24-يوليو-2021

طالت محاولات الاختراق الرئاسات في العراق وشخصيات بارزة (الترا عراق)

الترا عراق - فريق التحرير

على الرغم من دوي فضيحة "بيغاسوس" الذي ما يزال يتردد على مستوى العالم والمنطقة، إلاّ أنّ الجهات الرسمية في العراق فضلت الصمت عن المعلومات التي أشارت إلى تعرض شخصيات كبيرة وبارزة لمحاولات مراقبة وتجسس على مدى سنوات.

ركزت محاولات الاختراق التي استمرت لنحو 3 سنوات على الرئاسات والمسؤولين وقادة الأمن فضلاً عن المرجع السيستاني

وكشف تحقيقي استقصائي ساهم فيه العشرات من الصحافيين من وسائل إعلام مختلفة عن عمليات اختراق وتجسس طالت أكثر من 50 ألف هاتف نقال عبر برنامج "بيغاسوس"، الذي طورته شركة NSO Group الإسرائيلية وباعته إلى أنظمة عربية.

وضربت عمليات الاختراق والتجسس بالبرنامج الإسرائيلي "الخبيث" على حد وصف معدي التحقيق، المنظومة العراقية بمختلف مفاصلها الحساسة لصالح "جهازي استخبارات مرتبطين بالسعودية والإمارات".

ويرجح التحقيق تعرض هواتف مسؤولين بارزين وشخصيات رفيعة المستوى في العراق إلى الاختراق والتنصت بآلية معقّدة تتيح التحكّم بمختلف البيانات من تسجيلات صوتية وصور وفيديوهات ورسائل مكتوبة، دون علم الأجهزة الأمنية العراقية، أو الشخص المستهدف.

وطالت عمليات التجسس 600 سياسي ومسؤول حكومي حول العالم فضلاً عن أفراد أسر عربية حاكمة وصحافيين وناشطي حقوق إنسان ورجال أعمال.

المرجع السيستاني أيضًا!

في العراق، ركزت محاولات الاختراق التي استمرت لنحو 3 سنوات بدءًا من عام 2017، على المسؤولين في السلطات العراقية، على رأسهم رئيس جهاز المخابرات ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فضلاً عن عادل عبد المهدي رئيس الحكومة السابقة، وشخصيات سياسية في مواقع مختلفة، من وزراء ونوّاب ومحافظين.

ولم توفر محاولات الاختراق، آية الله علي السيستاني المرجع الديني الأعلى للشيعة.

كما طالت ضباط وشخصيات أمنية من بينهم الفريق الركن علي الأعرجي، والذي يشغل اليوم منصب أمين سرّ وزارة الدفاع العراقية، إلى جانب صحافيين ونشطاء وسفراء.

ورصد معدو التحقيق هاتف أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الذي قتل في غارة أمريكية مطلع العام الماضي، ضمن الهواتف التي تعرضت لمحاولة اختراق، إضافة إلى فالح الفياض رئيس الهيئة وهادي العامري زعيم تحالف الفتح، وقادة في الحشد الشعبي بينهم قاسم مصلح المفرج عنه حديثًا بعد اعتقاله بتهمة اغتيال الناشط إيهاب الوزني.

الأمن السيبراني.. الهاتف مغلق!

وتزامنت محاولات الاختراق مع تأسيس "فريق الاستجابة لأحداث الأمن" عام 2017، تحت إشراف مستشارية الأمن القومي في العراق والتي يترأسها الآن قاسم الأعرجي عضو منظمة بدر ووزير الداخلية السابق.

ويقول الموقع الرسمي للفريق، إنّ مهامه تشمل "الاستجابة للحوادث السبرانية وحماية البنية التحتية للإنترنت ونشر الوعي في مجال حماية الخصوصية والحماية الذاتية للأفراد والمؤسسات على الإنترنت".

وحاول "الترا عراق" الوصول إلى الفريق لمعرفة الإجراءات التي اتخذتها السلطات العراقية حول المعلومات الخطيرة التي كشف عنها التحقيق، دون جدوى، بسبب إغلاق الهاتف المخصص.

لم يتمكن "الترا عراق" من الوصول إلى فريق الأمن السيبراني بسبب إغلاق الهاتف المخصص

وأجرى الفريق آخر نشاط له قبل أكثر من عامين، كما يشير الموقع الرسمي، فيما رفض ضابط كبير في مستشارية الأمن القومي التعليق لـ "الترا عراق".

"ليس شيئًا مهمًا.."!

ولم تبد الجهات الحكومية المختصة بقضايا الأمن والاتصالات أي اهتمام بالقضية، كما يؤكد باحث مطلع في مجال الأمن الرقمي.

