22-يونيو-2019

استغرب خبراء انحياز الحكومة نحو إيران وتفضيلها على الحليف الأمريكي (Getty)

الترا عراق - فريق التحرير

بعد هجوم هو الثامن خلال هذا العام ضد المصالح والتواجد الأمريكي في البلاد، ظهرت أولى العواقب بالحديث عن انسحاب أمريكي محتمل من قاعدة بلد الجوية، شمالي بغداد، حيث تقبع طائرات أف – 16، أبرز أسلحة القوات العراقية لحماية البلاد، وسط تحذيرات من عواقب أشد وطأةً في ظل عدم تحرك الحكومة لـ "قطع أذرع إيران".

كشفت تسريبات عن "نية" لسحب فريق الخبراء الأمريكي المنتشر في قاعدة بلد الجوية شمالي بغداد بعد هجمات بالصواريخ

كانت مصادر أمنية عراقية أفادت لـ "رويترز"، اليوم السبت 22 حزيران/يونيو، بأن القوات الأمريكية تستعد لإجلاء مئات المتعاقدين من قاعدة بلد الجوية بسبب "تهديدات أمنية محتملة"، مبينة أن عمليات الإجلاء ستجري قريبًا وعلى مرحلتين تشمل نحو 400 متعاقد أمريكي يعملون مع شركتي "لوكهيد مارتن" و"ساليبورت غلوبال".

اقرأ/ي أيضًا: ثلاثة خبراء يجيبون: من وراء قصف المنشآت الأمريكية وما رسالتهم؟

وتعني الخطوة توقف نشاط طائرات "أف – 16" تمامًا، البالغ عددها 34 طائرة من أصل 36 اشتراها العراق، تحطمت منها اثنتان خلال التدريب في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد السلاح الأهم والأبرز الذي تمتلكه القوات المسلحة العراقية، إذا يضطلع الأمريكيون في قاعدة بلد بعمليات الصيانة والتدريب وتوفير الخدمات اللوجستية اللازمة لإقلاع وهبوط الطائرات.

وقال القيادي في تحالف القرار أثيل النجيفي، اليوم، إن "سياسة العراق الخاطئة أفقدته أهم سلاح يمتلكه لملاحقة الإرهاب"، مبينًا أن في تغريدة عبر تويتر أن "إخلاء الولايات المتحدة لخبرائها في قاعدة بلد يعني توقف إقلاع طائرات أف - 16 وصعوبة ملاحقة الإرهابيين في البوادي والمناطق الوعرة"، فيما حذر من أن العراق "يسير نحو أوضاع عام 2014"، داعيًا الحكومة إلى "مراجعة الأخطاء قبل فوات الأوان".

لكن القيادة الوسطى الأمريكية والتحالف الدولي سارعا إلى نفي تلك المعلومات، مؤكدين أن الأمريكيين لا زالوا يمارسون عملهم بـ "شكل طبيعي" في قاعدة بلد الجوية، فيما أعلنا اتخاذ تدابير إضافية لحماية العاملين هناك بعد تقييم الأوضاع الأمنية في القاعدة، دون الكشف عن طبيعة تلك الإجراءات. كما نفت قيادة العمليات المشتركة هي الأخرى، مؤكدةً حماية القواعد العسكرية لـ "ضمان حماية المقاتلين العراقيين والمستشارين الأجانب".

نفت القيادة الأمريكية الوسطى وجود نية لسحب الخبراء الأمريكيين من قاعدة بلد

وعلى الرغم من ذلك حذر خبراء أمنيون وعسكريون، من "عواقب وخيمة وأبواب جحيم" قد تفتح على البلاد نتيجة الهجمات التي تشنها "أذرع إيران في البلاد"، تضع البلاد في "مهب ريح" الصراعات الإقليمية والدولية، محملين الحكومة والنظام السياسي بشكل عام مسؤولية ذلك.

يقول المحلل الأمني أحمد الشريفي في حديث لـ "الترا عراق"، إن "البلاد كانت تفتقر إلى غطاء جوي حين احتل تنظيم داعش مساحات واسعة من البلاد، مادفع الحكومة إلى طلب تحالف دولي لمساعدتها في مواجهة التنظيم، وواشنطن استجابت لذلك، وأعادت انتشار قوات لها في البلاد بتلك الذريعة"، مؤكدًا أن "انسحاب الأمريكيين هذه المرة يعني توقف طائرات أف – 16 التي اشتراها العراق وتوقف الإسناد الجوي الذي يوفره التحالف الدولي".

