30-ديسمبر-2022
الأراضي الزراعية

قدرة السياسيين الجنونية تشعل الأسعار في بغداد (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

تشهد بغداد تحولًا كبيرًا على مستوى القطاع السكني، إذ باتت تنتشر ظاهرة تجريف الأراضي الزراعية في العاصمة وتحويلها إلى سكنية دون الأخذ بنظر الاعتبار السلبيات المترتبة جراء هذه الخطوات غير المدروسة، وفقًا للمختصين.

تهدّد زيادة ملوحة التربة القطاع الزراعي 54 بالمئة من الأراضي المزروعة

وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وافق مجلس الوزراء على تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية "طابو"، فيما حدّدت وزارة الزراعة، شرطًا لتمليك الأراضي بالقول إنّ "جنس الأراضي الزراعية لن يتحول إلى أراض سكنية إلا بعد رفع يد الإصلاح الزراعي عنها".

تجريف متعمد

يقول علي سعيد، من سكنة منطقة الدورة (جنوبي بغداد)، لـ"ألترا عراق"، إن!ّ "هناك تغيرًا كبيرًا في جغرافية المنطقة حيث أن المناطق الخضراء (البساتين)، بدأت تختفي وتتحول يومًا بعد آخر إلى أراضي زراعية تباع من أجل السكن".

ويضيف سعيد، أنّ "هناك أياد خفية تدير عملية تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية رغم الإجراءات الصارمة التي تفرضها القوات الأمنية على المواطنين الذين يقدمون على بناء المنازل".

ويشير المواطن، إلى أنّ "الأراضي الزراعية في المنطقة تجرف بشكل كامل منذ سنوات دون أي تحرك حكومي لمنع هذه الأعمال التي تخرب البيئة في العاصمة"، مبينًا أنّ "المستثمرين يقومون بمد أنابيب المجاري وأعمدة الكهرباء ثم إكساء الطرق فيها تمهيدًا لبيع الأراضي بأسعار تقارب الأراضي (الطابو)".

وبحسب تقديرات الحكومة، فإنّ التصحر في العراق وصل إلى نسبة 39%، فيما تهدّد زيادة ملوحة التربة القطاع الزراعي 54 بالمئة من الأراضي المزروعة، الأمر الذي يزيد من مخاوف فقدان أغلب المساحات الخضراء في عموم أنحاء المحافظات.

من جانبه يقول أبو مريم، أحد سكنة العاصمة بغداد في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "عمليات بيع الأراضي الزراعية تتم تحت أنظار الدولة، إلا أنها لا تحرك ساكن"، موضحًا أنّ "الكهرباء والماء والمجاري الموجودة في هذه المناطق ترتبط بشكل غير قانوني بالمناطق السكنية مما سبب زخمًا على هذه الشبكات".

ووفقًا لحديث أبو مريم، فإنّ سكوت الحكومات المتعاقبة على هذه الظاهرة يثير تساؤلات بشأن تورط جهات سياسية بالملف، مطالبًا الجهات المعنية بالحد من ظاهرة تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية.

سياسيون وراء الأزمة

ويقول أحد أصحاب محال العقارات في بغداد، إنّ "جميع الأراضي في العاصمة بغداد تشهد ارتفاعًا غير مسبوق في أسعارها رغم كونها زراعية وليست سكنية"، لافتًا إلى أنّ "أسعار الأراضي التي تبلغ 100 متر تبدأ من 50 مليونًا وتنهي بـ 90 مليونًا".

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يشير إلى أنّ "الجهات التي تقف وراء المستثمرين الذي يقدمون على شراء الأراضي الزراعية وجعلها سكنية هم سياسيون"، مؤكدًا أنّ "جهات سياسية هي التي تدير بالخفاء عمليات شراء وبيع الأراضي في بغداد".

ووفقًا لكلام صاحب محال بيع العقار الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، فإنّ الجهات السياسية هي التي تسهل المعاملات الرسمية في الدوائر الحكومية، فضلًا عن إجبار أمانة بغداد على العمل في إنشاء البنى التحتية لهذه الأراضي من خلال علاقاتهم.

وختم حديثه بالقول إنّ "أسباب ارتفاع أسعار الأراضي في عموم بغداد يعود للقدرة الشرائية الجنونية للجهات السياسية للعقارات في جميع المناطق".

وهناك 4 آلاف مجمع عشوائي في عموم العراق، تضم 522 ألف وحدة سكنية، ربعها في العاصمة بغداد، وبواقع 1022 عشوائية، تليها البصرة بواقع 700 مجمع عشوائي، وفقًا لإحصائيات وزارة التخطيط.

وعلى الرغم من وجود بغداد ضمن قوائم المدن الأسوأ للعيش، لأكثر من سنة على خلفية تدني مستوى المعيشة والفوضى الأمنية وسوء الخدمات، إلا أنّ أسعار العقارات والأراضي السكنية والزراعية تشهد ارتفاعًا كبيرًا. 

لمحة قانونية

وبحسب القانون العراقي للعام 1993، فيحظر تجريف الأراضي الزراعية أو نقل أتربة منها، إلا أن الحكومة لم تحاسب أي شخص قام بتجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية، وإنما أصدر قرارًا بتمليكهم لهذه الأراضي.

وبصدد هذا الموضوع، يقول الخبير القانوني، علي التميمي، لـ "ألترا عراق"، إنّ "قرار مجلس الوزراء بشأن تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية الزم أمانة بغداد بإعادة التقسيم الأساسي للمدن وتفعيل قانون 581 لسنة 1981 الخاص بتمليك الأراضي الزراعية والبساتين الواقعة ضمن حدودها والتي تقرر لها استعمالات غير زراعية".

وأضاف التميمي أنّ "هذا القرار يسري على البلديات في المحافظات وفق القانون 80 لسنة 1971 والقانون 184 لسنة 2002، وهو جواز تملك الجهات الرسمية البساتين والأراضي الزراعية لقاء بدل نقدي"، مؤكدًا أنّ "القانون أوجب على أمانة بغداد والبلديات إعداد التصاميم المطلوبة (للأراضي الزراعية)، بما ينسجم مع التصاميم الأساسية للمدن".

أما القيمة المالية للقرار، فتقدرها اللجان وفق المواد 7 و 8 من القانون 21 أسنت 2013 (قانون بيع وإيجار أموال الدولة)، والكلام للتميمي الذي أوضح أيضًا أنّ "شروط التملك أن يكون المستفيد هو شاغل العقار ولا يجوز تملك أكثر من قطعة وأن يقدم الطلب للتمليك خلال 90 يومًا من تاريخ صدور القرار".

أسباب ارتفاع أسعار الأراضي في عموم بغداد يعود للقدرة الشرائية الجنونية للجهات السياسية

وأنهى الخبير القانوني، حديثه قائلًا إن "القرار يسري على الأراضي الزراعية المملوكة للدولة والمقامة عليها دور سكنية، ولا يشمل  الأراضي الزراعية المملوكة للأفراد".