05-مايو-2019

يمر رمضان هذا العام في ظل طقس معتدل نسبيًا وتحسن أمني (Getty)

يعيش العراقيون أجواء شهر رمضان للعام الهجري 1440، بعد أن استبقوه بالتحضيرات اللازمة، وسط معطيات تشير إلى اختلافه عن السنوات السابقة بعدة أمور في مقدمتها حالة الطقس، وفتح شوارع كانت مغلقة، ومبادرة حكومية تتكرر للمرة الثانية بتوزيع "نصف كيلو غرام من العدس لكل مواطن".

يمر رمضان 2019 في ظل تحسن أمني وظروف جوية مناسبة مع فتح شوارع مهمة مغلقة في العاصمة بغداد وغيرها

يبدأ شهر رمضان هذا العام السبت 5 آيار/مايو، وفق ديوان الوقف السني والمجمع الفقهي العراقي. فيما توقع المتنبئ الجوي الأقدم في مطار البصرة صادق عطية أن "لا تزيد درجات الحرارة خلال شهر رمضان لهذا العام عن 30 درجة مئوية"، في حين يتوقع المتنبئ نائل العلي أن "تكون درجات الحرارة خلال اليومين الأول والثاني من شهر رمضان بين 28 - 34 في المنطقة الشمالية من البلاد، و37 - 38 في المنطقة الوسطى، وتتراوح في الجنوبية بين 38 - 39 درجة مئوية"، عازيا ذلك إلى "تأثر العراق بكتلة هوائية حارة".

"عروض مستوردة"

في الأسواق التجارية شبه الخالية من المنتجات المحلية، سجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا متوسطًا مع إقبال شهر رمضان، لكن تنافس الشركات والدول على السوق العراقية، خاصة في الفترة الأخيرة، أوجد بدائل، وفق بائعين، منعت أغلب التُجار العراقيين، إلى حد ما، من رفع الأسعار كما اعتادوا عليه في مواسم سابقة.

اقرأ/ي أيضًا: بالخريطة| التوقعات الجوية لحالة الطقس في رمضان المقبل

هذا التنافس، بحسب بائعين تحدثوا لـ "ألترا عراق" جعل الأسواق العراقية "محتلة من السلع المستوردة بحيث زاحمت المنتج المحلي برغم قلته وطردته، منها بيض المائدة ومشتقات الحليب والأسماك والدجاج الحي والخضروات والفواكه والتمور".

يلفت النظر، حال دخول الأسواق الشعبية في العاصمة وأغلب المحافظات الأخرى، هذه الأيام، تجمع متبضعين غالبيتهم ممن يعيش دون خط الفقر ضمن ربع العراقيين، متحلقين حول أكوام من المواد الغذائية أمام المحال أو داخلها، تتضمن أنواعًا مختلفة من المواد الأساسية كالأجبان وبعض أنواع اللحوم والمعلبات والمواد الغذائية الأساسية الأخرى في الموائد الرمضانية، وجميعها من مناشئ تركية وإيرانية وسعودية وكويتية، في مشهد يشبه "بالات" الملابس المستعملة.

على هذه الأكوام من الأطعمة، لافتات تشير إلى أسعار تبدأ من 250، ولا يتجاوز أغلاها 5 آلاف دينار، فيما يُطلق عليه بـ"العروض" والتي تشمل المواد الغذائية التي اقترب موعد انتهاء صلاحيتها للاستخدام.

تتسابق المواد الغذائية المستوردة من تركيا وإيران والسعودية وغيرها إلى موائد العراقيين في رمضان في ظل غياب المنتج العراقي وارتفاع معدلات الفقر

باستثناء تصديره للنفط، تميل التبادلات التجارية للعراق مع غالبية الدول وخاصة المجاورة لصالحها وتتخذه بعضها سوقًا أساسية لمنتجاتها وتطمح لزيادة الصادرات إليه، فيما يشدد وزير الصناعة السابق محمد صاحب الدراجي على "وجود عملية مقصودة ومتعمدة لإفشال الصناعة المحلية".

الدراجي أشار في تصريحات سابقة، الى أن "أي وزير يستلم الصناعة يُفرض عليه عدم تشغيل المصانع والمعامل المغلقة والبالغ عددها 10 آلاف مصنع أهلي وأكثر من 300 حكومي، بسبب غياب الدعم وحماية المنتج المحلي أمام المنتجات الصينية والسعودية والإيرانية وغيرها"، ملمحًا إلى تورط نواب ومسؤولين كبار في هذا الأمر.