ويقول الباحث مشترطًا عدم كشف هويته، أنّ "الجهات الحكومية المعنية لم تتطرق أو تناقش القضية، على الرغم من الضجة الكبيرة التي أثارتها حول العالم، وحجم الشخصيات المستهدفة في البلاد".

ويضيف، "القضية ليست شيئًا مهمًا بنظر السلطات العراقية، فكل شيء مباح في البلاد لدرجة تسريب البرقيات الأمنية السرية قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة"، مستبعدًا اتخاذ أي إجراء من قبل الحكومة للتحقق من المعلومات الواردة أو تعزيز إجراءات الحماية الإلكتروينة".

كيف يعمل البرنامج الإسرائيلي؟

ويصنف "بيغاسوس"، كأحد أحد البرمجيات الخبيثة، إذ يسمح البرنامج، في حال اخترق الهاتف الذكي ، بالوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى اتصالات حامله، مع إمكانية فتح الكاميرا وأخذ صور ومقاطع فيديو.

وزعمت شركة "أن أس أو" الإسرائيلية المصممة للبرنامج، عقب الفضيحة، إغلاق نظام التجسس "بيغاسوس"، كما نفت المعلومات التي وردت في التحقيق الصحافي الذي أجرته 17 مؤسسة إعلامية بقيادة منظمة "فوربيدن ستوريز" الخيرية للصحافة التي يقع مقرها في باريس.

ويوضح المختص العراقي بالأمن السيبراني، الحسن عباس، أنّ البرنامج يستطيع اختراق الهواتف النقالة بمختلف أنظمتها، وكذلك أنظمة المعلومات، مبينًا أنّ البرنامج يحتوي ثغرات خطيرة جدًا، بضمنها ثغرات "زيرو دي" و"زيرو كلك".

ويقول عباس لـ "الترا عراق"، إنّ "اكتشاف ثغرة زيرو دي غير ممكن من قبل مستخدمي الأجهزة المستهدفين أو شركات التقنيات، كما حدث في تطبيق واتساب وفيسبوك".

الثغرة الأخطر!

ويشير الباحث، إلى أنّ "ثغرات زيرو كلك تعد الأخطر، حيث تسمح باختراق أي جهاز أو نظام دون تفاعل من الضحية أو بدون أي استجابة، بمعنى أنّ المخترق قادر بضغطة زر واحدة على الولوج إلى النظام المستهدف دون أن يكشف أمره عبر رسالة نصية إلى الهاتف أو تطبيقات واتساب أو تليغرام، أو عبر مكالمة لم يتم الرد عليها وغيرها".

ويؤكد عباس، أنّ البرنامج الإسرائيليّ يضم الكثير من ثغرات "زيرو كلك"، ومنها ثغرات الواتساب التي انتشرت عام 2019 بشكل صورة بصيغة "gif" يتم إرسالها إلى الأجهزة العاملة بنظام "أندرويد"، موضحًا أنّ الهاتف المستهدف بهذه الطريقة "يستقبل فيروس من نوع سباير وير وهو من منتجات الشركة الإسرائيلية، ليكون الجهاز تحت تحكمه بشكل كامل".

يؤكد باحث مختص أنّ السلطات العراقية "غير مهتمة" بمتابعة فضيحة التجسس 

ويبيّن عباس، أنّ "شركات من بينها أبل المصصمة لنظام أي أو أس، قد أعلنت سابقًا إصابتها بثغرات زيرو كلك، عبر برنامج مثبت منذ التصنيع لم تكتشفه الشركة"، موضحًا أنّ "البرنامج يخترق الضحية عبر رسالة وحتى دون فتحها".

كيف يمكن التحقق؟

ويؤكد الباحث، أنّ "عمليات الاختراق نجحت على أجهزة آيفون غالبًا لوجود ثغرة زيرو كلك، ولم تنجح على أجهزة أندرويد لصعوبة الأمر"، مشيرًا إلى أنّ "موقعًا يدعى (غيت هاب) للمشاريع المفتوحة المصدر، كان قد سرب معلومات عن وجود مجموعة من الأدوات التي تم استخدامها بعملية التحقيق لكشف هذا التجسس الكبير".

ويشير عباس، إلى أنّ "التحقق من اختراق هواتف الشخصيات العراقية ممكن عبر فحص توفره منظمة العمل الدولية وشركة الأدلة الجنائية التي شاركت في التحقيق".

 

اقرأ/ي أيضًا:

12 شابًا ينقذون عشرات الخائفين من "الفضيحة".. الفراغ القانوني بيئة للابتزاز!

"كلوب هاوس" في العراق.. تحريض وتهديدات بـ"القتل" للصحفيين والنشطاء