01-مارس-2021

250 مليون دينار يوميًا خسارة المزارعين لمحصول واحد غرب البصرة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

على الرغم من أصدار وزارة الزراعة توجيهات تمنع استيراد 23 محصولًا زراعيًا بسبب الاكتفاء الذاتي، إلا أن مزارعين يشكون من إغراق الأسواق بالمحاصيل المستوردة رغم وفرتها وتحقيق الاكتفاء الذاتي وإمكانية التصدير، وفي الوقت الذي تحمل وزارة الزراعة إقليم كردستان مسؤولية عدم الالتزام بقرارات الحكومة الاتحادية، يكشف اتحاد الجمعيات الفلاحية عن تسبّب التهريب بإدخال الأمراض الحيوانية والنباتية الخطرة التي تسببت بخسائر فادحة للثروة العراقية.

مزارع البصرة تنتج يوميًا أكثر من 6 آلاف طن من الطماطم

ويقول مدير زراعة البصرة عامر سلمان، إن "عدم السيطرة على المنافذ الحدودية كلّف المزارعين في المحافظة خسائر باهظة، خصوصًا الفلاحين المنتجين لمحصولي الطماطم والتمر، حيث تمكّنت البصرة من توفير هذه المحاصيل لتغطية كافة المحافظات العراقية وإمكانية تصديرها"، موضحًا أن "إقليم كردستان لا يلتزم بالرزنامة الزراعية، ويتمّ إدخال المحاصيل الزراعية من تركيا وإيران ليغطي المحافظات الشمالية والوسطى، وحتى بعض الأحيان تصل إلى البصرة، وبالتالي المحصول المحلي لا يصل إلى تلك المحافظات بسبب إغراق السوق بالمنتج المستورد".

اقرأ/ي أيضًا: المالية تصدر بيانًا بشأن القروض الزراعية الجديدة

ويكشف سلمان في حديث لـ"ألترا عراق"، عن قيمة الإنتاج المحلي لمحصول الطماطم في البصرة وحدها، إذ أن "مزارع البصرة تنتج يوميًا أكثر من 6 آلاف طن من الطماطم، إلا أن أغلب تلك الكميات لا تصل إلى الأسواق العراقية بسبب سيطرة جهات أو ما يسمى (الجلابة) على الأسواق التي تغرقها بالمحاصيل المستوردة"، لافتًا إلى أنه "في السنوات السابقة كانت محاصيل البصرة تصل إلى أسواق دهوك وأربيل".

وتتهم وزارة الزراعة الضباط في السيطرات الأمنية مسؤولية تمرير الشاحنات التي تحمل موادًا مهربة ومنتهية الصلاحية، بما في ذلك شحنات الدجاج المُهرّب، وقال الوزير محمد كريم الخفاجي، في حديث متلفز، تابعه "ألترا عراق"، إنه "عبر عمليات التهريب يتم إدخال محاصيل منتهية الصلاحية عن طريق إقليم كردستان"، مضيفًا أن "إيقاف التهريب سيساهم في تشغيل 5 آلاف مشروع دواجن لحم في عموم العراق، وسيوفر فرص عمل للكثير من المواطنين". 

ويكشف  الخفاجي، أن "هناك تواطئًا في السيطرات الأمنية، محملًا "ضباط الأمن المسؤولية بإدخال الشاحنات التي تحمل بضائع مهربة وغير صالحة للاستهلاك البشري"، مشيرًا إلى أنه "من غير المعقول أن تمر البضائع المهربة بـ6 سيطرات رئيسية من محافظة كركوك حتى تصل بغداد دون أن يتم إيقافها". 

وتواصل الحكومة الاتحادية محاولاتها للسيطرة على عمليات التهريب عبر منافذ إقليم كردستان، من خلال التشديد على السيطرات الأمنية والتنسيق مع حكومة الإقليم للالتزام بالرزنامة الزراعية، ففي 7 شباط/فبراير 2021، وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة المحاصيل المهربة إلى داخل العراق والحد منها، في خطوة لحماية المنتج المحلي، بحسب البيان الرسمي.

وتسبّبت عمليات التهريب بعزوف عدد كبير من الفلاحين عن الزراعة، حيث يكشف مدير زراعة البصرة عن "انخفاض أعداد المزارعين المنتجة في المحافظة من 6 آلاف مزرعة خلال السنوات السابقة الى أقل من 3 آلاف مزرعة خلال العام الجاري".

ويضيف، أن "2750 مزرعة من أصل  6 آلاف مزرعة لا زالت مستمرة بالزراعة رغم الخسائر الكبيرة التي يتعرضون لها في كل موسم".

