17-مارس-2019

ارتفاع تاريخي لمعدلات الطلاق في البلاد (Getty)

الترا عراق – فريق التحرير

كشفت إحصائية رسمية، عن ارتفاع تاريخي لمعدلات الطلاق في العراق، خلال عام 2018، بمعدل غير مسبوق، وسط توقعات بارتفاعها في البلاد إلى أكثر من مليون حالة بحلول 2020.

وقعت أكثر من ثماني حالات طلاق في البلاد بكل ساعة خلال العام الماضي بـ 79 ألف و569 حالة

الإحصائية التي كشف عنها مجلس القضاء الأعلى، أشارت إلى تسجيل 73 ألف و569 حالة طلاق خلال العام الماضي، مقابل 245 ألف و296 حالة زواج في مختلف محافظات البلاد.

وتصدرت العاصمة بغداد، محافظات البلاد بعدد حالات الطلاق بأكثر من 30 ألف حالة، تلتها البصرة بأكثر من 5800 حالة ثم بابل بأكثر من 5 ألاف، فيما جاءت خلفهم نينوى التي خرجت للتو من معركة طاحنة ضد الإرهاب بـ 4 ألاف 740 حالة.

اقرأ/ي أيضًا: وحش الطلاق في العراق.. 10 حالات كل ساعة!

أما أقل معدلات الطلاق فسجلتها محافظة المثنى، جنوبي بغداد، بألف و95 حالة فقط، في حين سجلت بقية المحافظات معدلات تتراوح بين نحو 2200 – 3600 حالة.

وسجلت بغداد أيضًا الصدارة بمعدلات الزواج بنحو 59 ألف حالة، تلتها البصرة بـ 19 ألف و781 ثم بابل بـ 17 ألف و836، فيما جاءت المثنى بأقل المعدلات بـ 6702 حالة.

احصائية مجلس القضاء الأعلى لحالات الزواج والطلاق في 2018

والإحصائية الجديدة هي الأعلى تاريخيًا في البلاد، وفقًا لمصدر قضائي صرح لموقع "ناس نيوز"، حيث حافظ العراق وللسنوات بين 2007 وحتى نهاية 2016، على نسب الطلاق سنويًا بين 45 - 55 ألف حالة، لكن النسبة ازدادت بنحو ملحوظ وبمعدل 50%، لنكون أمام 145 ألف حالة خلال سنتين فقط، فيما رجح ارتفاع معدلات الطلاق في البلاد منذ عام 2004 إلى مليون حالة بحلول 2020، "نظرًا لارتفاعها المستمر"، على حد قوله.

كانت البلاد قد سجلت العام الماضي، عددًا من حالات الطلاق الغريبة، منها ما قيدته محكمة استئناف البصرة، حين أقدم الزوج على تطليق فتاته العشرينية بسبب تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخرى بسبب لعبة "بوبجي".

تشير ترجيحات إلى أن معدلات الطلاق منذ عام 2004 ستصل إلى أكثر من مليون حالة بحلول 2020 في ظل ارتفاع مستمر للظاهرة

فيما يعد الزواج المبكر وزواج القاصرات، أحد أهم الأسباب المؤدية إلى ارتفاع معدلات الطلاق، إلى جانب الوضع الاقتصادي المتردي، وهو ما تشير إليه سجلات المحاكم العراقية، والتي وثقت آلاف حالات الطلاق لأزواج تتراوح أعمارهم ما بين 15 و18 عامًا.

ويشير مختصون إلى أن بعض الأهالي يضطرون تحت ضغط التدهور الاقتصادي والفقر أو النزوح، إلى تزويج بناتهم في عمر مبكر للتخلص من أعبائهن، من دون أن يكون لأيٍّ من طرفي الزواج وعيٌ بمسؤوليته سواء اجتماعيًا أو حتى قانونيًا.

كما أثر ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق عام 2014، على ارتفاع حالات الطلاق في المناطق التي احتلها التنظيم، لدواع طائفية أو بسبب النزوح الذي اضطرت إليه آلاف الأسر خلال اجتياح مقاتلي التنظيم لنحو ثلث مساحة البلاد، وعمليات التحرير التي خاضتها القوات العراقية على مدى أكثر من ثلاث سنوات لطردهم.

