07-مايو-2019

أقرت أمانة بغداد بزراعة الخشخاش ووجودها بالأسواق علنًا (Getty)

الترا عراق – فريق التحرير

منذ أشهر عكف فريق من أمانة العاصمة بغداد على زراعة نبتة "شقائق النعمان" المعروفة علميًا باسم "الشُقار الإكليلي"، وهي زهرة برية حمراء جميلة ارتبطت بالأدب العربي، في محاولة لتزيين شوارع العاصمة بألوانها الزاهية.

تزرع فرق أمانة بغداد منذ أشهر نبتة الخشخاش المخدرة في شوارع العاصمة لـ "جهلها بمخاطرها" 

انتشرت النبتة في عدد من شوارع العاصمة، الكندي، شارع متنزه الزوراء، وتركزت في جانب الكرخ بمنطقة الحارثية، ليتبين في النهاية أنها نبتة "الخشخاش" المخدرة التي يجرم القانون كل أشكال التعامل معها، ما دعا شرطة مكافحة المخدرات إلى اعتقال مهندسين زراعيين وعامل بأجر يومي بتهمة "زراعة المخدرات".

أمانة بغداد تعترف: لا نعلم!

الخشخاش جنس نباتي ينتمي إلى الفصيلة الخشخاشية ويضم ما بين 70 إلى 100 نوع من النباتات، ويندرج ضمن المواد التي يعاقب عليها قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 بأحكام تصل إلى السجن المؤبد والإعدام.

اقرأ/ي أيضًا: المخدرات من الأرجنتين!.. ماذا عن "ساهون" إيران؟: عبد المهدي يثير سخرية عارمة

اعترفت أمانة بغداد بشراء النبتة المحظورة من منطقة "السنك" أحد أشهر الأسواق وسط العاصمة، ظنًا منهم أنها "شقائق النعمان". وقال المتحدث باسم الأمانة، حكيم عبد الزهرة، إن "الأمانة اشترت تلك الزهور من منطقة السنك وسط بغداد، على أساس أنها نبتة مسموح بزراعتها"، مبينًا أن "الأمانة لم يكن لديها علم بأن تلك النباتات تدخل في صناعة المخدرات والاستعمالات المحظورة الأخرى".

أضاف عبد الزهرة في تصريح صحفي، أنه "يفترض بالجهات المختصة، العمل على منع بيع تلك النباتات المحظورة، في منطقة السنك والأسواق الأخرى".

كان الكاتب الصحفي هادي جلو مرعي، أكد أن "بذور تلك الأزهار تباع في محلات تجارية بمنطقة السنك المعروفة، ولم يعترض عليها أحد"، مبينًا أن "الجميع في البلدية لايعرفون شيئًا البتة عن الخشخاش واعتادوا زراعة شقائق النعمان".

أقرت أمانة بغداد بزراعة الخشخاش، مؤكدة أنه يباع بشكل علني في منطقة السنك والأسواق الأخرى

أضاف مرعي في مقال له، أن "مكافحة المخدرات ألقت القبض على ثلاثة أبرياء، لاناقة لهم ولاجمل في كل ماحصل، وكانت الصدفة الحمقاء سببًا في اعتقالهم وإيداعهم في سجن بمنطقة العامرية غرب بغداد ليواجهوا ربما التعذيب، والضغط النفسي الفظيع، وهم (أياد مهدي عطية يعمل بأجر يومي، والمهندس الزراعي إيهاب رياض جاسم وهو يعمل بأجر يومي، والمهندس  الزراعي جميل غانم علوان".

زرعت بالصدفة!

علقت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، السبت 4 آيار/مايو، على قيام الأمانة بزراعة النبتة المخدرة في شوراع العاصمة، فيما عزت زراعتها للصدفة غير المتعمدة. وقال عضو اللجنة، سعد المطلبي، إن "نبتة شقائق النعمان ومنذ تاريخ العراق، تزرع في الحدائق والجزرات الوسطية"، مبينًا أن "أغلب الناس ليس لديهم معلومة عن تأثيراتها المخدرة".

