25-مارس-2021

تظهر فيدوات وجوه الكثير من أبناء العشائر وهم يحملون السلاح (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لا تخلو المواقع الأخبارية بشكل شبه أسبوعي من أخبار النزاعات العشائرية، ولا يبدو الأمر غريبًا عند قراءة استخدام أسلحة متنوعة الحجم، والتي لا تقتصر على أطراف النزاع، لتمتد إلى مساندة أفراد العشيرة، وتوثق تسجيلات فيديوية تجمهر المئات من أفراد العشائر يستعرضون بأسلحتهم، بالقرب من منازل وأملاك الخصم.

تظهر التسجيلات الفيديوية على مواقع التواصل الاجتماعي وجوه الكثير من أبناء العشائر وهم يحملون السلاح

وتنتهي النزاعات العشائرية غالبًا بتسويات وفقًا للأعراف الاجتماعية، وبرعاية وزارة الداخلية، والسؤال يطرح عن دور الأجهزة الاستخبارية في تحديد وملاحقة الأفراد المساندين لأطراف النزاع، والذين تظهرهم التسجيلات الفيديوية المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يحملون الأسلحة، وبوجوه مكشوفة.

اقرأ/ي أيضًا: دولة العشائر.. بين فقدان الشرعية واستثمار الهوية

وبحسب السياق العراقي، فإن الخطوة الأولى تكون بأخذ "عطوة" للطرف المعتدي أو صاحب الخسائر الأكبر، يرافقها دعوى قضائية تقتصر على أطراف النزاع بشكله الأول، وأحيانًا تمتد لبعض الأسماء بتهمة التحريض، لكن لا يمتد الأمر لباقي أفراد العشيرة الذين حملوا الأسلجة، ولعبوا دورًا في التصعيد والاعتداءات التي تسبق الـ"العطوة".

مقارنة

يقارن سلام السراي وهو وجه عشائري، بين النزاعات قبل وبعد 2003، ويقول إن "النزاعات التي تحدث قبل 2003 قليلة جدًا، ولا تشهد التطورات التي نلاحظها حاليًا، ووجود الأسلحة في ذلك الوقت بهذه الكميات والنوعيات، جريمة خطرة قد تؤدي بمرتكبها إلى الإعدام".

ويضيف السراي لـ"ألترا عراق"، أن "الأمر يتعلق بالدرجة الأساس بقوة رجل الأمن، فقبل 2003، كان أكبر نزاعًا عشائريًا ينتهي بدورية واحدة، قد لا يأتي فيها ضابط، وغالبًا ما تجبر السلطة أطراف النزاع على الصلح والتراضي، وليس تدخل دور الوسيط المفاوض، وتنقل بين الطرفين، كانوا يأتون بطرفي النزاع ويخضعوهم لما يريدون".

ويعزو السراي تفشي ظاهرة الاستعراضات المسلحة خلال النزاعات العشائرية إلى سببين؛ الأول، أن ضعف القانون يجبر جميع أفراد العشيرة على مساندة أي فرد من أبناء عمومتهم، سواء كان ظالمًا أو مظلومًا، لأنهم يشعرون بحاجتهم في يوم ما لهذه المؤازرة، نتيجة ضعف القانون وهيمنة دور العشيرة في التسويات.

والسبب الثاني بحسب السراي، أنهم يعرفون المسار القانوني في هذه القضايا، والحدود المرسومة للقوات الأمنية، بظل توجيهات القضاء، وغالبًا ما تخضع الدعوة القانونية إلى محددات عشائرية، كأن تقتصر على أطراف النزاع الرئيسيين، ولا تمتد لمن حملوا السلاح وهددوا أو أحرقوا، بالتالي هو يقدم خدمة كبيرة لعشيرته تعزّز من مكانته، ووضعه القانوني مؤمن بشكل كبير.

أصدرت السلطات في ذي قار أمر قبض بحق شيخ عشيرة لكن نحو 500 مسلح من عشيرة الشيخ قطعوا الشوارع الرئيسية في المحافظة 

وفي سياق الحديث عن عواقب المساندة المسلحة لأفراد العشيرة، يقول السراي إن "الأوضاع قبل 2003، لم تشهد هذه الظواهر، وأن كانت بنطاق محدود ففي المناطق الريفية التي تبعد عن مركز المدن، ولحظة حدوثها تستدعي التدخل الحازم من السلطات"، وفيما لا ينفي السراي "دور المؤسسة الاستبدادية والقمع الذي كانت تمارسه السلطة، يدعو إلى "ضرورة وضع آليات جديدة تعالج المحددات التي تواجه رجل الأمن، وتوسع من سطوة العشائر".

