23-فبراير-2019

يعاني الغجر في العراق من النبذ الحكومي والاجتماعي (Getty)

لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرق فيها الصدريون أبواب الغجر، اذ إنّ المبادرة الأولى جاءت من زعيمهم الروحي محمد صادق الصدر (1943 - 1999)، عبر منبر الجمعة في الكوفة.

صلى الصدريون جمعتهم في قرية للغجر الكاولية ودعا إمامهم إلى منحهم الحقوق الأساسية كمواطنين عراقيين

إذ دعاهم الصدر، إلى حضور صلاة الجمعة حينها، مما عده البعض خطوة غريبة منه، لكن الصدر "نجح" في ذلك وأجرى تغيرًا في معتقداتهم وسلوكياتهم، كشأن شريحة كبيرة من المجتمع العراقي "كسبها" الصدر عبر خطابه الشعبي القريب من عقلهم الجمعي.

والغجر أو الكاولية ومفردها كاولي، هم مجموعة سكانية عراقية تنتمي إلى مجموعة الشعوب الغجرية، التي تعود جذورها إلى شبه الجزيرة الهندية ودلتا السند، ويشكلون في العراق أقلية عرقية تتوزع في قرى وتجمعات بشرية، عادةً ما تكون منعزلة على أطراف المدن والبلدات، فيما تشير إحصائيات إلى أن عددهم كان يبلغ نحو 50 ألف نسمة في عام 2005.

اقرأ/ي أيضًا: الغجر في العراق.. الصعود إلى الهاوية

حيث توجد للكاولية تجمعات سكانية في محافظة بغداد والبصرة ونينوى، إضافة إلى بعض القرى في سهول جنوب العراق بالمثنى والديوانية، كما أن كنعان، وهي إحدى مدن محافظة ديالى، تعتبر أهم موطن للغجر في العراق.

تحرك صدري جديد

الخطوة الثانية للصدريين جاءت، أمس الجمعة 23 شباط/فبراير، بشكل مختلف، حيث أقيمت صلاة الجمعة، في قرية الزهور التي يقطنها الغجر في أطراف مدينة الديوانية بإمامة هادي الدنيناوي، خطيب مسجد الكوفة. إذ طالب الدنيناوي بتوفير الخدمات للمنطقة وإنشاء شبكة مياه صالحة للشرب وتوفير الكهرباء، إضافة إلى رفع النفايات التي سببت الأمراض للأطفال.

 طالب الدينياوي أيضًا، الجهات المسؤولة بتوفير البطاقة الوطنية للإنسان الغجري، "باعتباره مواطنًا عراقيًا، وعدم وجود أي قانون يستدعي حرمانهم من حقوقهم المدنية"، داعيًا إلى "كسر الحواجر بينهم وبين فئات المجتمع الأخرى ورفع الاتهامات المغرضة عنهم".

صلاة الجمعة في قرية الزهور التي يقطنها الكاولية 
جرت صلاة الجمعة وسط القرية وبين منازلها المتهالكة

خطوة الصدريين، أثارت تفاعلًا في مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد وآخر يرى فيها خطوة سياسية أكثر من كونها إنسانية. حيث أشاد الإعلامي والشاعر علي وجيه في صفحته على فيسبوك، بالخطوة لـ "تطبيقها" عبارة الإمام عليّ بحذافيرها "الناس صنفان: أما أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق".

لكن المدون فاضل اليونس رأى، عبر حسابه الشخصي، الخطوة "حركة سياسية ظاهرها وجه الله وباطنها صندوق الانتخابات"، في إشارة إلى خطوات من هذا النوع تقدم عليها الأحزاب والجهات السياسية غالبًا في مناطق الغجر والعشوائيات والأحياء الفقيرة قبل فترة وجيزة من الانتخابات.

فيما عدت الصحفية منار الزبيدي، الخطوة "رسالة واضحة بأن هؤلاء الناس لا يختلفون عن باقي المجتمع"، ودعوة إلى "إسقاط كل التهم الموجهة ضد الغجر"، معربة عن أملها بأن "تضع هذه الخطبة والصلاة حدًا لتنمر المجتمع وظلمه للغجر".

التعليقات أظهرت نظرة من جانب آخر للخطوة، حيث رأى فيها نزار موسى "جانبًا إكراهيًا وتجاوزًا على حقوق الغجر في ممارسة حرياتهم الشخصية"، بينما دعا منتظر حسين، إلى منح الغجر حريتهم وحقوقهم وفك "الحصار عنهم" قبل الصلاة قربهم، على حد تعبيره.

 

في حين تحظر السلطات منح الغجر الجنسية العراقية، ما يترتب عليه حرمان من الحقوق الأساسية كالتعليم والتوظيف في مؤسسات الدولة، أما مناطق سكنهم فتبدو أقرب إلى المقابر منها إلى القرى أو المناطق السكنية، مع انتشار للأوبئة والأمراض ونقص في المياه الصالحة للشرب والخدمات الأخرى.

 كما تعرض الغجر إلى حملات من الاضطهاد والتعسف شأنهم شأن بقية الأقليات في المدينة إبان هيمنة الميليشيات المتشددة على المدينة، حيث طالتهم عمليات القتل، ومنعوا من إقامة حفلات الرقص والغناء التي عرفوا بها وورثوها عن أجدادهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مجلس الوزراء يشعل سخرية فيسبوك بـ "نص كيلو عدس" ويهرب!

منشور على فيسبوك يلاحق المالكي منذ 5 سنوات