16-فبراير-2019

نوري المالكي/ رئيس الوزراء الأسبق (google)

خمسة أعوام مرت على أول ظهور لتنظيم داعش، ولا تزال أسباب أكبر انهيار أمني في تاريخ العراق، والذي تسبّب باحتلال ثلث أراضي البلد من قبل مجاميع مسلحة متطرفة تواصل الظهور، تارة يعلنها مسؤولون، وتارة تكشفها الجهود الصحفية.

"ديلي بيست" تتهم نوري المالكي ونجله أحمد وصهره ياسر صخيل بالتورط بصفقات فساد كبيرة واستلام رشاوى متعلقة بعقود عسكرية

قصة فساد جديدة نشرتها صحيفة ديلي بيست الأمريكية، تتهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ونجله أحمد وصهره ياسر صخيل بالتورط بصفقات فساد كبيرة، واستلام رشاوى متعلقة بعقود عسكرية مع شركة أمريكية، تقول الصحيفة، إن "وزارة العدل الأمريكية تجري تحقيقًا بشأنها كونها كلفت "دافعي الضرائب الأمريكيين الملايين".

اقرأ/ي أيضًا: منشور على فيسبوك يلاحق المالكي منذ 5 سنوات

ويبدو أن تحقيق صحيفة ديلي بيست تمكّن من استفزاز المالكي، لا سيما أنه يشير بشكل مباشر إلى علاقة المالكي باحتلال داعش لثلث الأراضي العراقية. إذ أصدر مدير مكتبه هشام الركابي تصريحًا صحفيًا شديد اللهجة ضد تقرير الصحيفة الأمريكية التي وصفها الركابي بالـ"مغمورة".

قال الركابي لوسائل إعلام محلية، إن "ما نشر بهذا الموقع هو استهداف واضح ويندرج ضمن عمليات التسقيط السياسي الذي تقف خلفه جهات خارجية مدعومة من لوبيات الضغط الممولة التي تسعى إلى تضليل الرأي العام"، متوعدًا بـ"مقاضاة موقع The Daily Beast الأمريكي".

ويتمحور التحقيق حول "شركة التعاقدات العسكرية ساليبورت غلوبال سيرفيسز للتأكد فيما يزعم بأنها لعبت دورًا في تقديم رشى لمسؤولين عراقيين مقابل الفوز بعقود استثنائية".

إذ أن "أفراد متنفذين، بضمنهم نوري المالكي، لهم علاقات مع شركة كويتية تدعى آفاق، يزعم بأنها باعت تراخيص وتسهيلات عدد ضخم من عقود عسكرية أمريكية".

أوضحت الصحيفة، أن "قصة شركة آفاق وعلاقاتها مع متعاقدين عسكريين أمريكيين في العراق أتت من مبلغين أفشوا بما لديهم من معلومات رغم ما يشكل ذلك خطورة شخصية عليهم".

العقد الذي حصلت عليه شركة "ساليبورت غلوبال سيرفيسز" تلقت عليه مبلغًا يصل إلى مليار دولار فيما يتوقع أن تكسب 800 مليون دولار أخرى في حلول العام 2021

قالت الصحيفة الأميركية إنه "في كانون الثاني عام 2014 حصلت شركة ساليبورت على عقد من القوة الجوية لتوفير خدمات دعم وتدريب وحماية أمنية للقاعدة، وبضمنها خدمات ذات ضرورة مثل توفير طعام وطاقة كهربائية في القاعدة، حيث تلقت شركة ساليبورت مبلغًا قدره 1.1 مليار دولار مقابل خدماتها في قاعدة بلد".

اقرأ/ي أيضًا: أشباح تلاحق المالكي

وبحسب ديلي بيست، فأن الشركة "تتوقع أن تكسب 800 مليون دولار أخرى بحلول العام 2021 ، قبيل حصولها على عقد قاعدة بلد"، مبينة أن ساليبورت "قامت بتوقيع صفقة مع شركة تسمى آفاق أم قصر للخدمات البحرية".

فيما تنقل الصحيفة عن مصادر من شركة ساليبورت، بالإضافة إلى مصادر أخرى من منتسبين كبار في قاعدة بلد ومكتب الشركة الرئيس في ولاية فرجينيا، وصفهم شركة آفاق على أنها "شريك"، مبينة أن "أربعة مصادر قالت إن نشاطات مزعومة لشركة آفاق بالنيابة عن شركة ساليبورت استقطبت انتباه وزارة العدل الأمريكية".

بينما كشف التحقيق عن "وثائق مرفوعة عن لجنة الأمنيات والتبادل لشركة كاليبورن تكشف فيها أنه في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2016 أدعى منتسب في وزارة الدفاع العراقية بأن شركة آفاق وعدت مسؤولين في الحكومة العراقية بتقديم أموال لهم مقابل قيامهم بتسجيل اسم شركة ساليبورت كمتعاقد تقديم خدمات لقاعدة بلد. وكون بلد هي قاعدة عراقية فأن الحكومة العراقية لها الحق في تحديد المتعاقد الذي يتم استئجاره للعمل هناك".

