ألترا صوت ـ فريق التحرير
سيمر على بداية التظاهرات في البصرة التي خرجت مطالبة بتوفير المياه الصالحة للشرب والخدمات الأساسية، أربعة أشهر. مع ذلك، لا يزال البصريون عرضة للعقوبات والاتهامات المستمرة، فضلًا عن عدم تقديم الحلول الناجعة للأزمات المستمرة في المحافظة حتى الآن، إضافة إلى القتل والاختطاف والاعتقال المستمر للناشطين في الاحتجاجات والوجوه البارزة فيها.
لم تقم الجهات المعنية في محافظة البصرة، بالتحقيق بشأن القضايا التي تركزت عليها مطالبات المتظاهرين، وعوضًا عن ذلك، راحت تحقق في القضايا الأمنية التي نشأت على هامش الاحتجاجات
"التيار الثالث"!
لم تقم الجهات المعنية في محافظة البصرة، بالتحقيق بشأن القضايا التي تركزت عليها مطالبات المتظاهرين، وعوضًا عن ذلك، راحت تحقق في القضايا الأمنية التي نشأت على هامش الاحتجاجات، مبررة من خلالها حملة أمنية واسعة ضد الناشطين.
حيث أعلنت مديرية شرطة محافظة البصرة عن ضلوع جماعة تطلق على نفسها "التيار الثالث" في أعمال الحرق والتخريب التي رافقت التظاهرات الأخيرة في المحافظة، مشيرة إلى أن مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب ألقت القبض على رئيس الجماعة وبعض عناصرها، فيما ترجح مصادر أن هذه الحملة شملت في الأساس ناشطي التظاهرات فقط، الملاحقين في كل زقاق وشارع بصري، فيما تطلق الجهات الأمنية عليهم هذه الأسماء لتبرير اعتقالهم وملاحقتهم.
اقرأ/ي أيضًا: آلاف حالات التسمم في البصرة.. مشهد مكتمل لمدينة منكوبة
أما التحقيق بشأن ما حدث من انتهاكات واعتقالات واغتيالات، إضافة إلى الأزمة الخدمية، فما زال ملقىً على عاتق المنظمات غير الحكومية، إذ أعلن فريق تقصي الحقائق ومنظمة تواصل لحقوق الإنسان في 18 تشرين الأول/ أكتوبر، عن تحقيق قاما به كشفا فيه عن "تلوث ماء البصرة الذي قد يكون مميتًا إذا استخدم للشرب"، وأشار التحقيق إلى أن "نسب الكبريت والملوحة تكشفا فضاعة لا توصف"، لافتًا إلى أن "أهالي البصرة ينوون رفع دعاوى قضائية على الجهات الحكومية المختصة"، موضحًا أن "العينات اُخذت من مناطق وسط البصرة".
الاعتقالات مستمرة.. القنصلية الإيرانية هي السبب!
بالرغم من هذه النتائج إلا أن الاعتقالات لا تزال مستمرة، إذ كشف مصدر في تنسيقيات الحركة الاحتجاجية في البصرة، لـ"ألترا صوت"، عن اعتقال الناشط المدني صادق الحاج سالم في 16 تشرين الأول/ أكتوبر، مضيفًا، أن "وتيرة اعتقال المتظاهرين السلميين تصاعدت في الآونة الأخيرة"، لافتًا إلى أن "الخوف يتصاعد يومًا بعد آخر، لا سيما وأن ميليشات مسلحة تلاحقنا أيضًا ولا يوجد ملجأ يحمينا من سلاحهم، لا القوات الأمنية ولا غيرها من الجهات الحكومية" بحسب وصفه.
فيما أشار إلى أن "حرق القنصلية الإيرانية كان وأدًا للتظاهرات بسبب الهيستيريا التي تحكمت بالفصائل المسلحة"، موضحًا أنه "بالرغم من إطلاق النار الذي تعرضنا له أيام التظاهرات لكننا لم نتركها وكنا نستخدم بعض الأساليب التي تخفّف من الخسائر"، مستدركًا: "لكن حرق القنصلية أظهر أساليب وحشية في قمع الاحتجاج من قبل الفصائل، أهمها ترهيب المتظاهرين المتسمر إلى الآن من خلال القتل الذي بدأ باغتيال الناشطة سعاد العلي".