أضاف المطلبي في تصريح صحفي، أن "زراعة النبتة لم تكن بنية سوء، وكل مافي الأمر أنها زرعت بصورة عادية عن طريق الصدفة لا أكثر"، مشيرًا إلى أن "شقائق النعمان موجودة وتباع في الأسواق بشكل علني"، كما أكد عدم وجود "مخاوف من زراعتها لعدم معرفة الناس بعلاقة النبتة مع المواد المخدرة"، لافتًا إلى أن "الأجهزة الأمنية انتبهت لهذا الموضوع وسيمنع استيرادها".

بدورهم تساءل ناشطون عن الجهة التي أمرت بشراء تلك النبتة المحظورة، وكميتها في الشوارع والحدائق العامة والخاصة وإجراءات السلطات المختصة بشأنها، خاصة بعدما تبين أن النبتة المخدرة تباع في الأسواق علنًا، يشتريها المواطنون وأمانة بغداد وتوزع على دوائر البلدية ويقوم العمال والمهندسون بزراعتها وسط جهل بخطورتها.

وعلى مستوى البلاد، تعد المادة المخدرة الأكثر رواجًا هي الكرستال، التي يتعطاها 37% من مجموع متعاطي المخدرات في البلاد، ثم ما يعرف بحبوب (صفر-1) بنسبة 28.35%، وأخيرًا الأنواع المختلفة الأخرى من الأدوية المهدئة، وفق إحصائية صدرت عن المفوضية العليا للحقوق الإنسان في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وثقت إفادات 100 من تجار ومتعاطي المخدرات.

اقرأ/ي أيضًا: طريق الكحول إلى العراق.. تجارة تحكمها ميليشيات دينية وأحزاب سياسية

تشير تلك الإحصائية، إلى أن الذكور أكثر تعاطيًا للمخدرات في البلاد بنسبة 89.79 % بواقع 6672 موقوفًا في مراكز الاحتجاز، أما الإناث فتبلغ نسبتهم 10.2 % بواقع 134 موقوفة، كما ظهر أن الفئات العمرية الأكثر تعاطياً للمخدرات هي فئة الشباب، وتحديدًا الفئة العمرية من 29–39 سنة بنسبة 40.95 %، تليها الفئة العمرية من 18–29 سنة بنسبة 35.23 %.

اعتقلت قوة من مكافحة المخدرات ثلاثة عاملين "أبرياء" في أمانة بغداد من بينهم عاملان بالأجر اليومي بتهمة زراعة المخدرات

أبرز الأسباب تعاطي المخدرات في البلاد، وفق المفوضية تتمثل بـ "رفقاء السوء والاندماج مع الأصدقاء الذين يتعاطون المخدرات بنسبة 41,66 %، ثم الظروف النفسية والاقتصادية أو العاطفية السيئة بنسبة 29.1%، كما أن نسبة 17.7 % يتعاطون المخدرات لتساعدهم على السهر لفترات طويلة.

في حين عزت المفوضية تفاقم الظاهرة، إلى "ضعف الرقابة الأسرية والاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا، وعدم متابعة المدرسة، بالإضافة الى الفقر والبطالة والأوضاع الاقتصادية المتردية وضعف الوازع الديني وضعف إجراءات الحكومة في مكافحتها"، مطالبة وزارة الصحة بإنشاء مصحات لمعالجة مدمني المخدرات، ووزارتي الدفاع والداخلية والجهات الأمنية كافة بمراقبة كافة المنافذ الحدودية وملاحقة تجار المخدرات وتعزيز الاتفاقيات الأمنية مع دول الجوار.

 

اقرأ/ي أيضًا:

من الترانزيت إلى الاستهلاك.. المخدّرات تتسلّل إلى حقائب طالبات العراق

العراق.. حرب النفط والمخدرات في البصرة