09-سبتمبر-2018

أنمار رحمة الله خلال أعمال الورشة

من النادر جدًا أن يبوح الكاتب بسرّ إبداعه في هذا الوقت، خصوصًا إذا حوّل هذا السر إلى دروس مكثفة يتلقفها المشغوفين بالكتابة الأدبية وبالمجان، في ظل وجود المؤسسات والورش التي يتطلب الانخراط فيها التكاليف المالية الباهظة، مما يحول الثقافة إلى مشروع كسب وعيش وحرمان لأبناء الطبقة الفقيرة او المتوسطة.

حوّل القاص العراقي أنمار رحمة الله ورشة القصة القصيرة إلى ما يشبه اكتشافًا جماعيًّا لأسرار مهنة القص

أقامت "مؤسسة الثقافة والفنون"، في محافظة السماوة بتاريخ 3 أيلول/سبتمبر الجاري، ورشة لكتابة القصة القصيرة، بإشراف الأستاذ القاص أنمار رحمة الله. الورشة التي استمرت ثلاثة أيام، بواقع ساعتين في اليوم تناولت الجوانب النظرية والعملية، بذل فيها صاحب "واسألهم عن القرية" جهودًا مضنية بتواضع ملحوظ وحرص على عدم إضاعة الوقت، ونزولًا إلى مستوى المتلقي في فهم المطالب والمحاور التي تناولها، حيث عبر أنمار رحمة الله عن طريق حسابه في الفيسبوك "لقد تحدثت بصدق.. صدق شديد عن محبوبتي الكبرى: القصة".

اقرأ/ي أيضًا: القصّة القصيرة.. وعي اللحظة والتقاطُها

في اليوم الأول، تناول أنمار رحمة الله تاريخ القصة وتعاريفها المختلفة بشكل مختصر، وحتى أساطينها الثلاث في القرن التاسع عشر، وعرّج على عناصرها وخصائصها وأهم التماثلات بينها وبين الرواية والأجناس الأدبية المختلفة، وقسم فيها المشاركين في الورشة الى ثلاث جماعات "جماعة ادغار الن بو" وقصته "القط الأسود"، حيث كلفهم بقراءة القصة وملاحظة خصائصها والرؤية التي يريد القاص ان يوصلها للمتلقي. و"جماعة تشيخوف" وقصته المشهورة "الشقاء "، أو "لمن أشكو كآبتي" في ترجمة أخرى، و"جماعة موباسان" وقصته "العقد ". وفي ختام اليوم الأول قام أنمار رحمة الله بتوزيع مجموعة قصصية بعنوان "أحفاد أوروك" صادرة عن اتحاد الأدباء في محافظة المثنى.

في اليوم الثاني، أكمل أنمار رحمة الله ما بدأه في اليوم السابق، حيث تكلم عن عناصر القصة وخصائصها وأنواع السرد، وقراءة قصص تشيخوف وألن بو وموباسان وتفكيكها ووضعها على خشبة التحليل والنقد، وإيضاح الرؤية والأساليب التي اتبعوها، وأهم العناصر التي لم تعد مرغوبة في قصة ما بعد الحداثة، وإفساح المجال للمشاركين بإبداء رؤيتهم وملاحظاتهم. لم تخلُ محاضرة أنمار رحمة الله من النصائح الثمينة التي تثري الراغبين في الكتابة في هذا المجال، حيث تكلم عن تجربته الشخصية كقاص مبدع أشاد به محمد خضير وغيره من المبرزين في الكتابة القصصية في العراق. تكلم عن الدور الكبير الذي تؤديه السينما للقاص، خصوصًا في جانب التكثيف والوحدة، التي هي من أهم خصائص القصة القصيرة والاستماع إلى الموسيقى التي تنشط مخيلة القاص، والوقت الملائم وطقوس الكتابة التي تخلق المزاج المناسب، وأخيرًا القراءة المكثفة التي ترفع رصيد الكاتب وتثري تجربته.

هدفت ورشة القصة القصرة التي أشرف عليها أنمار رحمة الله إلى تحويل اللقاء إلى حديث في صميم حرفة الكتابة

في اليوم الثالث والأخير، تكلم صاحب "عودة الكومينداتور" عن كيفية البدء بكتابة القصة، كيف يبدأ القاص وكيف ينتهي، مشيرًا في الوقت ذاته الى أنواع البناء القصصي كالبناء السببي (التتابعي) والتداخلي والمدور، وإلى مزيات وسلبيات تلك الأنواع، مطبقًا ذلك على مجموعة من القصص العالمية، وأشار أيضًا إلى التكنيك القصصي "الاستباق والاسترجاع"، وبيان الدور الذي يلعبه في تقوية مسار الأحداث وتبين أهمية الحدث داخل القصة.

اقرأ/ي أيضًا: القصة القصيرة جدًّا.. الكتابة بمنطق الرصاصة

اختتم أنمار رحمة الله في هذا اليوم حديثة عن المدارس القصصية، أو كما يسميها هو الأساليب الواقعية والرومانسية والبوليسية والخيال العلمي والواقعية السحرية والغرائبية، مبينًا أهم رواد هذه الأساليب، وأهم ما يميزها والعناصر المشتركة، وأهم خصائص كل مدرسة.

في ختام الورشة تم توزيع بطاقات شكر على المشاركين الذين تمنوا أن تتجدد هذه الفعاليات الثقافية في الأيام المقبلة، فيما دعا أنمار رحمة الله إلى تأصيل هذه التجربة في المستقبل القريب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

5 مفاتيح أساسية للدخول إلى عالم تشيخوف الأدبيّ

تشيخوف.. تداعيات شخصية