30-أكتوبر-2020

لم تعد حركة تشرين مجرد تظاهرة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

عام انقضى على واحدة من أبرز النشاطات الشعبية في العراق والناتجة عن 17 عامًا من عدم الرضا الشعبي تجاه العملية السياسية بعد 2003، قاومت خلاله عاصفة احتجاجات تشرين، العديد من المطبات والصعوبات الأمنية والاجتماعية والسياسية، ليتخذ عدد من ناشطي هذا الحراك قرارًا في ذكراه السنوية الأولى، لاقى ردود فعل مختلفة معظمها كانت ذات أثر عاطفي.

اتخذت القوات الأمنية قرارًا بفتح بعض الطرق المغلقة منذ عام كامل، حيث عمدت إلى رفع الصبات الكونكريتية من ساحة النصر وفتح الطريق عبر نفق التحرير

وبعد انقضاء فعاليات يوم الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، المرتبطة بإحياء الذكرى السنوية الأولى للحراك الذي اندلع في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، أخذ عدد من ناشطي الحراك القرار الأصعب، والذي طالما تردد وراود الناشطين دون الإقدام عليه، إلا أن ما تخلل فعاليات الذكرى الأولى من نشاطات وصفها نشطاء بأنها "مريبة" وغير مفهومة، كان له الدور الأكبر في الإقدام على هذه الخطوة المتمثلة بـ"رفع الخيام وفض الاعتصام في ذكراه السنوية الأولى".

اقرأ/ي أيضًا: المعادلات المجتمعية والسياسية بعد عام على تشرين

وشهد يوم إحياء ذكرى اندلاع احتجاجات تشرين، نشاطات تمثلت باستخدام بعض المحتجين قنابل يدوية والمولوتوف تجاه القوات الأمنية بحسب شهود عيان، الأمر الذي استهجنه عدد كبير من المتظاهرين والناشطين المعروفين في الحراك، وهو ما كان سببًا كافيًا لإنهاء الاعتصام ورفع الخيام، حفاظًا على تشرين من الضياع، بصفته حراكًا لا يقتصر على الاعتصام، كما قال ناشطون.

وعقب هذه الخطوة، اتخذت القوات الأمنية قرارًا بفتح بعض الطرق المغلقة منذ عام كامل، حيث عمدت إلى رفع الصبات الكونكريتية من ساحة النصر وفتح الطريق عبر نفق التحرير الذي كان قد أصبح رمزًا إضافيًا لاحتجاجات تشرين جنبًا إلى جنب المطعم التركي، باتجاه ساحة الخلاني، الذي بدأت العجلات تسير وسطه بعد غياب دام لعام كامل.

هذه الخطوة أثارت الشجون لدى المتظاهرين والناشطين وشرائح واسعة من المتعاطفين والمشاركين باحتجاجات تشرين حيث لا يخلو نفق التحرير من ذكرى ارتبطت بكل من شارك في الاحتجاجات فضلًا عن كونه شاهدًا على سقوط دماء عدد من المتظاهرين، بحسب منشورات علّقت على الحدث في مواقع التواصل الاجتماعي.

وأقدم عدد من الناشطين على رصد المكتسبات من احتجاجات تشرين وتناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لإثبات أن التظاهرات لم تكن عبثية وحققت بعض المكتسبات وفي طريقها لتحقيق الجزء الآخر من اهدافها.

ويقول المتظاهر والناشط سيف أحمد في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "من نتائج احتجاجات تشرين إنتاج حراك نسوي مثقف وحر غير مسبوق، فضلًا عن زيادة الوعي السياسي لدى العامة، وفضح الطبقة الحاكمة ومن يدعمهم تحت رداء الدين، زيادة الوعي بالحريات الشخصية المحظورة خجلًا من قوانين دينية، أو أعراف اجتماعية، وصار الأحرار يدافعون عنها علنًا تماشيًا مع العلم والتطور، مشاركة طلابية واسعة دخول الجامعات والأساتذة على خط الحراك، وإنتاج حاضنة شعبية جديدة لحماية الأقليات الفكرية من بطش العصابات التابعة للأحزاب الحكومية، بالاضافة إلى إيجاد تنوع  وحراك مختلف لا يسيطر عليه حزب أو تيار ولهم رأيهم الخاص وقراراتهم الخاصة".

وبين العاطفة والحسابات السياسية، اعتبر ناشطون ومتظاهرون أن فتح الطرق والذي جاء على خلفية القرار برفع الخيام، هو نتيجة حتمية ولا بد منها للحفاظ على تشرين كصفة احتجاجية لا تنتهي برفع الخيام وفتح الطرق، وكون هذه الخطوة ضرورية لتفويت الفرصة على العناصر التي تريد خلط الأوراق ودفع المتظاهرين إلى صدامات ودماء جديدة، بحسب قولهم، فيما ترى عناصر فاعلة في الاحتجاجات، أن هذه الخطوة فرصة لإعادة التنظيم والتحضير لدخول العملية السياسية ومزاحمة الأحزاب والقوى الحاكمة ونقل الفعل الاحتجاجي من الشوارع إلى أروقة العمل السياسي.

عدّ الكاتب سرمد الطائي رفع الخيام هو تكتيك يتبعه محتجو تشرين لتفادي الصدامات مع أطراف تحاول تشويه حراكهم أو استدراجهم إلى صدامات

يقول الكاتب والصحفي السياسي سرمد الطائي في تدوينة رصدها "ألترا عراق"، إنه "لم تعد حركةُ الاحتجاجات هذه مجرد تظاهرة، بل هي تتصرف كسلطة اجتماعية وفكرية مؤثرة داخل اللُعبة السياسية"، مضيفًا بأنها "لحظة تقدمٍ ترسم أمام الخصوم والمنافسين حجم التحدي الذي يمثلُه اللاعب الجديد الفتي، والجميع يراقب إمكانية دخول الشباب الانتخابات المقبلة بماكينة ماهرة في حسابات الرياضيات والحسابات السياسة يمكن أن تغير أوزان الجميع في البرلمان المقبل".

اقرأ/ي أيضًا: كلمة لأحرار تشرين

واعتبر أن الانسحاب ورفع الخيام، هو "تكتيك يتبعه محتجو تشرين لتفادي الصدامات مع أطراف تحاول تشويه حراكهم أو استدراجهم إلى صدامات، وقد سبق للحركة الاحتجاجية أن جربت هذه الخطة خلال أربعينية الحسين في كربلاء، عندما انسحبت مواكب الناشطين تجنُبًا للعنف، وكان ذلك بشكلٍ ما إيذانًا بولادة كتلة ثورية موحدة قرب ضريحِ الإمام"، معتبرًا أن "الحكاية إذنْ لا تنتهي بل هي تطلقُ الآنَ مرحلتها الأخرى وقراراتها الجديدة".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"التطابق البطولي".. ما سبب تحول صفاء السراي إلى رمز للاحتجاج؟

ذكرى 25 تشرين.. حضور يرد على "التسويف" ومواجهة مع "راكبي الموجة"