08-مارس-2019

المكان الذي استهدف فيه الحشد الشعبي (فيسبوك)

للمرة الأولى منذ سنوات تعود للواجهة الهجمات التي تستهدف قوى الأمن العراقية على الطرق الخارجية، وهذه المرة الاستهداف كان مباشرًا للحشد الشعبي "التركماني" الذي يحمي بلدة الطوز المتنازع عليها، الأمر الذي كشف عن "اختراق" لمنظومة الحشد الشعبي مع التطورات الإقليمية الأخيرة في المنطقة.

استهداف "الحشد الشعبي" هذه المرة كشف عن "اختراق" منظومة الحشد الأمنية في المناطق المحررة والمتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم

وتعرض التركمان منذ سنوات إلى هجمات مباشرة في طوزخورماتو أو الطوز أو الدوز كما يسميها سكانها بتنوعهم العرقي والديني والمذهبي، لكن الهجوم الأخير كان خارج حدود البلدة الصغيرة، حيث وقع على الحدود بين محافظتي نينوى وكركوك في الشمال.

اقرأ/ي أيضًا: ما معنى إعادة نشر 1000 عنصر من البيشمركة في كركوك؟

يقول أحد العناصر المصابين الذين نقلوا إلى مستشفى أطباء بلا حدود في بلدة القيارة جنوب نينوى، لـ"ألترا عراق"، إنه "كان برفقة 90 عنصرًا من حشد الشهيد الصدر التركماني قادمين من الطوز إلى الموصل لغرض مراجعة مقرهم العام لإصدار بعض الأمور الادارية، محملين ببعض الأسلحة الخفيفة المحدودة، وعند انتهاء عملهم في حدود السابعة والنصف مساءً توجهوا نحو طريق مخمور قادمين من الموصل، لكنهم تعرضوا على مشارف الدبس في كركوك وهم في حدود مخمور لهجوم شنه عناصر تنظيم "داعش".

أضاف، أنه "لا يعرف عدد المهاجمين بالتحديد، فالمنطقة مظلمة ووعرة وأماكن انطلاق الرصاص مجهولة كانت في حدود الساعة 8 مساءً، لكنهم قاموا لساعة حتى وصلتهم الامدادات".

مسؤول الإعلام في الحشد التركماني، علي الحسيني، وهو جزء من منظومة الحشد الشعبي، قال لـ"ألترا عراق"، إن "6 من عناصر الحشد لقوا حتفهم وأصيب 31 بعد مقاومة شرسة، وإن الأمر ليس سياسيًا، وإنما أمني بحت، مطالبًا "الحكومة العراقية بالإسراع في فرض الأمن في تلك المناطق المتاخمة لإقليم كردستان وباقي المحافظات".

الحلقة المفقودة: اسم "الصدر" قد يكون المستهدف!

تبقى هناك حلقة مفقودة بهجوم "الحشد الشعبي" كما يرى خبراء ومختصون، الذي صار إضافة إلى وجوده العسكري يتحرك بطموحات سياسية متصلة بالوضع الإقليمي والدولي، وبهذا الصدد، يقول أستاذ العلوم السياسية والخبير الأمني في جامعة أربيل، على اغوان لـ"ألترا عراق"، إن "هناك حلقة مفقودة في الهجوم على الحشد، مبينًا "هناك أربع جهات عادة ما ترفض كيان الحشد بشكله العام أو بجزئيات، وهناك استهداف متكرر للحشد الذي يحمل اسمًا أو شعارات الصدريين الذين على اختلاف مع إيران على عكس باقي الفصائل المقرّبة منها، مشيرًا إلى ما حدث "مؤخرًا في سامراء وتكررت اليوم على مشارف نينوى وكركوك لا نستبعد أي بعد سياسي فيه، بالرغم من أنه لا يزال مبهمًا حتى الآن، ولا يمكن اتهام أي جهة، مستدركًا "ولكن لا يمكن التغاضي عن تغلغل الإرهابين بين المحافظات"، بحسب قوله.

القادة دائمًا يصورون الوضع آمن ويمكن الخروج بأي وقت ومن دون أسلحة الأمر الذي جعل بعض عناصر الحشد يعتقدون بوجود "مؤامرة" 

عنصر في الحشد التركماني ممن كان متواجدًا ساعة الهجوم فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، تساءل "عن كيفية القول لهم من قبل القادة، إن الوضع آمن ويمكن الخروج بأي وقت حتى وإن كانوا بلا أسلحة، وهو ما نفذه عناصر الحشد الذين يرافقوه، معتقدًا بـ"وجود مؤامرة كانت لاستهدافهم".

