31-مارس-2020

أصبح صوت الطائرات الأمريكية شبه مُعتاد منذ تصاعد الصدامات مع الفصائل المسلحة (Getty)

بين الفينة والأخرى، يجري حديث عن انقلاب عسكري في العراق رغم فوضى السلاح وتعدد المراكز الأمنية وغياب القرار السياسي والأمني الموحد.

نشرت صحيفة كويتية خبرًا عن إعلان الحرس الثوري والفصائل الموالية له حالة التأهب تحسبًا لانقلاب عسكري في بغداد

هذه المرة، نشرت صحيفة "الجريدة" الكويتية، في 22 آذار/مارس، خبرًا عن إعلان الحرس الثوري والفصائل الموالية له في العراق حالة التأهب "تحسبًا لانقلاب عسكري يدبره الأمريكيون للسيطرة على السلطة في بغداد"، بحسب مصدر قالت الصحيفة إنه في فيلق القدس الإيراني، ونقلت عنه حصول الأمن الإيراني على معلومات استخباراتية تُفيد بإبلاغ الأمريكيين لحلفائهم في بغداد بضرورة تحرك للقوات المسلحة موازٍ لمنظمات المجتمع المدني.

اقرأ/ي أيضًا: فصائل ترحب وأخرى تصمت و"العُصبة" تتبنى.. من يقصف الأمريكان؟

أشار مصدر الصحيفة إلى أن تصفية سليماني والمهندس مثلّت بداية التحرك الأمريكي للانقضاض على السلطة في العراق، مُفيدًا بأن الإيرانيين يجرون اتصالات مكثفة مع أطراف سنية وكردية لمواجهة الخطط الأمريكية.

خذوه على محمل الجد

رغم أن صحيفة كويتية أخرى ادّعت، بعد عملية اغتيال سليماني، أن عملية انقلاب حصلت بالفعل، واعتقالات لشخصيات سياسية وأمنية، إلا أن خبر الصحيفة الكويتية أثار لغطًا كبيرًا لدى الأوساط السياسية والإعلامية، واعتبره النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي "مقدمة لانقلاب أمريكي"، فيما دعا زميله فاضل الفتلاوي إلى "عدم الاستخفاف" بما نشرته (الجريدة) الكويتية بوجود نية انقلاب أمريكي في العراق، مطالبًا الحكومة وجهاز المخابرات بـ "متابعة الأمر بشكل جدي"، و"منع السفير الأمريكي من عقد أية اجتماعات مع السياسيين إلا بموافقات رسمية".

على ذات المنوال، دعا النائب عن تحالف سائرون رياض المسعودي إلى "أخذ الموضوع على محمل الجد وليس كمجرد إشاعات أو أخبار إعلامية"، مطالبًا الحكومة بمنع أي لقاءات تجريها شخصيات سياسية أو عسكرية إلا بموافقتها وبحضور استخباري رسمي، وكذلك، قال عضو كتلة النهج الوطني النيابية حسين العقابي إن "تطرق الإدارة الأمريكية وإعلامها لموضوع التدخل العسكري لا بد أن تأخذه الكتل السياسية على محمل الجد".

عمائم في المناورات!

مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران أمير موسوي، أعطى زخمًا أكبر للموضوع بعد أن تحدث عن "معلومات خطيرة وأفلام ووثائق وأصوات ومستندات مهمة" عن المناورات الأمريكية في الإمارات هدفها "تأهيل كوادر للقيام بالمخطط الأمريكي"، الذي حاكى عبر المناورات منطقة تشبه مدن النجف وكربلاء والكاظمية، ومرقدًا كبيرًا يشبه الموجودة في تلك المدن، حسب تفسيره.

قال موسوي عبر برنامج تلفزيوني في 25 آذار/مارس تابعه "ألترا عراق"، إن "مجموعة عراقية من 180 شخصًا تابعين لثلاث جهات متعاونة مع الأمريكان شاركوا في المناورات، وهم عسكريون ومدنيون وسياسيون وصحفيون ودبلوماسيون سابقون، مدربون على السلاح الخفيف وحرب الشوارع"، فيما لفت الخبير الأمني هاشم الكندي في حديث تلفزيوني إلى وجود أصحاب "عمائم وعقال" ومختلف الطوائف في مناورات الإمارات.

وفيما يؤكد خبراء عسكريون صعوبة حدوث انقلاب في العراق لعدة أسباب منها تعدد الأجهزة العسكرية، إلا أن رئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني، وقبل نحو عشرة أيام من تقرير الصحيفة الكويتية، قلل من أهمية هذا السبب، وقال في حديث تلفزيوني عن الانقلاب: "إذا لم ينجح (اخواننا) في احتواء الشارع فأن خطة (ب) موجودة وجاهزة بقرار أممي"، وأضاف: "التغيير سيكون بأدوات محلية بدل إعادة الاحتلال".

إنزال جوي

من الانقلاب، انتقل الحديث إلى ضربات أمريكية أو "إنزال جوي بدعم أرضي" على مواقع للحشد الشعبي بمشاركة جهاز عسكري عراقي وآخر أمني كما قالت كتائب حزب الله في بيانها يوم 25 آذار/مارس، الذي تحدثت فيه عن "رصد تحركات مريبة للقوات الأمريكية وعملائها"، محذرةً من أن "المخطط الأمريكي سيعرض الدولة العراقية للخطر ويصيب السلم الأهلي في مقتل"، كما حذرت "أي طرف عراقي تسوّل له نفسه المشاركة في هذا المخطط التآمري".

