20-مارس-2023
نوروز

أجواء احتفالات نوروز هذا العام في عقرة (Getty)

بأزياء خاصة تبدأ أسعارها من 600 دولار يصنعها خياطون مختصون من أنواع فاخرة من الأقمشة، يحتفل الآلاف في مناطق إقليم كردستان بعيد نوروز، ورأس السنة الكردية، ويحتفظون بها لسنوات طويلة.

يرتدي المحتفلون بأعياد نوروز الثياب الخاصة عند إيقاد المشاعل وأخرى صباح الـ 21 من آذار في أجواء ساحرة

بالنسبة للرجال يتكون الزي من قطعة قماش بطول عشرة أمتار تتضاعف أحيانًا، حسب القدرة المالية، بألوان مختلفة مزهرة أو مذهبة، تلف حول سروال واسع. وفي الأعلى يرتدي الرجال عادة قميصًا أبيض تعلوه سترة بسحاب يغلق عند نصفها الأسفل.

3

 

ثياب غالية

وللنساء زي مخصص من قطعتين تبرز فيها الألوان الزاهية عكس الرجالية التي تتدرج بين الألوان الصحراوية والرصاصية والزرقاء. لا تربط النساء حزامًا عاديًا، بل يستخدمن غالبًا شريطًا ذهبيًا، مصنوع من الذهب بشكل كامل أحيانًا.

ولأن الزي لا يكتمل دون وجود الحذاء المعروف في كردستان بـ "الكالة"، فأن النساء والرجال يحصلون على هذه القطعة البيضاء المصنوعة من جلود الحيوانات، بأسعار تتراوح بين 50 - 200 دولار بحسب الجودة.

يقول المتخصص في الفلكلور الكردي محمد حمه ياسين لـ "الترا عراق"، إنّ "الأزياء الفلكلورية والكالة، حاضرة في كل مناسبة، لكن احتفالات نوروز لها بهجة خاصة، فالناس ترتديها مرتين، الأولى في الـ 20 من آذار قبل المغرب عندما توقد شعلة العيد، ثم في اليوم التالي عند الصباح خلال الصعود إلى المرتفعات والأماكن المفتوحة".

3

 

الحداد والشعلة

طقوس نوروز متميزة وجذابة يضيف ياسين، مبينًا أنّ "النار هي بداية الاحتفال وجزء من فكرة مبنية على رواية حول ملك يدعى الضحاك كان يملك أفعى تتغذى على أدمغة الأطفال، وحين سلب 15 طفلاً من أطفال كاوه الحداد في ذلك الزمان، ولم يبق لأخير سوى طفلة صغيرة، فقرر أن يفديها بروحه وتوجه إلى قصر الضحاك بمطرقته واستطاع التغلب عليه، ثم أوقد النيران فوق القصر وحمل شعلة بيده، فعرف الناس أنّه قد انتصر، وأنّ هذه النيران هي مشعل الحرية، فاعتاد السكان الكرد والآخرين الذين يقيمون في محيطهم مثل التركمان والفرس الاحتفال بنوروز ورأس السنة التي وصلت إلى عام 2635 وفق التقويم الكردي، عن طريق إيقاد النار".

تعبر الاحتفالات عن رواية مناضل كردي واجه حاكمًا ظالمًا ولنتصر عليه في مواجهة بالمطرقة 

توقد الشعلة قبل غروب شمس 20 آذار/مارس، وبعدها يبدأ الكرد دبكتهم الشهيرة في الساحات العامة والأماكن السياحية، ويتوجه الناس في صباح اليوم التالي إلى المناطق الجبلية والمساحات الخضراء التي تزهر في الربيع، ليقدموا الآكلات المعتادة من "الدولمة" و"البرياني" و"القلية" على سفرة الغداء، التي توزع أطباقها بين العائلات الحاضرة في المكان حتى دون سابق معرفة بينها، في طقس يمتن العلاقات الانسانية، بينما يوقدون مناقل النار لتسخين الشاي.

ويتميز كرد سوريا وتركيا ممن يقيمون في إقليم كردستان بتقديم أصناف أخرى من الطعام، فهم عادة ما يفضلون اللحم المشوي من "كباب وكفتة وكبب" الذي يعرف عندهم بـ "طعام نوروز الكرمانجي"، وهو تعبير باللغة الكردية الكرمانية، فيما يشتهر الكرد العراقيون بالمطبخ المعروف بـ "السوراني"، نسبة إلى اللغة المنتشرة في أربيل والسليمانية وبعض المناطق الكردية في ايران.