اقرأ/ي أيضًا: رقصة كركوك مع الموت.. مدينة التنوع العراقي على حافة العنف المزمن

وقال في حديثه لـ"ألترا عراق"، إنه "دائمًا ما يتعرض تركمان الطوز لهجمات وحياتهم تتعرض للخطر في داخل منازلهم وخارجها، فنحن لسنوات نتعرض لتفجيرات واستهداف من دون أي رادع للجهات التي تستهدفنا، وكذلك هو الحال بالنسبة للحشد حيث نستهدف بالطائرات والهجمات منذ عمليات التحرير ولم يتحرك أي مسؤول عراقي لأجلنا".

الأمريكان والروس تتناغم مصالحهم مع الاضطرابات

وفي ذات النطاق، يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جيهان بأربيل،  خليل إسماعيل، إن "ضغط قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في الباغوز السورية آخر معاقل "داعش" دفع الخلايا النائمة للتجحفل مجددًا بين المدن العراقية لإثبات وجودها، بعضهم تسلل من الحدود وآخرين كانوا موجودين أصلًا في العراق".

أضاف إسماعيل في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "المسألة ليست بيد العراقيين أو السوريين، وإنما بيد قوى فاعلة في المشهد وهم الأمريكان والروس حيث لا يريدون أن يغلق الملف الأمني لضمان مصالحهم وسط هذه الاضطرابات".

رئيس الوزراء يوجه بالتحقيق في الهجوم

بهذه الأثناء وجه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بفتح تحقيق في ملابسات الحادث، الذي اعتبره اعتداء ارهابي وجبان تعرض له مجموعة من منتسبي الحشد الشعبي.

وشدد عبد المهدي في بيان تلقى "ألترا عراق"، نسخة منه، على "القادة الميدانيين للالتزام التام وتوفير الاحتياطات اللازمة وتأمين الحماية لأرتال المجازين".

وكان المجازون قبل اجتياح "داعش" لمدن في الشمال العراقي والوسط عرضة مستمرة للهجمات المسلحة التي ينفذها عناصر التنظيم المتطرف، ولكنها تراجعت منذ أربع سنوات بشكل لافت وملحوظ، خلال الحرب التي شنتها القوات العراقية على معاقل "داعش" بدعم دولي، قبل أن تعود مجددًا إلى الواجهة.

الكرد يدخلون على الخط

من جانبه، أعلن مسؤول محوري مخمور والكوير في قوات البيشمركة سيروان بارزاني عن استعداد الإقليم لدعم الجهود عقب الهجوم الذي استهدف الحشد الشعبي، الأمر الذي رآه مراقبون، تطور ملحوظ في العلاقات بين كردستان والحشد الشعبي، حيث أنها توترت منذ دخول الجيش العراقي والحشد الشعبي إلى المناطق المتنازع عليها في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 بأمر من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وهو ما أشارت إليه مصادر سياسة عن توجه بعض ساسة الكرد إلى إيران بعد توتر علاقاتهم مع أمريكا عقب فشل الاستفتاء.

وقال مدير صحة أربيل سامان برزنجي في بيان اطلع عليه "ألترا عراق"، إن "بارزاني أوعز بأرسال طواقم طبية إلى بلدة مخمور لغرض تقديم المساعدة للمصابين جراء الهجوم على عناصر الحشد الشعبي".

المسألة ليست بيد العراقيين أو السوريين، وإنما بيد قوى فاعلة في المشهد وهم الأمريكان والروس حيث لا يريدون أن يغلق الملف الأمني لضمان مصالحهم وسط هذه الاضطرابات

فيما أكد مسؤول وكالة الأمن والمعلومات في إقليم كردستان العراق لاهور شيخ جنكي للصحفيين على هامش ملتقى السليمانية المنعقد في محافظة السليمانية، على أن "الحل في المناطق المتنازع عليها وعلى حدودها يكمن في تسليمها إلى الشرطة المحلية، كما كان معمولًا به قبل 2014 ويعود الجيش والبيشمركة إلى الحدود لبسط الأمن"، وهي دعوة تحدث بعد كل الخروق الأمنية التي تشهدها المناطق المتنازع عليها. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

إثر"خذلان أمريكا" في الاستفتاء.. الكشف عن صفقة بين مسعود بارزاني وإيران

النصر المتوهم.. تسريب حصري يجيب سؤال إلى أين ذهب عناصر داعش في العراق؟