26-سبتمبر-2021

لن تكون الانتخابات الحل السحري لمشاكل البلاد (Getty)

الكل يعول على الانتخابات ويعدها طوق النجاة له، بدءًا من الحكومة الحالية التي ترى أن الانتخابات هي مهمتها الأساسية، وأن نجاحها سيعني إكمالًا لمهمتها وتتويجًا لجهودها في تهيئة البلاد لها، فضلًا عن أنها ستخلّصها من ضغوط بعض القوى السياسية وتهديداتها المستمرة لها بإسقاطها وحجب الثقة عنها، بسبب تقاطعات سياسية أو تضارب في المصالح أو غير ذلك.

هناك من يشكّك في قدرة الانتخابات على تغيير الواقع السياسي المحكوم بالمحاصصة ويرى أنها ستنتج نفس النسخ السابقة

كذلك القوى السياسية، فإنها ترى في الانتخابات وسيلتها الوحيدة لتقوية نفوذها وإثبات مكانتها في الوسط العراقي، بعد أن زادت الشكوك بتراجع شعبيتها بسبب إخفاقاتها السابقة في إدارة شؤون البلاد ومنع انتشار الفساد وتصاعد العمليات الإرهابية، فضلًا عن إسكات الأصوات المطالبة بتجريمها ومحاسبتها على خلفية أدائها في ما وضع بعهدتها من مسؤوليات حكومية وبرلمانية وغيرها.

اقرأ/ي أيضًا: جدل المقاطعين والمشاركين.. الثقة العمياء

وهذا ما يصح أيضًا على بعض القوى الجديدة التي شكلها متظاهرون من تشرين، فهي أيضًا تتأمل أن تغير الانتخابات المعادلة السياسية التي لم تتغير منذ 18 عامًا، بعد أن توصلت إلى أن التظاهرات قد لا يمكنها تحقيق التغيير المنشود، نظرًا لأن بعض القوى السياسية لا تقبل أن تتخلّى عن مناصبها أو تقبل بإجراء تغييرات سياسية تتقاطع مع مصالحها، إلا من خلال الانتخابات، معتبرةً التظاهرات بأنها لا تعبر إلا عن رأي قسم من الناس وليس كل الناس، لأن الغالبية لم تشارك فيها، بحسب رأيهم.

أما أبناء الشعب، فبلا شك هناك من يتحمس للانتخابات  بوصفها وسيلة  آمنة لتغيير الواقع السياسي، لأنها قد تأتي بقوى أكثر نضجًا ووعيًا بمسؤولياتها من القوى السابقة، فضلًا عن الأمل في تحسّن أداء القوى السياسية القديمة نتيجة تراكم الخبرة وكثرة ما مرت به من تجارب سياسية، لكن في المقابل؛ هناك من أبناء الشعب من يشكك في قدرة الأنتخابات على تغيير الواقع السياسي المحكوم بالمحاصصة، ويرى أنها  سوف لا تنتج إلا نسخًا من الحكومات السابقة لا أكثر، ومن ثم فهم يرون أن أفضل خيار لإفقاد العملية السياسية مشروعيتها هو في اعتماد خيار المقاطعة، وبين هؤلاء وأولئك؛ نجد أن الجزء الأكبر من أبناء الشعب في حيرة ومترددين بين تبني الخيار الأول أو الخيار الثاني، ومعظم هؤلاء ستكون انتخاباتهم شكلية، أي لأجل المشاركة فقط، وهو ما قد يلقي بتبعاته على اختياراتهم التي قد تأخذ طابعًا ارتجاليًا وعشوائيًا.

أما نحن، فلا نرى مناصًا من إجراء الانتخابات على الرغم من أدراكنا من أنها قد لا تؤدي إلى إحداث تغييرات هامة في المعادلة السياسية، لأن عدم إجرائها قد يتسبب بفوضى أمنية وصراعات سياسية لا يمكن للبلاد تحملها، الأمر الذي يستدعي تبني مبادرات لتعديل المسار السياسي، وإلا، فإن الانتخابات لن تكفي وحدها ولن تكون الحل السحري لمشاكل البلاد التي يزداد تفاقمها باضطراد.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مقاطعة الانتخابات.. دفاعُ عن جوهر الديمقراطية

انتخابات تشرين: المضي بالانسداد السياسي إلى منتهاه