21-مارس-2021

يحتفل نحو 50 مليون شخص بأعياد نوروز في المنطقة (Getty)

لم يعتد أبناء محافظات الشمالية على مرور أيام أعياد "نوروز" دون تجمعات على وقع الدبكات الفلكلورية وطقوس الاحتفالات الحاشدة في المناطق الجبلية متحلقين حول مواقد النار العملاقة، لكن أزمة الجائحة فرضت قيودًا على المراسم هذا العام داخل العراق وخارجه.

شهدت محافظات إقليم كردستان وخاصة السليمانية احتفالات بأعياد نوروز على الرغم من أزمة الجائحة

وارتبط "نوروز" أو "اليوم الجديد"، ابتداءً بالتقويم الطبيعي وتغيير الفصول وانتهاء الشتاء فلكيًا في 21 آذار/مارس إيذانًا بالاعتدال الربيعي وانتعاش الطبيعة، قبل أن يقترن بسرديات وأحداث تاريخية ذات دلالات رمزية بالغة لدى بعض الشعوب ومنهم الكرد.

جانب من الاحتفالات في السليمانية 

ولا تقتصر الاحتفالات على الكرد في العراق، بل تمتد إلى أرجاء البلاد تحت تسميات مختلفة، فيما تدور الرواية الكردية حول شخصية "ضحاك"، وهو ملك جائر وفق الملحمة الكردية، تقابلها شخصية "كاوة الحداد" الثائر المنتفض الذي يلهم الشبان الهاربين من البطش بمواجهة جبلية تنتهي بمقتل الملك الظالم ثم إيقاد شعلة عملاقة فوق الجبل إعلانًا للنصر.

قرأ/ي أيضًا: أول ربيع كردي دون ادخار إجباري من سنوات.. ماذا تعرف عن عيد نوروز؟

ورسخ الملحمة الأسطورية شعراء وكتاب كرد لإنعاش روح مقاومة الظلم والرغبة في الحرية خلال القرن الماضي عبر أغان واحتفالات باتت تقليدًا شعبيًا خاصة في السليمانية.

ويصادف "نوروز" أول أيام السنة وفق التقويم الفارسي الشمسي وكذلك أول أيام السنة الكردية في التقويم الذي يستند الى قيام دولة الميديين، كما يتوافق مع طقوس تبجيل الزرادشتية للنار حيث تعتبر عبادة العناصر الطبيعية (الماء، التراب، النار) من الأصول والقواعد الأساسية في هذه الديانة.

وعلى الرغم من ذلك استمرت الاحتفالات بهذه المناسبة حتى بعد الفتوحات الإسلامية لبلاد فارس وصولاً إلى العصر الحديث.

ويقول أحمد إمام علي، شاب من محافظة السليمانية، في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "هذا العام مختلف للغاية، إذ تفرض الجهات الصحية والأمنية إجراءات معينة للوقاية من فيروس كورونا، مع منح العطلة الرسمية لمدة أسبوع بهذه المناسبة".

ويخشى علي، من تفاقم الأزمة نتيجة الاحتفالات والتجمعات الحاشدة، فيما يشير أيضًا إلى الأزمة مالية التي عصفت بمواطني الإقليم بسبب "معضلة الرواتب بين أربيل وبغداد"، وتأثيرها سلبًاعلى طقوس الاحتفال وحركة السوق التي كانت تعج في مثل هذه المناسبات بالمتبضعين.

ويوضح الشاب الكرديّ، أنّ المناطق السكنية تخلوا خلال أعياد من نوروز من سكانها الذين يصعدون إلى الجبال في احتفالات جماعية.

فيما تقول ژيان عدنان، وهي مديرة مركز الحياة في منظمة الناس للتنمية، في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "أعياد العام الماضي تزامنت مع  حظر شامل للتجوال منع الطقوس المعتادة في سابقة تاريخية"، مبينةً أنّ "الحماس للاحتفالات تراجع بسبب المخاوف من الوباء والأزمة المالية، لكن هذا لا يمنع إقامة احتفالات في المناطق المفتوحة".

وعمدت السلطات الأمنية في كردستان إلى فرض عقوبات صارمة بحق المخالفين للإجراءات الوقائية خلال العيد، مع السماح بالتجوال للمواطنين داخل الحدود الإدارية ومنع حركة سيارات الحمل الكبيرة والدراجات النارية.

ووفقا لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، يحتفل بهذا اليوم نحو 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ومن طقوسه تجهيز مائدة خاصة تسمى (سفره ى هفت سين) أي سفرة السينات السبع، التي تحتوي على 7 أشياء تبدأ بحرف السين.

وفي جلسة في شباط/فبراير عام 2010 قررت اليونسكو إدراج عيد "نوروز" في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، كما اعترفت بيوم 21 آذار/ماري بوصفه "يوم نوروز الدولي".

يقول مواطنون إنّ أزمة الجائحة وتوقف رواتب الموظفين أثر سلبًا على طقوس الاحتفالات

ويؤكد الناشط الكردي لاوان عثمان في حديث لـ "ألترا عراق"، أنّ المواطنين أزمة الجائحة تركت "آثارًا جسمية" على طقوس الاحتفالات، على الرغم من تعايش السكان مع فيروس "كورونا".

ويوضح عثمان، أن مناسبة "نوروز" ليست عيدًا للكرد خاصة بل يوم قومي لعدة شعوب عاشت طوال القرون الماضية في جغرافية إيران وهي (الفارسية، الكردية، الطاجيكية، القرغيستانية)، لذلك لا يمكن حصره بقومية واحدة أو عرق واحد تاريخيًا، مبينًا أنّ هناك نحو 50 مليون شخص في المنطقة يحتفلون بهذه المناسبة بحسب بعض التقديرات.

 

قرأ/ي أيضًا:

 بعد عطلة عيد نوروز.. البدء بطبع لوحات سيارات تحمل اسم "العراق ـ حلبجة"

الموافقة على دخول العوائل لـ"طاق كسرى" مجانًا في أعياد نوروز