01-أكتوبر-2018

ألبرتو غياكوموتي/سويسرا

 العزلة المقدسة 

 لست وحيدًا كما ينبغي يمكنك أن تطيل النظر في زهرة    
كي تصبح حديقة وينبت العشب من بين عظامك
أو تطالع صفحات كتاب قديم لتبحث عن ذكرى
خطًّتها أصابعك المرتجفة عندما كان الشتاء
يمطر قصائد وأغنيات ويرسل إليك إشاراته الغامضة
لست وحيدًا كما ينبغي.. هناك أشياء كثيرة لتفعلها
أن تجلس مع غودو في مقهى المدينة  منتظرًا عودة شكسبير 
أو تلعب الشطرنج مع ملك من ملوك اتلانتيس 
يمكنك أيضًا أن ترحل مع الطيور وهي تفر مذعورة
من رصاصة ضلَّت طريقها
أو تتأمل وجه طفل يرسم بدمعته تجاعيد النهار
لستَ وحيدًا كما ينبغي
يكفي أن تبتسم امرأة في وجهك.. بكت قبل عشرة أعوام 
عند منحدر النهر لأنها نجت من الموت بأعجوبة
يكفي أن تغمض عينيك في العتمة وتحلم بأسلافك الآلهة 
أو تستمع لإحدى سيمفونيات بيتهوفن لترى كم صغير هو العالم كحبة رمل

احتفي بعزلتك
ولتبقَ وحيدًا.. كأي نبي 
ففي الخسارات وحدها
تلتمع الحقيقة وتكتمل الأساطير

 

***

 

أبناء الشمس 

هذا الخريف يوقظ فينا حواس العالم البعيد
خيط العتمة الذي يشطر المساء إلى نصفين 
الطائر المتواري بين الغيوم الداكنة
القطة المحتضرة في الحديقة الخلفية 
الأشجار وهي تصلي للرياح
أنين الموسيقى وهي تغرق في بحر الظلمات 
لكن لا أحد يبالي بهذه الكينونة المغتصبة 
لا أحد يبالي كم مرة احترقت الأرض
وكم مرة أغرقها الطوفان 
لم نكن سوى عبيد الزمن المخلصين 
خلف الأوهام والأصنام  التي شيدناها
تكمن هشاشتنا  وكفاحنا من أجل السراب 
وخلف ذواتنا الحقيقية
تكمن المحبة السماوية والسر الخالد
هناك.. حيث اليقظة المتجمدة في الأعماق
وصوت إلاله المتوحد فينا 
نحن أبناء الشمس جئنا من صيحة العدم
مثقلين بدموع المتاهة 
من الضباب الرمادي جئنا 
من أوردة المجرات البعيدة 
لكننا نعرف أن كل هذا سيمضي 
ونحن أيضًا سنمضي  بعد القيامة
تاركين ظلالنا ورسائلنا محفورة على الجدران

 

اقرأ/ي أيضًا:

الأرجوحة

الشتاء الجميل