تقرير فريق تقصي الحقائق
وحول إطلاق النار والانتهاكات التي حدثت في التظاهرات، نشر فريق تقصي الحقائق المعني بالتحقيق بأحداث البصرة، تقريرًا مفصلًا عن الوضع الإنساني في المحافظة وحالات إطلاق نار حي مباشر تجاه المتظاهرين والأحداث التي رافقت الاحتجاجات بشكل عام، مع تضمنه رسالة إلى المبعوث الأممي في العراق يان كوبيتش، عن انتهاكات ارتكبتها القوات الأمنية بحق المتظاهرين، والدعوة لاتخاذ إجراءات بخصوص تلوث المياه والوضع الصحي الذي تفاقم في الأشهر السابقة.
وجاء في التقرير، أن "فريق التقصي بحث خلال فترة تواجده في البصرة عن حالات يشتبه بارتكاب القوات الأمنية القتل العمد فيها، عبر قيامها بفتح النار بشكل مباشر على جمهور المتظاهرين مما أسفر عن سقوط شهداء بين صفوف المحتجين"، بالإضافة إلى أن "الشهادات التي تم جمعها من قادة التظاهرات، الذين كانوا متواجدين في الحادثة،(تفيد بـ) أن القوات الأمنية أطلقت النار باتجاه جنازة المتظاهر مكي ياسر الكعبي بشكل مباشر، أثناء مسير المشيعين باتجاه مجلس المحافظة"، وأشار التقرير إلى أن "إطلاق النار أسفر عن سقوط 3 جرحى، دون تسجيل مقتل أي متظاهر في هذه الحادثة".
مصدر من المحتجين لـ"ألترا صوت": الخوف يتصاعد يومًا بعد آخر، لا سيما وأن ميليشات مسلحة تلاحقنا ولا يوجد ملجأ يحمينا من سلاحهم، لا القوات الأمنية ولا غيرها
ولفت التقرير إلى أن "متظاهرين قطعوا أحد الشوارع في كرمة علي شمال البصرة بالإطارات المحترقة، رفضوا طلبًا من قوات الجيش بفتح الشارع، فأعطى الضابط المسؤول أمرًا بفتح النار فوق رؤوس المتظاهرين دون إقدام المتظاهرين على أي محاولة احتكاك بالقوات".
اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. نار القمع والإفقار تأكل عاصمة اقتصاد العراق!
أسئلة طائفية
فيما يتعلق بالاعتقالات، أشار التقرير إلى حالات اعتقال واحتجاز قامت بها 9 جهات تابعة للقوات الأمنية، بالإضافة إلى أن "المتظاهر مهدي صالح اعتقل من مركز محافظة البصرة بتاريخ 15 تموز/يوليو 2018، على خلفية مشاركته بالأعمال الاحتجاجية". وقال صالح في إفادته، إن "مسؤول التحقيق قام بمعاملته على أساس التمييز الطائفي عبر سؤاله إن كان سنيًا أم شيعيًا"، مضيفًا: "طلب مني أن أذكر الأئمة المعصومين، واسم والدة الإمام المهدي!"، في إشارة إلى أن هذا الأمر يثبت براءته، بحسب التقرير.
أما عن حالات الإصابة والوضع الإنساني في البصرة، كشف التقرير مثلًا عن "إصابة 3 أفراد من وفد تقصي الحقائق للتسمم خلال مدة تواجدهم في البصرة، رغم الاحترازات التي اتبعوها"، مضيفًا نقلًا عن العاملين في ردهات الطوارئ، أن "المستشفيات تستقبل يوميًا 500 حالة تسمم على أقل تقدير"، لافتًا إلى أن "عملية توثيق أعداد المصابين لا تتم كما تنص التعليمات عبر فتح بطاقة خاصة للمريض"، بالإضافة إلى أنه "لا يتم إجراء تحاليل تسلم للمرضى، فمعظم المراجعين بسبب حالات التسمم يكتب لهم الأطباء إصابتهم بمرض الإسهال، أو المغص المعوي، ثم يصرف لهم العلاج مباشرة"، أما التبرير فيكون أن "سبب المرض هو بكتيريا غير معروفة أو لم يتم تشخيصها حتى الآن".
اقرأ/ي أيضًا: