30-يونيو-2022
الجامعات الأهلية

واحدة من أسباب تراجع التعليم (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير 

لم تكن ظاهرة الكلّيات الأهلية حاضرة بهذه الكثرة في العراق كما في السنوات القليلة الأخيرة، بل تكاد تكون منافسة للجامعات الحكومية التي توقّف استحداثها منذ نحو عقدين على الرغم من التراجع الذي يشهده التعليم في العراق. 

ترتبط الكلّيات الأهلية في العراق بشخصيات سياسية متنفذة في النظام السياسي

وبلغت أعداد الكليات الأهلية بين عامي 1988 وحتى 2000، فقط 10 كلّيات، في حين تأسست 75 كلية أهلية منذ العام 2004 إلى 2019، بينما توجد في المقابل 35 جامعة حكومية، بحسب بيانات وزارة التعليم العالي.

السيطرة على التعليم الأهلي

والعديد من الجهات السياسية تتبنى العدد الأكبر في مؤسسات التعليم الأهلي في العراق، بل إنّ الغالبية العظمى تسلط ضغوطًا على وزارة التعليم من أجل تمرير غاياتها وفقًا لوجهة نظره، بحسب نقيب الأكاديميين مهند الهلال. 

ويقول الهلال لـ"ألترا عراق"، إنّ "وزارة التعليم العالي غير قادرة على توجيه أي انتقاد للكليات الأهلية في الوقت الحاضر ذلك لارتباطها بشخصيات سياسية متنفذة".

وبحسب الهلال، فإنّ هناك ضغوط كبيرة تمارس على المؤسسات الحكومية بغية إفشالها في منافسة الكليات الأهلية، ومثاله على ذلك هو "قرار الوزارة بإيقاف الاستحداث في التعليم الحكومي وإطلاقه في الأهلي مما سمح بتضاعف أعداد تلك الجامعات والكليات، وهي جزء من خطة سياسة إفقار المؤسسات الحكومية في المنافسة".

وبموجب قانون التعليم الأهلي رقم 25 لسنة 2016، فإنّ الوزارة مسؤولة عن الإشراف على تلك المؤسسات، وبرغم وجود القانون إلا أنّ وزارة التعليم عجزت عن إصدار تعليمات لتسهيل تنفيذه، وأن أحد الأسباب "أن يكون البعض مستفيدًا، أو هناك ضغوط سياسية تمنع ذلك"، وفقًا لحديث نقيب الأكاديميين.

ويمنح القانون أعلاه مجلس الوزراء صلاحية منح إجازة تأسيس الجامعة أو الكلية أو المعهد الأهلي لأي من الجهات الآتية (حملة شهادة الدكتوراه أو الماجستير من المتقاعدين أو من غير الموظفين ممن هم بمرتبة أستاذ مساعد على الأقل، على أن لا يقل عددهم عن 9 أعضاء لتأسيس الجامعة الأهلية، و7 لتأسيس الكلية الأهلية، و5 أعضاء لتأسيس المعهد الأهلي).

ورفضت وزارة التعليم العالي عبر المتحدث باسمها حيدر العبودي، ووكيل الوزير ياسين العيثاوي، الإجابة عن تساؤلات "ألترا عراق"، بشأن ملف الكلّيات الأهلية في العراق، دون الكشف عن أسباب الامتناع.

ماذا يحدث في الكليات الأهلية؟

واشتكى طلبة الكليات الأهلية من تدني مستوى التعليم العلمي، مقابل ارتفاع أجور الدراسة على المستويين الصباحي والمسائي، مطالبين الجهات المعنية بمراقبة العملية التعليمية في تلك المؤسسات.

وتقول إحدى طالبات التحليلات المرضية والتي تدرس في إحدى الكليات الأهلية وسط بغداد، إنّ "مستوى التعليم سيئ جدًا، وأغلب الطلبة يتخرجون من القسم وهم لا يملكون أي فكرة عن اختصاصهم".

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، تتحدث الطالبة عن "رفض كبير من قبل المختبرات الطبية لطلبة الكليات الأهلية كونهم يدركون جيدًا مستوى التعليم الذي يملكه الطالب بعد تخرجه من هذه الكليات".