ومنتصف شهر شباط/فبراير 2021، وافق وزير الزراعة محمد الخفاجي على تصدير (10.000) طن من محصول الطماطم، إلى المملكة العربية السعودية، عبر منفذ عرعر الحدودي، من الفائض عن الاستهلاك المحلي، ضمن إجراءات الحكومة في تعظيم موارد الدولة، وتعد المحاصيل الزراعية العراقية كالطماطم والبطاطا والتمور من أجود الأنواع على مستوى العالم وفقًا لمختصين، إلا أن فشل السياسة الاقتصادية في البلاد واعتمادها على الريع، سمح لباقي الدول بإغراق الأسواق الإقليمية بمحاصيل أقل جودة من المحاصيل العراقية التي لا زالت تشكل عبئًا على مزارعيها.

يقول رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية إن التهريب تسبب بإدخال فيروس كوري للعراق يصيب الأسماك، ولا زلنا نعاني منه منذ عام 2018 ولا يوجد له علاج حتى الآن

حيدر العصاد، وهو رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية في العراق، كشف عن تسبب عمليات التهريب بإدخال سلالات جديدة من الأمراض النباتية والحيوانية، مما كبّد العراق الخسائر الكبيرة.

اقرأ/ي أيضًا: الزراعة والصناعة.. شاهدان يكشفان "جرائم" الاحتلال الأمريكي بالأرقام!

ويقول العصاد لـ"ألترا عراق"، إن "التهريب تسبب بإدخال فيروس كوري للعراق يصيب الأسماك، ولا زلنا نعاني منه منذ عام 2018، ولا يوجد له علاج حتى الآن، ولا زالنا نسجل سنويًا إصابات بهذا الفيروس، فضلًا عن "انفلاونزا الطيور التي تسببت بإعدام أكثر من 60 ألف دجاجة في محافظة صلاح الدين، بالإضافة الى فيروسات ضربت محصول الطماطم".

ويضيف العصاد، أن "هذه الفيروسات دخلت للعراق وضربت المحاصيل الزراعية والحيوانية نتيجة عدم خضوعها إلى الحجر الصحي والفحص في المنافذ، مما سببت الخسائر المضاعفة للعراق من إغراق السوق إلى تدمير الثروة الزراعية والحيوانية عبر نقل الأمراض".

وعن قيمة الخسائر التي تسببها عمليات التهريب، يقول العصاد "لا توجد إحصائية دقيقة لقيمة الخسائر، لكن في منطقة غرب البصرة فقط بلغت قيمة الخسائر لمحصول واحد (الطماطم)، في كل يوم 250 مليون دينار، بسبب كثرة العرض وقلّة الطلب"، لافتًا إلى أن "المنافسة غير شريفة في الأسواق حيث يتم الاتفاق مع باعة المفرد في الأسواق بإعطائهم نسبة معينة من المال سواء باعوا بخسارة أو ربح".

وعن منافذ التهريب، أوضح العصاد أن "المنافذ الحدودية في البصرة تشكل 10% من عمليات التهريب من خلال التلاعب بإجازة الاستيراد، كأن تكون مادة مسموحة بالاستيراد حيث يتمّ وضعها في مقدمة الشاحنة، ويتم ملء باقي الشاحنة بالمواد غير المسموحة بالاستيراد، أما باقي عمليات التهريب فتتم عبر منافذ إقليم كردستان".

وكان وزير الزراعة محمد كريم الخفاجي، قد كشف مؤخرًا عن وجود تلاعب في العلامات التجارية للدجاج المستورد "منتهي الصلاحية" داخل إقليم كردستان، قبيل تصريفه للسوق العراقية، وقال الخفاجي، في لقاء متلفز، تابعه "الترا عراق" إن "الكلفة الحقيقية للدجاج تبلغ 1750 دينار، فيما يصل الدجاج المستورد بسعر 1250 دينار"، موضحًا أن "هذا التفاوت في الأسعار يأتي؛ لأن الدجاج المستورد الذي يصلنا من تركيا والدول الأخرى، يكون منتهي الصلاحية، لكن يتمّ تغيير علاماته التجارية داخل إقليم كردستان وبعدها يُصرّف في الأسواق المحلية". 

واعتبر الخفاجي أن "هذا الأمر يعد تخريبًا لاقتصاد البلد وتدميرًا لصحة المواطن"، واصفًا إياه بـ"كورونا جديدة". 