لاحقًا، أعلنت كتائب حزب الله مجددًا عبر لسان المتحدث باسمها محمد محيي، استعدادها لمقاومة القوات الأمريكية إذا أصرت على البقاء أو استهدفت مقاتليها، وقال محيي: "نحن نعي المخططات الأمريكية سواء من داخل العراق وخارجه من أجل استهداف فصائل المقاومة".

ضربات قريبة

في اليوم ذاته، 30 آذار/مارس 2020، قال القيادي في الكتائب أبو علي العسكري في تغريدة على "تويتر": "يبدو أن إدارة ترامب قد قررت شن عدوان مركّز على أهداف محددة في بغداد والمناطق القريبة منها، أو مناطق شمال بابل، وبإذنه تعالى لتؤخرهم ضبابية المعلومة"، مضيفًا: "وصيتنا إلى جميع الإخوان خذوا حذركم من العدو".

يَسمع البغداديون أصوات تحليق الطائرات في الليل، وأصبح ذلك الصوت شبه مُعتاد منذ تصاعد وتيرة الصدامات بين الولايات المتحدة والفصائل المسلحة

في السياق، نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية المقرّبة من حزب الله، "معلومات ومصادر" تتحدث عن مواجهات بين فصائل المقاومة والاحتلال الأمريكي الذي اتخذ قرارًا خلال الساعات الماضية ـ بحسب الصحيفة ـ بضرب مقار القوة الصاروخية التابعة لمنظمة بدر وعصائب أهل الحق وحركة النجباء وكتائب حزب الله، والتي تبلغ عشرة على الأقل في المحافظات الشرقية والوسطى.

تؤكد الصحيفة أن موعد الضربات "بات وشيكًا"، وأن الانسحاب الموعود قد تسبقه "ضربات أمريكية مركّزة ضد مقار حلفاء إيران".

اقرأ/ي أيضًا: القوات المسلحة تهدد الفصائل في بيان ناري.. وتوجه رسالة إلى واشنطن

نواب عراقيون شاركوا الصحيفة الرأي حول انسحاب القوات الأمريكية من بعض القواعد العسكرية كالقائم والقيارة، بأنه يمثل "خطة جديدة تهدف إلى تسهيل اعتداءاتها والقيام بعمل عسكري داخل العراق"، كما رأى النائب عن تحالف الفتح كريم عليوي أن سحب الجنود الأمريكيين من بعض القواعد هو لحمايتهم من هجمات فصائل المقاومة في حال استهدفتهم.

طيران كثيف والمستقيل قلق

يَسمع البغداديون منذ أيام أصوات تحليق الطائرات حتى ساعات متأخرة من الليل، وأصبح ذلك الصوت شبه مُعتاد منذ تصاعد وتيرة الصدامات بين الولايات المتحدة والفصائل المسلحة.

لكن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، وبالتزامن مع تحذيرات الكتائب، أعرب مؤخرًا، في 30 آذار/مارس، عن قلقه من وجود "طيران غير مرخص بالقرب من مناطق عسكرية في سبايكر ومعسكر الشهداء وأشرف والمنصورية وغيرها"، محذرًا من "مغبة القيام بأعمال حربية غير مرخص بها تُعتبر تهديدًا لأمن المواطنين وانتهاكًا لسيادة البلاد".

وكشف مصدر رفض ذكر اسمه لأسباب وظيفية عن رصد الرادارات العراقية تحليق مكثف لطائرات يُعتقد أنها أمريكية. وقال لـ"ألترا عراق" إن "اليومين الماضيين شهدا كثافة في تحليق طائرات (درونز) في الأجواء العراقية"، مبينًا أن "هذا الرصد للطائرات ليس بخافٍ عن الفصائل المسلحة واستخباراتها".

رأي آخر

حذّرت العديد من الأطراف السياسية والأمنية والصحفية من مساعي انقلاب عسكري، وتنفيذ ضربة جوية ضد مواقع لفصائل مسلحة، أو إنزال جوي، لكن أطرافًا من ذات الفئات أشارت إلى أن تحركات الولايات المتحدة هي لتمرير الزرفي، وأنها ستحتل العراق بالقوة في حال إجهاض مخطط رئيس الجمهورية بتمريره.

ويقول رئيس كتلة الفتح النيابية حسن الكعبي إن "الحديث عن انقلاب ومواجهة عسكرية هدفه فرض رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي".

وتنقل قناة تلفزيونية تابعة لعصائب أهل الحق عن مسؤول حكومي قوله إن "الحديث في وسائل الإعلام عن الانقلاب العسكري هو وسيلة ضغط لتمرير حكومة الزرفي".

مصدر لـ"ألترا عراق": اليومان الماضيان شهدا كثافة في تحليق طائرات (درونز) في الأجواء العراقية وهو ليس خافيًا عن الفصائل المسلحة

لكن القيادي في جبهة الانقاذ والتنمية أثيل النجيفي يرى الحديث عن الانقلاب العسكري "مجرد إشاعات تطلقها الأحزاب الدينية الشيعية لتأجيج التعصب الطائفي، فبعد فشل تجربتها في الحكم لم يعد بيدها سوى تهديد مجتمعها بزوال حكم المذهب".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حدد الشخصيات المستهدفة.. تحذر برلماني من مخطط عسكري أمريكي في العراق

هل تنتقل القوات الأمريكية والفصائل إلى "مواجهات مسلحة"؟