وفي المقابل، يقول طالب يدرس الهندسة في كلية أهلية، إنّ "كليته تحاسب على موعد دفع الأقساط أكثر من محاسبتهم على حضور الطالب نفسه للحصص التدريسية"، مشيرًا في ذات الوقت إلى أنّ "الأساتذة يجرون امتحانات عبر تطبيقات الإنترنت دون مراقبة أو محاسبة للطلبة واغلبهم يعتمدون على الغش أو مساعدة بعضهم البعض".

تستقبل جامعات العراق من 600 إلى 700 ألف طالب بشكل سنوي

وبحسب حديث الطالب لـ"ألترا عراق"، فإنّ الرسوب في المراحل قليل جدًا بل ممكن أن يكون "شبه معدوم"، مما يدل ـ وفقًا لرأيه ـ على "تراجع التعليم في هذا القطاع، في حين هناك طلاب يأتون فقط لأجل اداء الامتحانات النهائية ويتخرجون دون حضور أي محاضرة".

ما دور وزارة التخطيط؟

وفي تصريح تابعه "ألترا عراق"، رمت وزارة التعليم العالي الكرة في ملعب التخطيط بشأن افتتاح الكليات الأهلية وعلى لسان مدير عام التعليم الأهلي في الوزارة حسين العبدلي، والذي أكد أنّ "الأمر مرتبط بقرارات وزارة التخطيط هي التي تحدد أهمية افتتاح الكلية من عدمها.

وتواصل "ألترا عراق"، مع وزارة التخطيط والتي ردت على أرجعت أسباب انتشار الكليات الأهلية بشكل كبير في عموم محافظات العراق إلى الزيادة السكانية في البلاد.

ويقول المتحدث باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي، لـ"ألترا عراق"، إنّ "نسب عبور الطلبة من المدارس إلى الكليات والجامعات تتراوح سنويًا ما بين 600 إلى 700 ألف طالب".

والجامعات الحكومية غير قادرة على استيعاب هذه الزيادة الكبيرة في السكان بحسب الهنداوي، الذي يضيف أيضًا أنّ "هناك شروطًا وضعت على الكليات الأهلية من أجل ممارسة التعليم في العراق أبرزها رصانتها العلمية وامتلاكها مباني مجهزة بالمختبرات وكافة الاحتياجات التي تخص التعليم".

ولفت الهنداوي إلى أنّ "وزارته غير مسؤولة عن متابعة الرصانة العلمية في الكليات، وإنما هي جهة مانحة للموافقة على تشييد الكلية بعد تقديم طلب من قبل وزارة التعليم العالي".

دكاكين تجارية

ويتهم الباحث التربوي، علي العامري، المستثمرين في القطاع التعليمي بـ"المتاجرة"، موضحًا أنّ "أغلبهم هم من الطبقة السياسية أو يتبعون شخصيات سياسية متنفذة في البلاد".

وفي حديث لـ"ألترا عراق"، يشير العامري إلى أنّ "الكليات الأهلية حولت المادة العلمية إلى دكاكين تجارية لا تقدم أي فائدة حقيقة إلى الطلبة، حيث أنّ الأجواء غير الأكاديمية باتت تسيطر على الكليات".

كما أنّ عدم وجود محاسبة حقيقة للطلبة مع تراجع المستوى العلمي في الكليات الأهلية ساعد على استقطاب العديد من الخريجين- بحسب العامري- والذي يستطرد قائلًا إنّ "جميع هذه المعطيات أسفرت عن زيادة الأرباح المالية وعدم الاهتمام في الجانب العلمي للطلبة"، وهو ما يجعل منها أجواء رابحة للتجارة بالنسبة للسياسيين. 

ويلفت الباحث التربوي إلى أنّ "القطاع التعليمي الأهلي فشل في العراق مقارنة مع المحيط العربي في هذا الجانب"، معللًا ذلك بـ"المستثمرين في العراق الذين ينظرون إليها كمشاريع تجارية لا غير ولا يهتمون بها كقطاع تربوية وتعليمي".