاليّة من اللاعبين والمشاهدين.

 رأى مراقبون أنّ الإطار التنسيقي رفض مهلة الصدر بعد أن أدرك صعوبة موقفه وعدم قدرته على على التفاهم مع القوى السياسية الأخرى

وعقب أن أعطى الصدر الضوء الأخضر للإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة بـ"مهلة بدأت منذ الأول من رمضان وتنتهي في 9 شوال"، بدا الإطار أكثر حيويّةً وتحرّكًا للحصول على تفاهمات مع قوى أخرى، إلا أنه وصل لمرحلة اليأس مبكرًا بعد أن وجد أن الساحة خاليّة إلّا من فريقه، ليعلن بأنه غير ملزم بـ"مهلة الصدر"، وذلك بعد مرور 10 أيام على المهلة، وهو ما اعتبره مراقبون أنه "رفض جاء بعد إدراك الاطار صعوبة موقفه".

هدفان وراء مهلة الصدر 

ويقرأ مراقبون مهلة الصدر بأن لها هدفان، يتمثّل الأول بالتخلّص من الحرج المستمر الناجم عن عدم التمكّن من عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لأكثر من مرة، وإعطاء فترة "استراحة" وترتيب الأوراق، أما الهدف الآخر؛ فيتمثل بحعل الإطار بموضع ضعف وإظهار عجزه عن تشكيل الحكومة إلى الجماهير، وهي خطوة لـ"تقاسم الحرج" بين الطرفين، وعدم اقتصاره على الصدر وتحالفه "إنقاذ الوطن" الذي فشل لأكثر من مرة بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

مبادرة ضعيفة ناجمة عن اليأس

لم يتبق بيد "الإطار التنسيقي" الذي يجمع القوى المقرّبة من إيران، سوى مبادرته التي يستمر بالحديث عنها كحل وحيد للانسداد السياسي الحاصل، ونظرًا لحجم الأزمة، يُفترض أن تحمل المبادرة ما يمكنه أن  يقنع الصدر أو يجذب أطرافًا مختلفة من القوى السياسية على الأقل، إلا أنّ المبادرة كانت خاليّة من أي أفكار أو رؤى جديرة بالنقاش، فهي لم تأتِ بشيء جديد، وفقًا لعديدين، حيث اقتصرت النقاط الرئيسية في المبادرة على الحديث عن "تشكيل كتلة أكبر شيعية بين الإطار والتيار لانتخاب رئيس الجمهورية والاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء يتمتع بالكفاءة والنزاهة عبر لجنة مشتركة بين الطرفين، والاتفاق على برنامج حكومي بسقف زمني محدد"، وهي عبارات وجمل عمومية تم استخدامها طوال الفترات الماضيّة، ولم تتضمن مقترحات قادرة على إقناع الأطراف السياسية الأخرى، وهو أمر آخر يظهر "يأس" الإطار وعدم امتلاكه لأي أدوات توازي حجم الأزمة السياسية، وجميع نقاط المبادرة التي من المفترض أنها لحل الأزمة، هي نقاط الاختلاف أصلًا مع الطرف الآخر المتمثل بالصدر وتحالفه "إنقاذ الوطن".

ويرى الباحث الأكاديمي عقيل عباس، أنّ الإطار التنسيقي ليس لديه رؤية ومبادرته ضعيفة وغير متماسكة ولا تقدم أيّ جديد، ويحيل سبب ذلك إلى أنّ "الخلاف أساسًا ليس في الأفكار والرؤى حول المرحلة القادمة، بل كل ما تريده قوى الإطار هو أن يكونوا في السلطة من أجل الاستمرار وعدم خسارة النفوذ وهذا جوهر الصراع"، لأنّ قوى الإطار والكلام لعباس يعلمون جيدًا "أنهم إذا خرجوا من الحكومة سينتهون، كما انتهى تيار الإصلاح بعد خروج إبراهيم الجعفري من رئاسة الحكومة ولم يعد أي أحد يسمع به، وهؤلاء أيضًا إذا خرجوا من الحكومة سينتهون لأنهم ليسوا تيارات شعبية".

مواجهة طويلة الأمد

لا يبدو أنّ هنالك معطيات جديدة على وجود حل قريب، فلا  تتناسب مهلة الصدر ولا مبادرة الإطار التنسيقي مع نقاط الخلاف الرئيسية، وأهدافها تخالف المعلن.

ويرى الباحث وأستاذ العلوم السياسية عقيل عباس خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، بأنه "لا جدوى في أي نقاشات قد تعقد بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري".

ويوضح عباس أنّ "الحوار والنقاشات تحدث لوجود سوء تفاهم بين طرفين أو مختلفين على تفاصيل خاضعة للتفاوض، وما يوجد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي ليس سوء تفاهم بل اختلاف كامل بالرؤية، وكل طرف منهم يعلم ماذا يريد بوضوح وهو مختلف تمامًا عن إرادة الطرف الآخر".

ويشير عباس إلى أنّ "الصدر يعرف أن بيده فرصة ذهبية لتثبيت نفسه في الحكم وهذا لا يحصل بحكومة توافقية، بل بحكومة أغلبية تقف كتل السلاح خارجها، بعد أن أصبحت خصمًا للصدر وللمجتمع أيضًا، والتخلص منهم أصبح مصلحة عامة يشترك فيها الصدريون والمجتمع".

ويرى عباس "انعدام وجود أي فرصة للتفاهم بين الطرفين، إلا إذا ذهب التيار الصدري إلى التوافقية وحينها سيسقط نفسه بنفسه".

ويعتقد عباس أنّ "التيار الصدري ربما سيستمر باستراتيجية عض الأصابع، وذلك باستمرار حكومة تصريف الأعمال، وإنفاذ إرادة التيار داخل البرلمان عبر تشريع القوانين ومحاسبة وزراء وغيرها من القضايا التي تكسبهم شعبية، وتضغط على الإطار التنسيقي الذي

 سيبدو أمام الجمهور بأنه هو من يعيق العجلة ويمنع تشكيل الحكومة".

يرى باحثون أنّ الصراع السياسي ذاهب من مواجهة مباشرة إلى مواجهة طويلة الأمد

ويقول عباس إنّ "هذا سيكون بصالح التيار ويظهر بأنه طرف متمسك بمبدأه، وبهذه الطريقة إذا لم يفز التيار بالضربة القاضية، سيفوز بطريقة جمع النقاط عبر استمرار نشاطاته المختلفة وإنفاذ إراداته داخل البرلمان"، مشيرًا إلى أن "الصراع ذاهب بهذا الاتجاه، من مواجهة مباشرة إلى مواجهة طويلة الأمد".