الصحيفة بينت أن "17 مصدرًا أكدوا ارتباطات شركة آفاق بمسؤولين في الحكومة العراقية"، فيما ما نقلت عن عضو سابق في قيادة شركة ساليبورت في قاعدة بلد، أنه قال، إن "شركة آفاق تقوم بتسهيل الأمور مع المسؤولين العراقيين". فيما كشف عشرة مصادر بحسب الصحيفة، قسم منهم لديهم معلومات مباشرة عن تورط المالكي، حيث قالوا إن "المالكي له هيمنة كاملة على شركة آفاق، في حين معلومات القسم الآخر كانت ثانوية".

وعدت شركة آفاق بتقديم اموال لمسؤولين عراقيين مقابل قيامهم بستجيل اسم شركة "ساليبورت غلوبال سيرفيسز" كمتعاقد تقديم خدمات لقاعدة بلد

وقالت المصادر إن "نجل المالكي، أحمد المالكي ومن ثم صهره ياسر صخيل المالكي وهو نائب حالي في مجلس النواب، يتعاملان أيضا مع آفاق"، مبينة أن "رئيس الوزراء الأسبق لا يدير كل تفاصيل آفاق"، ولكنهم زعموا بأنه يتلقى أجرًا وإن تلك العلاقة كانت ناجحة لصالح ساليبورت.

اقرأ/ي أيضًا: من المالكي إلى عبد المهدي.. قصة الـ100 يوم المكرّرة!

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول كبير سابق في قاعدة بلد قوله، إنه "عندما كان مسؤولو ساليبورت يرومون لقاء المالكي، فإن إدارة شركة آفاق تقوم بترتيب هذا اللقاء".

لفتت ديلي بيست، إلى أن "وزارة العدل الأمريكية تقوم الآن بتحقيقات في خروق محتملة لقوانين أمريكية تحدّ من ممارسات فساد خارجية تكون قد ارتكبتها شركة ساليبورت من خلال علاقاتها مع آفاق، وجاء في ملف شركة كاليبورن، أن التحقيق الحكومي الأمريكي ينظر فيما إذا كانت الإدارة السابقة لشركة ساليبورت تحيط علمًا أو يفترض أن يكون لها علم برشاوى مزعومة من قبلها وعدت بها شركة آفاق لمسؤولين في الحكومة العراقية".

وتشير وثائق الصحيفة إلى أن "شركة آفاق بدأت كشركة مساهمة مع شركة كويتية تدعى أميريكان يونايتد لوجستكس، أو الخدمات اللوجستية المتحدة الأمريكية، المملوكة من قبل ضباط خدمات لوجستية سابقين في الجيش الأمريكي". وأن "شركة أميريكان يونايتد، كانت تدير تحميل البضائع في ميناء أم قصر، وبحلول عام 2007 كان للشركة سيطرة غريبة على شحنات الجيش الأمريكي عبر الميناء".

وبحسب التحقيق، فأن أحد مصادر شركة أميريكان يونايتد، قال إنه "لم يكن هناك أي منافس لها"، ولكن تم إغلاق الشركة بحلول عام 2013 بسبب قضايا خطيرة تتعلق بسمعتها، شركة أميريكان يونايتد كانت تعتمد على سائقي شاحنات عراقيين لتلافي هجمات المسلحين الذين كانوا غالبًا ما يستهدفون الشاحنات الكويتية".

أضاف التحقيق "من أجل تسديد أجور السائقين قامت بإنشاء شركات عراقية التي جمعت بالنهاية معًا في شركة واحدة تحت إدارة شخص يدعى، سامي الأسدي، وذلك في العام 2008".

نجل رئيس الوزراء الأسبق أحمد المالكي وصهره ياسر المالكي يتعاملان أيضًا مع الشركة بالوقت الذي يتلقى نوري المالكي أجرًا منها

تابعت الصحيفة، أن "هذه الشركة التجارية تسمى آفاق، وكان الأسدي هو المسيطر على حركة شحنات البضائع في أم قصر، وفي ما بعد بسبب خلافات مع أميريكان يونايتد فقدت آفاق سيطرتها على أم قصر ووجد الأسدي مخرجًا جديدًا له وبدأ يتعامل مع شركات مثل ساليبورت".

اقرأ/ي أيضًا: المالكي وانهيار الجيش العراقي

ومضت الصحيفة بالقول، إن "تواصل سامي الأسدي مع ساليبورت كان مقنعًا للشركة بسبب علاقات قرابة له مع مسؤولين في الحكومة".

فيما أشارت الصحيفة، إلى أن "أول عقد كشف بين آفاق وساليبورت ربما يكون قد حصل في عام 2012. حيث وقعت ساليبورت عقد خدمات أمني ولوجستي آخر مع قاعدة أخرى وهي قاعدة سبايكر في تكريت لحين وقوعها بيد تنظيم داعش في عام 2014".