تصريحات الخفاجي أثارت غضب واستياء حكومة إقليم كردستان، والتي ردت بدورها على تصريحات الوزير بالنفي، مرجحة وجود "دوافع سياسية" خلف تصريحات الخفاجي، وعبرت وزيرة الزراعة في حكومة إقليم كردستان بيكرد طالباني، عن "أسفها وصدمتها لتلك التصريحات التي تأتي في الوقت الذي كنا ننتظر زيارة الوزير الاتحادي للوقوف بنفسه على واقع الدواجن"، بحسب تعبيرها. 

كشفت الزراعة لـ"ألترا عراق" عن وجود أكثر من 20 منفذًا غير رسميات في إقليم كردستان ومحافظة ديالى غير مسيطر عليها حكوميًا

الناطق باسم وزارة الزرعة حميد النايف، أكد "وجود 23 مادة ممنوعة من الاستيراد لوفرتها محليًا، لكن هناك مشكلة توجهنا بحماية المنتج وتصلنا شكاوى كثيرة بهذا الشـأن، وحصلنا دعم من قبل رئيس الوزراء لتشكيل لجان لمتابعة المواد المهرب"، لافتًا إلى أن "منافذ إقليم كردستان مفتوحة على مصراعيها، وحجم التهريب يفوق الإجراءات المتخذة والتي تعد ترقيعية، حيث المواد المهربة تصل إلى سيطرة الموصل وسيطرة كركوك وديالى، والقوات الأمنية تقاتل عند هذه الحدود".

اقرأ/ي أيضًا: وزير الزراعة "يهاجم" برلمانية: رأيها متخلّف ولا تعلم الحكومة ملكية أم جمهورية

وفي حديثه لـ"الترا عراق"، يكشف الناطق باسم وزارة الزراعة، "وجود أكثر من 20 منفذًا غير رسميات في إقليم كردستان ومحافظة ديالى، غير مسيطر عليها حكوميًا"، مبينًا أن "محصولي الطماطم والبطاطا تعدت الوفرة المحلية بكميات كبيرة، وبدانا بتصديرها إلى الخارج، ورغم تصديرنا إلى الخارج لا زالت يدخل المستورد وهذا أمر غريب جدًا".

ويؤكد النايف أنه "لا يمكن إحصاء الخسائر التي يتعرض لها العراق جراء التهريب، لأن الوزارة لم تمنح إجازات حتى يتم تحويل الأموال، مستدركًا "لكن التجار يأخذون العملة الصعبة ويستوردون من باقي الدول ليبيعوا المواد بالعراق ويحولون الأموال إلى تلك الدول بالدولار"، لافتًا إلى أن "الفلاحين العراقيين يعرضون محصول الطماطم 5 كيلو بألف دينار، ورغم ذلك لا تُباع، أي أن حتى هذا السعر البسيط يعتبر نجاحًا لهم، لكن لا يوجد طلب بسبب التهريب".

وباشرت وزارة الزراعة في 25 شباط/فبراير 2021، بحملة مداهمة لـ"علاوي الخضار" بالتنسيق مع الجهات الأمنية، لمنع دخول المحاصيل الزراعية المهربة من مختلف المحافظات، فيما أشارت إلى "حجز مئات الأطنان من البيض والدجاج المهرب والمقطعات وغيرها في السيطرات والمنافذ الحدودية لمختلف المحافظات من خلال إجراءات استباقية وخطط دقيقة وفعالة للحد من دخول المواد الزراعية الممنوعة من الاستيراد".

وخصصت اللجنة المالية النيابية مبلغ ترليوني دينار بموازنة العام الحالي 2021 لدعم القطاعات الصناعية والزراعية وتشجيع الفلاحين لدعم المنتج المحلي، وفقًا لقولها. 

وقالت عضو اللجنة المالية النائبة سهام العقيلي، للصحيفة الرسمية، وتابعها "الترا عراق"، إن "اللجنة المالية في مجلس النواب أخذت بعين الاعتبار تخصيص الأموال لتطوير القطاعات الصناعية والزراعية بموازنة العام الحالي 2021، إذ رصدت مبلغ ترليوني دينار لتحقيق هذا الغرض". 

وأضافت أن "الموازنة احتوت على بنود لدفع مستحقات الفلاحين، وزيادة رؤوس أموال المصرفين الصناعي والزراعي"، إلى جانب "فرض ضرائب سنوية على العمالة الأجنبية تصل إلى مليون و500 ألف دينار والإفادة من هذه المبالغ المجباة في دعم القطاعين الصناعي والزراعي".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

خلال نصف قرن من تاريخ "أرض السواد": ما هو مصير 33 مليون نخلة عراقية؟

توقعات بـ"سنة جافة".. ما هو مستقبل العراق الزراعي؟