29-أغسطس-2020

الموعد الذي حدده الكاظمي للانتخابات المبكرة أثار حفيظة الكتل السياسية ()

يعد مطلب الانتخابات المبكرة من المطالب السياسية للشرعية المجتمعية، التي عبرت عنها انتفاضة تشرين التي أنطلقت في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، والتي على إثرها أجبرت حكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالتها، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، التي وضعت ضمن أولويات برنامجها الحكومي تحديد وإجراء الانتخابات المبكرة، وهذا ما تم فعلًا عندما أعلن الكاظمي في خطاب متلفز في 31 تموز/يوليو 2020 عن تحديد السادس من حزيران/يونيو لعام 2021، موعدًا للانتخابات المبكرة، إذ تريد عبرها بعض الكتل السياسية، تغيير التوازنات الداخلية عبر السيطرة على مقاعد البرلمان.

تعمل بعض الكتل السياسية على عرقلة إجراء الانتخابات المبكرة عبر القيام بخطوات الاستجواب الحكومي

الموعد الذي حدده الكاظمي أثار حفيظة الكتل السياسية بين مؤيد ومعارض لها، يعمل الفريق المؤيد على إجراء الترتيبات مع بعض الكتل السياسية، من أجل الوصول إلى توافقٍ سياسيٍ يقضي بحل البرلمان، بينما يعمل الفريق الآخر بنفس خطوات الفريق الأول، لكن الهدف الذي يعمل عليه مغايرًا لهدف الفريق الأول يتمثل  بعرقلة إجرائها؛ عبر اللجوء إلى الاستجواب الحكومي، وبالتالي فإن الإجراء من عدمه يتوقف على مسارين، وفيما يلي مناقشتهما:

المسار الأول: الحل البرلماني

لم يشر الدستور العراقي صراحةً، ولا القوانين النافذة  التي شرعت على أساسه، إلى مفردة الانتخابات المبكرة، بل تمت الإشارة إلى الانتخابات العامة عند حل مجلس النواب، وأوضح الدستور عملية الحل في المادة (64) في الفقرة (أولًا): ( يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو بطلبٍ من رئيس مجلس الوزراء، وبموافقة رئيس الجمهورية). اختلفت طرق تقديم طلب الحل، لكنها تتفق في النهاية بأن كلتا الحالتين تحتاج إلى موافقة أعضاء المجلس، وهذه الموافقة تحتاج إلى إذن مسبق من التوافقات السياسية التي غالبًا ما تشكل أرضيةً بديلةً عن السياقات الدستورية، التي مثلًا عطلت المادة (76) من الدستور، تلك التي تتعلق بالكتلة الأكبر، كما أنها تطلق تسمية الانتخابات المبكرة بدلًا من الانتخابات العامة، وبالتالي فإن حل البرلمان كما يبدو من الصعوبة إجرائه إلا في حالة تصاعدت وتيرة الغضب الشعبي، واستجابة الفواعل الإقليمية، والدولية لهذا الغضب.

المسار الثاني: الاستجواب الحكومي

تعمل بعض الكتل السياسية على عرقلة إجراء الانتخابات المبكرة (كما تطلق على تسميتها  كتل التوافق السياسي) عبر القيام بخطوات الاستجواب الحكومي، وتحديدًا استجواب رئيس الحكومة عند اقتراب الموعد المحدد لها، فحسب المادة (64) لا يجوز حل مجلس النواب عند استجواب رئيس الوزراء، إضافةً إلى ذلك، تعمل هذه الكتل على عرقلة تعديل أو تشريعٍ جديدٍ لقانون المحكمة الاتحادية، بعد خلافات بين مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الاتحادية بعد إعلان الأول أن قرارات المحكمة الاتحادية غير ملزمة بسبب اختلال نصابها، بعد إحالة أحد أعضائها إلى التقاعد، وهذا الخلاف جزءًا من التناقضات الكثيرة التي يقع فيها المشرّع العراقي، فمثلًا تشير إحدى فقرات مواد قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45)، الذي تم تشريعه في عام (2017) إلى (أن من اختصاص المجلس ترشيح أعضاء المحكمة الاتحادية)، وهذا يتعارض مع المادة (92) من الدستور التي تنص على أن المحكمة الاتحادية هيئة قضائيةً مستقلةً ماليًا وإداريًا، وقد ألغت المحكمة الاتحادية أحقية المجلس في القيام بالترشيحات، كونها تتعارض مع المادة الدستورية أولًا، وكذلك قرارتها ملزمة لجميع السلطات حسب المادة (95) من الدستور.

اقرأ/ي أيضًا: بين "الصوريّة" و"الأبكر".. شبكة علاقات السلاح تهدد الانتخابات

لذا حل هذا التناقض يكون عبر تعديل النصوص الدستورية التي تتعلق بهذا الجانب، أو تشريع  قانون للمحكمة الاتحادية، أو تعديل القانون النافذ (رقم  30 لعام 2005) في  مجلس النواب، الأمر الذي ستتخذه الكتل الرافضة للانتخابات المبكرة حجةً لعدم إقرار القانون، ومن ثم  العمل على إكمال الدورة البرلمانية، على اعتبار أن المحكمة الاتحادية تقع عليها مهمة المصادقة على نتائج الانتخابات، وفي حالة بقاء المحكمة الاتحادية على حالتها يعني عدم شرعية الانتخابات؛ فهي الجهة التي تتولى مهمة المصادقة عليها غير مكتملة النصاب.                            

إزاء المعطيات أعلاه، كل المؤشرات تذهب إلى عدم إجراء الانتخابات، وفي حالة إجرائها تحت الضغط الشعبي، فالأمر سيزيد من تفاقم المشكلات في السنوات المقبلة؛ لأنه سيؤسس لمساراتٍ لا تتلاءم مع الطبيعة الاجتماعية، والسياسية في البلد، فلا وجود لمصطلح الانتخابات المبكرة في الدستور، ولا يحق لرئيس الحكومة تحديد موعدها؛ وإنما أشار الدستور إلى مصطلح الانتخابات العامة عند حل مجلس النواب، ومن يدعو لها رئيس الجمهورية حصرًا.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بعد تحديد موعد الانتخابات المبكرة.. ما هي سيناريوهات العمل السياسي للمحتجين؟

مركبة الحكومة والأحزاب وطريق حسان دياب