وأصبحت قاعدة سبايكر في ما بعد موقعًا لأسوأ جرائم حرب يرتكبها التنظيم في العراق، حيث أوقعوا مجزرة بما يقارب في 1700 متدرب من القوة الجوية بالقرب منها.

ينوه التقرير، نقلاً عن متعاقد سابق، إلى أن "ساليبورت قبل سقوط تكريت كانت واقعة في ديون مع آفاق وهذا ما أكدته عدة مصادر أخرى".

وقال مسؤول سابق في شركة ساليبورت بحسب الصحيفة، إنه "كان هناك عقد موقع في العام 2012 بين آفاق وساليبورت لإدارة القاعدة في تكريت. وكان العقد وفقًا لترتيب 50 / 50 مناصفة وتم التسديد". هذا يعني أن ساليبورت سددت لآفاق نصف حصتها من الفائدة في القاعدة.

أول عقد خدمات بين آفاق وساليبورت حصل في عام 2012 مع قاعدة سبايكر التي أصبحت موقعًا لأسوأ جرائم حرب يرتكبها تنظيم داعش في العراق

أضاف، أنه "عندما كانت شركة ساليبورت تتفاوض مع آفاق، كان نوري المالكي أحد أكثر الأشخاص نفوذًا في البلاد. وفي أيلول/ سبتمبر 2014 وبعد اجتياح تنظيم داعش للعراق، انهارت حكومة المالكي. كانت تلك ضربة كبيرة للمالكي وعائلته فضلًا عن الجهات التجارية الأخرى التي كانت تسانده بضمنهم شركة آفاق".

بينما نقلت مصادر الصحيفة، أن "الصفقة مع آفاق استمرت لسنتين عقب خسارة المالكي لرئاسة الوزراء في حين بقيت قيادة ساليبورت التي تفاوضت في اتمام العقد مستمرة بالعمل للشركة. وفي العام 2016 توقفت ساليبورت عن تسديد الأجور لشركة آفاق"، فيما نقلت عن شخص مطلع على مجريات فسخ العقد، قوله، إن "ساليبورت قالت لشركة آفاق (...) لن نسدد لكم أذهبوا إلى المحكمة، نحن لا نبالي".

في آب/ أغسطس 2016 رفعت آفاق قضية ضد ساليبورت في المحاكم العراقية لإلزامها بتسديد مبلغ 70 مليون دولار ثم لتسديد مبلغ 90 مليون دولار. خسرت كلتا القضيتين بخصوص الالتزامات ولكنها لم تستسلم، ثم استأنفت آفاق القضية وربحتها، بحسب ديلي بيست.

فيما أصدرت محكمة التمييز حكمًا يقضي بأن ساليبورت مدينة لآفاق بمبلغ يزيد على 56 مليون دولار. ولكن رغم ذلك لم يتم تسديد المبلغ لآفاق لأن ساليبورت طعنت بالقرار وفازت مرة أخرى لعدم تقديم آفاق أدلة ثبوتية كافية.

وبحسب التحقيق، فأن مصادر أكدت أن "فقدان قاعدة سبايكر لم يؤثر على آفاق.. الآن يربطها عقد تجاري مع شركة سوسي SOSi الأمريكية من خلال شركة مساهمة مع آفاق تدعى شهد الشرق، كما أنهما شريكان في قاعدتين أخريين هما قاعدة التاجي وقاعدة بسماية".

ويضيف نقلًا عن مسؤول غربي كبير سابق، خدم في عدة جولات في العراق، ومطلع على قصة شركة آفاق، إن "الحكومة الأمريكية أعطت المالكي المال لمساعدته في بناء حكومة ظل حقيقية. وفساد المالكي ساعد بشكل مباشر في ظهور داعش".

وكان مجلس النواب السابق، قد قدم قبل انتهاء مدته التشريعية، ملفًا مطولاً يضم نتائج التحقيق بسقوط الموصل، تشير إلى تورط رئيس الوزراء الأسبق بعدة جوانب مما حدث، تتعلق بحالات فساد وقرارات مرتبكة، واصطفافات طائفية.

صفقة شركة آفاق استمرت لسنتين عقب خسارة نوري المالكي لرئاسة الوزراء في حين بقيت قيادة "ساليبورت" مستمرة بالعمل في الشركة

ولم يأخذ "ملف سقوط الموصل الذي أعدته لجنة الأمن والدفاع برئاسة النائب آنذاك حاكم الزاملي، حتى الآن، فرصته بنقل هذه التحقيقات بشكل فعلي إلى قبة البرلمان، ومحاسبة الأشخاص الذين ورد اسمهم بالتحقيق ومنهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ووزير الزراعة السابق فلاح حسن زيدان، ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي وغيرهم من المسؤولين والقادة العسكريين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟

كم عدد المشاريع المتلكئة في العراق؟