23-مارس-2017

صدم سكان الأنبار بعد عودتهم من حجم الخراب الذي لحق بكل شيء (جون موور/Getty)

لم ينعم سكان المدن المحررة من سيطرة تنظيم البغدادي في محافظة الأنبار، بفرحة استعادة مدنهم من قبل القوات الحكومية، حتى أصيبت فرحتهم بمأتم، نتيجة حجم الدمار والخراب الذي لحق بمنازل المدينة وبناها التحتية على إثر معارك استعادتها.

لم ينعم سكان المدن المحررة من سيطرة تنظيم البغدادي في الأنبار، بفرحة استعادة مدنهم حتى صدموا بحجم الدمار والخراب الذي لحق منازلهم

نسب التدمير والأضرار ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها سكان مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، يوسف العيساوي، أحد سكان المدينة، تحدث مع "ألترا صوت": "منازلنا المتضررة واقع بدأنا التأقلم معه، منزل محترق أو متضرر أرحم من خيمة في سجون المخيمات، مع انعدام الأمل بوجود تعويض حكومي"، مضيفًا: "مشكلتنا الأصعب هي البطالة في مدينة الآلاف من شبابها عاطلون عن العمل مع حصار اقتصادي متعمد"، متهمًا الجهات الحكومية أنها السبب.

اقرأ/ي أيضًا: عراق ما بعد داعش

أحمد المحمدي، سائق شاحنة يعمل على نقل المواد الإنشائية، يؤكد هذه الاتهامات قائلاً: "تجاوز نقاط التفتيش مشكلة نعاني منها نحن سائقي الشاحنات، إذ تكلفنا المزيد من الوقت والمصاريف نتيجة فرض عناصر السيطرات إتاوات عند العبور من خلالها". مضيفًا: "لاسيما نقاط التفتيش الواقعة على طريق كربلاء-الفلوجة، وبغداد-الفلوجة، معامل الـ70 كيلو غرب الرمادي-الفلوجة، وهذا ما يؤثر على أسعار المواد والبضائع التي نقوم بنقلها عند طرحها في الأسواق"، بحسب تعبيره.

في إطار الشكوى والتذمر، حمّل المواطن مصطفى الدليمي صاحب معمل في الحي الصناعي الإدارة المحلية مسؤولية هذا الواقع معتبرًا أن "الإدارة المحلية، بتقاعسها عن فتح الحي الصناعي، تعتبر سببًا رئيسيًا لهذه البطالة والحصار"، مناشدًا "بفتح الحي الصناعي وتقديم تسهيلات لأصحاب المعامل والورش لعودة مزاولة أعمالهم".

ناشطون ووجهاء أيضًا من سكان المدينة صرحوا من خلال "ألترا صوت"، ومنهم الناشط شاكر الجنابي قائلًا: "طالبنا ولا نزال نطالب بفتح شريان المدينة الاقتصادي ألا وهو الحي الصناعي الذي يعتبر أحد أكبر الأحياء الصناعية في العراق"، معتبرًا أن "فتح الحي يساهم بنقلة نوعية في الحياة الاقتصادية للمدينة، وتشغيل وعودة الآلاف من شبابها العاطلين إلى العمل". كما طالب عدد آخر من الناشطين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بتقديم قروض لمشاريع بسيطة لهذه الفئة من شأنها أن تساهم في القضاء على البطالة ورفع المستوى الاقتصادي للمدينة".

يعاني الآلاف من شباب الأنبار من البطالة إضافة إلى حصار اقتصادي متعمد فرضته الحكومة حسب تصريحات عمال وناشطي المدينة لـ"ألترا صوت"

وانتقدوا في الوقت ذاته، آلية المشاريع التي تقوم بها المنظمات. يقول محمد العكاشي، ناشط إعلامي في المدينة: "طالبنا مرارًا بأن يتم تخصيص نسبة من مشاريع المنظمات الدولية العاملة في المدينة، وبإقامة مشاريع تصب بالنهوض بالواقع الاقتصادي والقضاء على مشكلة البطالة".

وقد التقى "ألترا صوت" مع أحد مسؤولي الإدارة المحلية للوقوف على هذه الاتهامات والشكاوى والواقع العام الذي تعيشه المدينة. فأجاب ممثل المجلس المحلي لمدينة الفلوجة المهندس أحمد العيساوي: "نقدر جدًا هذه الشكاوى والمعاناة، لكن الجهد العام للإدارة المحلية كان منصبًا على تشغيل مشاريع البنى التحتية، لتسهيل عودة الأهالي". موضحًا: "الحي الصناعي كان ضمن خطط العمل اللاحقة، لكونه يحتاج جهدًا هندسيًا عال لتنظيفه من المخلفات العسكرية، كون الحي كان أحد أكبر معاقل التنظيم في المدينة".

اقرأ/ي أيضًا: شاكر الأنباري.. سرد على جسر بزيبز

ووعد العيساوي بفتح الحي الصناعي خلال الأيام العشر القادمة أمام المواطنين، بعد الاتفاق على وضع جملة ضوابط وآليات تضمن عدم حصول خروقات أمنية، من خلال فرض مدخل واحد للحي وإحاطته بسور أمني.

وفيما يخص المضايقات في نقاط التفتيش بين الفلوجة والعاصمة بغداد وضح العيساوي أن: "سببها الضغط الحاصل كونها تعتبر المنفذ الوحيد لدخول المحافظة، فضلًا عن ضعف التنظيم والتنسيق الحاصل"، مضيفًا أن: "جهود الإدارة المحلية مستمرة إذ تم فتح مقر مسيطر، يقوم بتدقيق أوليات سائقي الشاحنات، ليتم منحهم "باج" يتجدد كل عشرة أيام، خطوة من شأنها رفع الضغط الحاصل على النقاط العسكرية وإنهاء المضايقات"، حسب رأيه.

وأشار العيساوي إلى أن: "جهود الإدارة المحلية مستمرة مع قيادات عمليات بغداد وشرق الأنبار لوضع آلية تضمن انسيابية المرور منها فصل نقاط تفتيش الشاحنات، عن نقاط التفتيش للسيارات الصغيرة"، لافتًا إلى أن "قضية سوء تعامل العناصر الأمنية ومطالبتهم بالرشوة، في نقاط التفتيش الواقعة ضمن صلاحيات المدينة، قائمة لكن تمت مخاطبة القيادات المختصة لمعاقبة المقصرين".

ويذكر أن مدينة الفلوجة، الواقعة على بعد 60 كيلومترًا شمال غرب العاصمة بغداد، كانت تحت سيطرة تنظيم البغدادي إلى حين استعادتها من القوات الحكومية في حزيران/يونيو من العام الماضي، بعد عمليات عسكرية دامت ثلاث سنوات، قتل وأصيب على إثرها أكثر من 6000 مدني.

اقرأ/ي أيضًا:

التهجير "الطائفي" في العراق.. فتّش عن الميليشيا

سنة العراق..خيارات منتهية الصلاحية