"مستجدات رمضان 2019"

ويبدو أن الطقوس التي اعتاد العراقيون على ممارستها في أشهر رمضان، كالخروج للتنزه بعد الإفطار أو البقاء في الشوارع والمقاهي حتى ساعات السحور إضافة إلى تبادل الزيارات العائلية وممارسة الالعاب الجماعية كـ "المحيبس"، ستنتعش هذا العام بشكل أكبر في ظل الطقس المعتدل وتحسن الوضع الأمني مقارنة بالسنوات السابقة، وخاصة الأخيرة التي شهدت معارك ضد تنظيم "داعش".

أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم ظهر، قبل أيام، في مقطع مصور بثه "داعش" على الإنترنت، متحدثًا عن "الثأر" لهزائم تنظيمه في العراق وسوريا، واستراتيجيته الجديدة المتمثلة بـ"حرب الاستنزاف" بعد خسارته كل الاراضي التي سيطر عليها في حزيران/ يونيو 2014، لكن كثير من العراقيين تفاعلوا معه باستخفاف وسخرية رغم تأكيد عدة دول أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا أن "خطر التنظيم لم ينته بعد".

ربما يسهم شهر رمضان في تأجيل النزاعات العشائرية في البصرة، في حين لا يزال عدد كبير من النازحين يعيشون أوضاعًا انسانية مزرية في مخيمات النزوح

في بغداد، سيسلك الأهالي طرقًا جديدة كانت مغلقة في السابق بحواجز كونكريتية رفعت مؤخرًا، كما أن المنطقة الخضراء، حيث تسكن أبرز الشخصيات السياسية وقادة الأحزاب، وحيث نظافة الشوارع لا تقارن بأي منطقة في البلاد والإشارات المرورية شغالة ويعتمدها رجال المرور في حركة السير خلاف غيرها، ستكون مفتوحة أمام المواطنين للعبور فقط، دون السماح لهم بالوقوف في شوارعها طويلًا أو الجلوس في حدائقها الكثيرة والمغلقة أمام غير ساكنيها ذوي الهويات التعريفية الخاصة.

اقرأ/ي أيضًا: غجر العراق.. حكاية نفي داخل الوطن!

في البصرة، فد تبدو بركة أيام رمضان أوضح للمواطنين، من السابق، في حال دفعت قدسية هذا الشهر، كما ترجح مصادر أمنية، عشيرتي الحمادنة والبطوط المتنازعتين بالأسلحة الثقيلة والصواريخ والطائرات المسيرة، إلى تمديد هدنة قصيرة توصلوا إليها، مؤخرًا، بعد نزاع سقط فيه قتلى وجرحى من الطرفين.

أما النازحون، الذين تكثر منشورات التعاطف معهم في مواقع التواصل الاجتماعي خلال شهر رمضان بشكل خاص، فقد عاد 4 ملايين منهم، وفق ما قالت وزارة الهجرة في بيان أوردته في 3 آذار/ مارس الماضي، لكن لا يزال هناك 95 ألف نازح في المخيمات. لكن مفوضية حقوق الانسان تقول إن تلك الإحصائيات غير دقيقة، مؤكدة أن "احصائياتها ومنظمات المجتمع المدني سجلت وجود أكثر من مليوني نازح لم يعودوا لديارهم بعد".

انفجار الكرادة و"مكرمة" العدس!

أبرز ما يتعلق برمضان 2019 في العراق هو مبادرة مجلس الوزراء، في 17 شباط/ فبراير الماضي، بـ "توزيع نصف كيلو غرام من مادة العدس لكل مواطن عراقي"، وتحولت من حينها الى حديث تندر وسخرية كبيرين، لا زال مستمرًا، وراح بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يدعون إلى "حرمان" صاحب أي منشور لايعجبهم أو مجرم يلقى القبض عليه وتنشر الأجهزة الأمنية صورته، من حصته من العدس.

تعج مواقع وصفحات التواصل بالمنشورات والصور الساخرة من مبادرة توزيع نصف كيلو عدس، فيما ستعيد ذكرى تفجير الكرادة مطالب كشف التحقيقات ومحاسبة المسؤولين عنه

هذا الحديث الساخر على مبادرة، سيخف ويتراجع مع ذكرى إنفجار الكرادة في رمضان 2016، والذي أدى إلى مقتل 324 شخصًا وإصابة 250 آخرين. مع هذه الذكرى تكثر الأحاديث والمطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي بإعلان نتائج تحقيق اللجنة التي شكلتها الحكومة السابقة في حينه، ولم تعلن شيء بخصوص الحادثة حتى الآن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قبور باهظة وموت مستمر.. مصائب الموصل عند قوم فوائد!

أمطار.. عواصف ترابية ومفاجأة جوية تحملها الأيام القادمة!