يضيف الشريفي، أن ذلك "يعني فتح أبواب الجحيم على العراق ووضعه في مهب رياح الصراعات الإقليمية والدولية التي تتلاطم كأمواج عملاقة تتأرجح فيها البلاد كلوح خشبي صغير"، فيما رأى أن المصلحة العليا للبلاد غائبة عن أفكار القائمين على السلطة "والذين لا يرون سوى مصالحهم الشخصية"، واصفًا النموذج السياسي في البلاد بـ "الأمي".

كما حذر من أن الهجمات التي تطال المصالح الأمريكية في البلاد تمثل "لعبًا بالنار"، مشددًا أن شركة "إكسون موبيل" الأمريكية التي  أحبطت انقلابًا في إيران تقاطع مع مصالحها قبل نحو 70 عامًا "قادرة اليوم على قلب موازين المعادلة إقليمًا ودوليًا في حال العبث بمصالحها في العراق".

حذر المحلل الأمني أيضا، من "أيام سيئة قادمة لا تقتصر على توقف طائرات أف – 16 بل ستفتح أبواب الجحيم على البلاد وأولها المطالبة الدولية بالديون المترتبة على البلاد منذ النظام السابق وامتدادًا إلى النظام الحالي، والتي تقف واشنطن دون تفعيلها وإجبار العراق على دفعها".

حذر خبراء أمنيون وعسكريون من "عواقب وخيمة" للهجمات التي تشنها "ميليشيات إيران" ضد المصالح الأمريكية

من جانبه لم يكن المحلل العسكري مؤيد الجحيشي أكثر تفاؤلًا، حيث عد الهجمات "رسائل أيرانية واضحة للولايات المتحدة الأمريكية عبر الأراضي العراقية، تنفذها أذرعها التي تعرف بالفصائل الولائية ضمن الحشد الشعبي، وهي 67 – 68 فصيلًا مسلحًا أبرزها (كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، النجباء) وغيرها"، مؤكدًا أن تلك الفصائل "لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بالقائد العام للقوات المسلحة باستثناء رواتبها التي تتحملها الحكومة، فيما تتلقى تعليماتها وتدريبها وتسليحها من إيران".

اقرأ/ي أيضًا: مأزق عبد المهدي و"الميليشيات".. قرارات على الورق ورد بالصواريخ!

واتهم الحجيشي، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بـ "الارتماء في أحضان إيران، على الرغم من تحذيرات كثيرة صدرت عن أمريكيين وغيرهم من مغبة ذلك"، مشددًا أن من مسؤولية الحكومة "حماية البعثات الأمريكية والخبراء العسكريين وغيرهم"، فيما عد ما يجري مؤشرًا على "عدم وجود دولة من الأساس".

كما أشار الجحيشي، إلى أهمية وجود الفريق الأمريكي في قاعدة بلد الجوية لتأمين استمرار تحليق طائرات أف – 16 العراقية وصيانتها، مبينًا أن "الأتراك لا زالوا حتى اليوم يعتمدون على الأمريكيين لصيانة طائراتهم من ذات النوع على الرغم من مرور 8 سنوات من شرائها وانغماسهم عسكريًا مع الأمريكيين منذ 40 عامًا".

وأوضح الخبير العسكري، أن انسحاب الخبراء الأمريكيين في حال تم من قاعدة بلد فإن ذلك يعني تحول طائرات أف – 16 إلى قطع كبيرة من الحديد دون أي فائدة، ومنح "الدواعش" حرية الحركة بعد غياب المطاردة في المناطق البعيدة والصحراوية التي توفرها الطائرات.

كما أعرب الجحيشي عن استغرابه، من "انحياز الحكومة نحو إيران وتفضيلها على الحليف الأمريكي"، وشبه ذلك بـ "استبدال" التقنية الأمريكية فائقة التطور كطائرات والمركبات بـ "السايبا" الرديئة التي تنتجها إيران.

اتهم الخبراء حكومة عبد المهدي بـ "الارتماء بأحضان إيران" كمن "يفضل السايبا" على التقنية الأمريكية فائقة التطور

بالمقابل، استبعد الجحيشي، انسحاب القطعات العسكرية الأمريكية من مواقع تمركزها في محافظات نينوى والاكتفاء بسحب الخبراء والمهندسين، مؤكدًا أن "رئيس الحكومة عادل عبد المهدي قادر على منع الهجمات الإيرانية ضد المصالح الأمريكية، لكنه لا يريد ذلك".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

العراق ساحة صراع مجددًا.. هل سنشهد مواجهة أمريكية -إيرانية؟

صراع أمريكا وإيران.. هل يمكن مسك العصا من المنتصف؟