والمناسبة القومية الكردية هي فرصة للسياحة أيضًا، حيث يتوافد الآلاف سنويًا من محافظات العراق المختلفة لحضور الأمسيات والجلسات التي يتم التحضير لها وإقامتها في الإقليم، حيث تشهد الفنادق زخمًا شديدًا وتنتعش المصايف في نشاط اقتصادي مفيد.

3

 

مراقبة "المضاربين"

ويؤكد محافظ أربيل أوميد خوشناو استمرار حملات التفتيش على المحال التجارية والأماكن السياحية خلال أعياد نوروز، لمنع المضاربين بالأسعار، مبينًا في تصريح أنّ "الحملة ستستمر خلال شهر رمضان، بوجود لجان مخصصة لمراقبة الفنادق وغيرها من الأماكن".

ويتزامن عيد نوروز هذا العام مع شهر رمضان، ولأن غالبية السكان في الإقليم من المسلمين، فقد وضعوا خطة للاحتفال بنوروز والدخول مباشرة إلى أجواء الشهر الفضيل.

3

 

طقوس طرد النحس

تقول بهار محمد، سيدة كردية من السليمانية، لـ "الترا عراق"، إنّ "زينة رمضان تتضمن فوانيس ونشرات ضوئية وهلالاً، أما زينة نوروز فستكون مشتقة من التراث الإيراني، بوجود طاولة (السينات السبعة)".

تبرز طقوس طرد النحس من بين فعاليات الاحتفال بأعياد نوروز في ثقافة إيرانية يمارسها بعض المحتفلين في السليمانية وحلبجة ومناطق أخرى من البلاد

ولا يحتفل كرد العراق بالعادة مثل الإيرانيين بطاولة "السينات" خلال المناسبة، لكن بعض العائلات في السليمانية وحلبجة القريبتان من الأراضي الإيرانية يفضلان وضع هذه الطاولة وبعض التفاصيل التي يعتقدون أنّها تجلب كثيرًا من الحظ الجيد والفرح، وقد امتدت هذه الطقوس إلى مناطق أخرى في وسط وجنوب العراق.

وطاولة "السينات السبعة"، هي سبعة مواد تحضر في مائدة في ليلة نوروز تبدأ جميعها بحرف السين باللغة الفارسية:

  • "سبزه": صحن من الخضروات.
  • "سركة": نوع من الخل.
  • "سنجد": التمر، أو ثمرة برية تشبه العنب.
  • "سمنو": الحلوى الربيع الإيرانية.
  • "سيب": التفاح.
  •  "سير": الثوم.
  • "سماق": نوع من البهار.

3

 

هورمان وعقرة

وفي أطراف حلبجة، عند الحدود الإيرانية، يكون لنوروز طعم آخر، فمدينة "هورمان" الكردية تحتفل بالموسيقى التراثية المعتمدة على الدفوف والبزق، بلغة مختلفة عن اللغات الكردية في المنطقة تعرف بـ "الهورمانية"، ويغني المحتفلون بين ثمر الرمان الأحمر المشهور.

مراسم الاحتفال تبدأ بتجمع مئات الأشخاص في سلاسل بشرية من الرجال والنساء، على حواف المنازل المبنية بشكل متدرج على المرتفعات في المنقطة، ليشكلوا لوحة مميزة عن نوروز.

وتتميز المدينة الحدودية بالمنازل الجبلية المترتبة على شكل أدراج كبيرة تعلوها مآذن المساجد، والألوان الصاخبة المفرحة.

3

وفي عقرة بمحافظة دهوك، التي تعرف بعاصمة نوروز، يوقد الكرد، على أصوات الأغاني "البادينية"، لغة كردية أخرى، المشاعل ويصعدون بها إلى أعالي الجبال بسلاسل من النار، بحضور عشرات السفراء والممثلين القنصليين والضيوف الأجانب، ليستمتعوا بالعروض ووجبة القلية الشهيرة، فعقرة التي تقع على حواف محافظة نينوى تشتهر بكرم الضيافة مما يجعلها قبلة في هذه المناسبة.

وتعطل سلطات إقليم كردستان العراق الدوام الرسمي لأربعة أيام 21 - 24 آذار/مارس كلّ عام بمناسبة أعياد نوروز.