اقرأ/ي أيضًا: "مطلوب دم".. هل ينقذ فيسبوك الصحافيين من "بطش المسؤولين" بسلاح العشائر؟

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر في محافظة ذي قار، بصدور أمر قضائي بإلقاء القبض على شيخ عشائر خفاجة العام في العراق، مشيرًا إلى أن "المئات من رجال العشيرة خرجوا مسلحين وقطعوا طريقًا رئيسيًا في المحافظة لمنع تنفيذ الأمر".

وذكرت أن "محكمة تحقيق الشطرة أصدرت أمر قبض بحق الشيخ عامر غني الصگبان شيخ عشائر خفاجة العام في العراق، وذلك لوجود دعوى قضائية في المحكمة ضد الشيخ بسبب خلاف مع أحد الأشخاص وبلدية الشطرة على موقع أرض زراعية وعلوة للأبقار".

وأشار إلى أن "نحو 500 رجل مسلح من عشيرة الشيخ في مناطق خفاجة شمالي محافظة ذي قار، قعطوا الشوارع بالإطارات المحترقة والطريق الذي يربط قضاء الشطرة بقضاء الغراف احتجاجًا على صدور مذكرة القبض".

وأضاف المصدر، أن "هناك تصعيدًا سيشمل كافة مناطق العراق، ولن يقتصر على ذي قار".

القضاء.. رجل الأمن

من جهته، يعتقد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية سعران الأعاجيبي، أن المشكلة بالدرجة الأساس، التمرد على القانون الذي يتحمله رجل الأمن، ومجلس القضاء الأعلى، وبالرغم من وجود القوانين الرادعة، إلا انها لا تطبق بشكل صحيح من قبل قضاة التحقيق وضباط القوات الأمنية، ولا بد من تقوية موقف رجل الشرطة في الشارع وأن يكون له الدور البارز.

وأضاف الأعاجيبي لـ"ألترا عراق"، أن "التسجيلات الفيديوية المتداولة، لا يأخذ بها القضاء، وهي للاستئناس، وتتطلب مدعي بالحق الشخصي، وبالتالي القضاء لا يساند رجل الشرطة".

يغيب الدور الاستخباري، في النزاعات العشائرية، وفي بعض الأحيان يتجاوز أفراد العشيرة بأسلحتهم سيطرات رئيسية دون أن يوقفهم أحد، بحسب رئيس مجلس عشائر البصرة الشيخ رائد الفريجي، والذي يقول إن "التسجيلات الفيديوية، تظهر هذه التجاوزات بشكل واضح، دون أن يتخذ بحقها أي إجراء رادع، ما يسهم بتكرارها وتعاظمها".

يقول رئيس مجلس عشائر البصرة إن بعض زعماء العشائر تربطهم علاقات وطيدة مع زعامات عشائرية

ويضيف الفريجي في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "بعض العشائر تربطها علاقات وطيدة بزعامات وكتل سياسية، وتمثل عشائرهم القواعد الشعبية للقوى السياسية في الانتخابات، ما يجعل بعض القادة الأمنيين يتحاشوهم، ولا ينفذون الدور المطلوب منهم، تجاه عشائرهم"، لافتًا إلى أن "شيوخ العشائر بإمكانهم الوصول إلى الحكومة الاتحادية، والضغط باتجاه تغيير قائد أمني، واستبداله بحسب طلبهم، ما يجعل النزاعات مستمرة، والآليات الصحيحة لمعالجتها غائبة".

الاستقواء بزعماء الكتل السياسية وتغيير قادة الأمن.. النزاعات العشائرية "تنتعش" في ظل القانون 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

معارك أسبوعية في المدن.. ما هي آليات السيطرة على سلاح العشائر؟

تحقيق| منفذ مع إيران تتقاسمه "العصائب" و"السواعد".. لا حصّة لميسان غير الفقر