وتبين البيانات الرسمية الصادرة عن السلطة القضائية في العراق، أن العامل الرئيسي لارتفاع معدلات الطلاق، هو التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، وتعدد وسائل الاتصال والتطبيقات الحديثة والاستخدام السلبي لها، حيث تذهب بعض النساء ضحية سوء الظن، فيما تتسبب العلاقات "غير المشروعة"، والتي تفتح مواقع التواصل الباب واسعًا أمامها، بعشرات آلاف المشاكل، والتي قد ينتهي جزء كبير منها بالطلاق، أو وقد يؤدي بعضها إلى ماهو أفظع، حيث جرائم القتل تحت مسمى "جرائم الشرف".

ويؤكد القضاء العراقي، أن "قضايا الابتزاز الإلكتروني"، كانت إحدى الصور التي شكلت نسبةً من أسباب حالات الطلاق، فضلًا عن تدخل الأهل في شؤون الأزواج وانخفاض مستوى الوعي الفكري والثقافي بين الزوجين، واختلاف المستوى العلمي والتحصيل الدراسي.

ويرى مختصون، أن المرأة هي "الخاسر الأكبر"، نتيجة هذه الظاهرة المتفاقمة، لأن المرأة العراقية "لا تزال تفتقر إلى الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي الذي يضعها تحت وطأة ضغوط كبيرة، وفي مواجهة مفاهيم اجتماعية لم يزعزعها ارتفاع نسب الطلاق إلى حد الخطر"، محذرين من الثمن المضاعف الذي تدفعه المرأة العراقية أمام المد العشائري الذي ينتشر في المحافظات على حساب المدنية وغياب سلطة قوية للقانون في البلاد.

كان "الترا عراق" قد استعرض في تقرير سابق روايات بعض النساء المطلقات، رفضن الكشف عن أسمائهن، عن تعرضهن إلى التحرش أو الابتزاز الجنسي، خلال العمل، أو مراجعة الدوائر الرسمية لاستلام المستحقات المالية الشهرية التي يفرضها القانون على الزوج (النفقة ومؤخر الصداق). فيما تشتكي بعضهن من "الإجراءات الروتينية المعقدة"، التي يضطررن إلى خوضها شهريًا، في المحاكم، حيث تستغرق أحيانًا أكثر من ست ساعات.

وعلى الرغم من ذلك فقد كشفت إحصائيات سابقة للسلطة القضائية أن نحو 70% من دعاوى الطلاق أمام المحاكم ترفعها المرأة، حيث يكفل لها قانون الأحوال الشخصية خيارين: إما رفع دعوى التفريق وعندها يكون على عاتقها عبء إثبات وقوع ضرر من الزوج مثل حالات العنف العائلي أو إذا كان الزوج محكومًا عليه بالسجن لأسباب مختلفة، منها إدانته بالانضمام إلى تنظيم داعش، أو الخلع والذي يتفق فيه الطرفان على الطلاق لكن بعد أن تتنازل الزوجة عن كل أو بعض حقوقها.

يعد الزواج المبكر ومواقع التواصل الاجتماعي فضلًا عن المشاكل المجتمعية والإرهاب أبرز أسباب الطلاق في ظل غياب حقوق المرأة وتعرضها لمشاكل التحرش والابتزاز الجنسي عقب الطلاق

مع كل تلك الرقام المرعبة فإن الحديث عن خطورة ظاهرة الطلاق والتفكك الأسري والعنف ضد المرأة، لم يعد مُقتصرًا على الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، حيث حذر وكيل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، العام الماضي، من خطورة ارتفاع نسب الطلاق في البلاد بسبب مشاكل أغلبها "شكلية"، محملًا المجتمع مسؤولية هذه الظاهرة، فيما دعا أعيان ووجهاء المجتمع إلى تثقيف وبناء ولملمة الأسرة والأولاد.

ووفقاً للمادة 39 من قانون ‌‏الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، والتي تنص على وجوب إقامة الدعوى في المحكمة ‏الشرعية، لمن يريد الطلاق والحصول على حكم، وعلى الرغم من ذلك، إلى أن هناك نحو 70% من حالات الطلاق تتم خارج تلك المحاكم، حيث يلجأ كثيرون إلى المكاتب الشرعية لتوقيع الطلاق تفاديًا لمحاولات الصلح التي يقوم بها القضاة في محاكم الأحوال الشخصية، ما يؤشر إلى غياب الوعي القانوني وعدم إدراك نتائج التفكك الأسري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الطلاق في العراق.. أزمة مستجدة فوق الدم

يد القبيلة الخفية في العراق.. خزان السلطة الموازية