26-مايو-2023
الصيدلية

مصابو الأمراض النفسية أكثر المتضررين في العراق (فيسبوك)

يفتش "أبو سامر" (58 عامًا) منذ أكثر من 10 أيام في الكثير من الصيدليات المنتشرة في مناطق الكرخ ببغداد، على دواء الريفوتريل لابنته المريضة بشلل الدماغ أو الصرع، لكن دون جدوى، من دون أن يعرف سبب "الاختفاء المفاجئ".

قالت لجنة الصحة النيابية إنّ 25% من الأدوية مهربة بالكامل، أي لا تحتوي إجازة استيراد ولا مفحوصة

وبالمصادفة، اكتشف "أبو سامر" وفق حديث لـ"ألترا عراق"، أنّ الدواء الذي يبحث عنه "ملاحق" من الدولة، كجزء من نحو 65% من الأدوية المستوردة إلى السوق العراقي، وهي نسبة الأدوية المستوردة غير المفحوصة.

يعود هذا الاختفاء، إلى الحملة التي أعلن عنها وزير الصحة مؤخرًا لإتلاف الأدوية المهربة وغير المفحوصة، حيث أكد في بيان "الموافقة على توصيات وزارة الصحة بما يخص تبادل الأدوية بالقطاع الخاص"، مؤكدًا أنه "تم وضع فترة زمنية لكافة الأدوية الداخلة بدون أي فحص أو تسجيل للخضوع لإجراءات الفحص ولغاية يوم 15 أيار/مايو، وأن هذه الأدوية سيتم إتلافها في حال عدم عرضها للفحص أو التسجيل".

وأضاف الحسناوي أنّ "المواد الداخلة بفحص إقليم كردستان يجب أن تصدر لها إجازة من وزارة الصحة الاتحادية ووزارة التجارة"، مشيرًا إلى أن "المواد التي تحمل إجازة بغداد وفحص كردستان تعد قانونية ولا تتعرض لأي مشاكل قانونية".

وأكد "جدية وزارة الصحة 100% بمحاربة موضوع التهريب ومحاسبة كل من يتعامل به بأشد العقوبات القانونية".

في تصريح سابق لرئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، يقول إنّ 25% من الأدوية مهربة بالكامل، أي لا تحتوي إجازة استيراد ولا مفحوصة، و40% لا تمتلك إجازة استيراد لكنها مفحوصة وداخلة عبر إقليم كردستان، و35% الأخرى من الأدوية مفحوصة، وتمتلك إجازة استيراد وداخلة عبر المنافذ الرسمية.

وبمقاطعة تصريح شنكالي، مع تصريح وزير الصحة، فإنّ حتى الأدوية المفحوصة الداخلة من إقليم كردستان، سيتم التعامل معها كأنها غير مفحوصة ومهربة، لأنها وإن كانت مفحوصة من قبل إقليم كردستان، إلا أنها لا تمتلك إجازة استيراد، هذا يعني أنّ حملة وزارة الصحة ستستهدف 65% من الأدوية المستوردة المتواجدة في المذاخر والصيدليات.

هذه المعلومة، زادت من قلق "أبو سامر"، الذي يرى أنه لا يمكن البحث عن علاج بديل لهذا العلاج، كون مرض ابنته يعتبر حساسًا، وهو الصرع، ولا يمكن المغامرة بتغيير العلاج المعتادة عليه منذ سنوات.

يقول "حسين العامري"، وهو صاحب إحدى الصيدليات في بغداد، إنّ "فرقًا تفتيشية من وزارة الصحة تباغت الصيدليات منذ أيام وتقوم بمصادرة وإتلاف جميع الأدوية المستوردة غير المفحوصة".

حاول "ألترا عراق " التواصل مع المتحدث باسم الوزارة، سيف البدر، لكنه لم يجب على الأسئلة بعد معرفتها. تكرّر الأمر مع عضو الفريق الإعلامي لوزارة الصحة، ربى فلاح، التي لم تجب هي الأخرى على الأسئلة. 

والحاجة إلى توضيح من وزارة الصحة، جاء لأن "رفوف الصيدليات أصبحت شبه خالية"، وفقًا لحديث الصيدلاني العامري الذي أوضح أيضًا "أنها لا تحتوي فقط على الأدوية العراقية، وجزء قليل من الأدوية المستوردة بشكل رسمي ومفحوصة"، حيث يبيّن أنّ "ما يفوق الـ60% من الأدوية المستوردة والمعتادة في السوق والمذاخر هي أدوية غير مفحوصة".

ويبيّن العامري أنّ "أكثر أنواع الأدوية التي اختفت من السوق والتي تأثرت بشكل مباشر بهذه الحملات، هي أدوية شركة نوفارتس العالمية وهي المسؤولة عن معظم العلاجات النفسية من بينها التيكريتول والريفوتريل"، مبينًا أنّ "الكثير من الأدوية غير المفحوصة التي اختفت يمكن إيجاد بدائل لها لوجود شركات كثيرة أخرى، لكن شركة نوفارتس المسؤولة عن الأدوية النفسية لا تمتلك مكتبًا أو وكالة في العراق يمكن أن يتم استيراد أدويتها بطريقة رسمية، لذلك لا يوجد أي بدائل لها ولا يمكن أن تدخل إلا عبر التهريب".

ما يفوق الـ60% من الأدوية المستوردة والمعتادة في السوق والمذاخر هي أدوية غير مفحوصة

ويوضح أن "من بين الأدوية الأخرى التي تأثرت بالحملة هي الأدوية السورية والمصرية، وهي المسؤولة عن معظم الأدوية والشرابات المتعلقة بأمراض الزكام والانفلونزا"، مبينًا أنّ "هذه الأدوية أساسًا تشكل نحو  50% من محتويات الصيدليات".

لكنّ نقيب الصيادلة، مصطفى الهيتي، قلّل من خطورة هذا الأمر، قائلًا إنّ "جميع الأدوية المختفية حاليًا ستعود إلى الصيدليات قريبًا".

ويقول الهيتي لـ"ألترا عراق"، إنّ "مختبرات الرقابة الدوائية استلمت طلبات ونماذج الأدوية الداخلة بطريقة غير شرعية، للقيام بفحصها وتم فحص أكثر من 2500 نوع من الدواء حتى الآن، وسيتم إعادتها إلى الأسواق بعد مطابقاتها للمعايير".

يقول نقيب الصيادلة إنّ جميع الأدوية المختفية ستعود إلى الصيدليات 

ولفت الهيتي إلى أنّ "الطلبات تم استلامها حتى 15 أيار/مايو، وخلال هذا الأسبوع، تم إكمال فحص هذا العدد الكبير من الأصناف الدوائية"، لافتًا إلى أنّ "المشكلة ستكون وقتية، وبعد ذلك جميع الأدوية سيتم استيرادها بطرق شرعية ومفحوصة ومسعرة بالكامل".