رأي

بزشگيان.. "يلتسن إيران"

23 فبراير 2025
.
سيناريو إيراني شبيه بـ"تفكك الاتحاد السوفيتي"
حسيني علي الأطرقجي
حسيني علي الأطرقجي باحث وصحفي

الحرب الدائرة داخل أسوار الشرق الأوسط هي حرب ما بين الذكاء الاصطناعي والغباء الطبيعي، تنتصر بها التكنولوجيا على الأيديولوجيا. مقاربةً وليس قياسًا قد يكون بزشگيان هو الرئيس المرحلي الانتقالي بين نظامين، نظام الثورة الإسلامية في إيران ونظام جمهورية إيران المنكفئ على نفسه داخل حدوده الجغرافية المتأثر بالعوامل والارتدادات في المنطقة، وإن خيار إسقاط النظام بعد العام 2006 كان خيارًا إسرائيليًا، لكن البيت الأبيض ومن خلفه الإدارة الاستراتيجية "عرابو السياسة الخارجية" كانت ترى في ذلك مخاطر، وعلى رأسها أن الفوضى في المنطقة ستكون أكبر من القدرة على احتوائها قياسًا بالقوميات الانفصالية في الداخل الإيراني، وهشاشة الوضع الإقليمي، وتوزيع القوى الجغرافي منها روسيا وتركيا، لذا فإن فرضية تطويع السياسة الإيرانية أفضل من إسقاطها، ولعل السياسي الراحل هاشمي رفسنجاني كان من أعمق من قرأ المشهد وطالب بتقييد إيران الثورة وإطلاق اليد لإيران الدولة، ذات الموقف بعد سنوات تحديدًا في العام 2024 وبوتيرة مشابهة طرحه أحد مساعدي الرئيس الأسبق أحمدي نجاد بتصريح لافت حين قال: "يجب عودة نجاد إلى السلطة ليكون يلتسن الجمهورية الإسلامية".

يرى منظرو السياسة الخارجية الأميركية وأبرزهم بريجينسكي أن وجود إيران الثورة وامتداداتها في المنطقة أفضل استثمار للغرب في الشرق تحت رؤيتهم الخاصة "الاستثمار في العدو" أو "العداوة الباردة"، خاصة بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 بعد نصوج رؤية بريجينسكي بضرورة توازن قوى الإسلام السياسي في الشرق الأوسط على وجه الخصوص لإيجاد أوراق ضغط على المتضادين وخلق دوامة بينهما لتكن إسرائيل بمعزل عن الصراع، وربما يرجح ذلك وقوف الغرب من وراء أصدار الموافقات لإسرائيل باغتيال أبرز رجلين في المحور (عماد مغنية) الدرع الأمني لحزب الله اللبناني والعملية الأميركية المباشرة باغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللذان أخلا بالتوازن لصالح محور المقاومة والإسلام السياسي الشيعي، ومن أجل خلق هذا التوازن أبدت واشنطن سابقًا عدم اكتراث قبالة اغتيال (رفيق الحريري) عام 2005 كونه بحسب مختصين في مشهد توازن القوى كان يمثل الجدار الصلب وحجر العثرة أمام مشروع توازن القوى الجهادية في الشرق الأوسط، مضافًا إليها موقف واشنطن اللين المتساهل تجاه المحور أو الهلال الشيعي طيلة فترة رئاسة الديموقراطي باراك أوباما.

ما يؤيد هذا الافتراض أن مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي الأسبق قد عرض في العام 2018 لائحة التزامات على الجمهورية الإسلامية من 12 بندًا كانت أشبه ما تكون بالتعجيزية ليس فقط وفق رأي الإيرانيين، بل وحتى رأي الداخل الأميركي لها، أما اللافت في هذا الأمر، فإن الإدارة الأميركية أو إسرائيل "الدولة الوظيفية" للسياسة الخارجية الأميركية مارست أدوار القوة في سبيل ترجمة هذا اللائحة بلغة الأفعال على أرض الواقع، أما الدور الأميركي فقد ظهر جليًا برعاية مؤتمرات المعارضة الإيرانية سواءً ( منظمة مجاهدي خلق، أو الحركة الملكية لرضا محمد رضا بهلوي) بتسلسل زمني متتالٍ، ما جعل أرباب النظام يتحسسون جديّة المتغيرات السياسية الأميركية تجاه نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية، وبالعودة للبنود الإثني عشر فقد حققت الإدارة الأميركية عدة انتصارات منها؛ الانسحاب من أفغانستان وإحاطة الجنوب الإيراني بجغرافيا متوترة، وتفكيك محور الثورة الجهادي في لبنان وسوريا ومؤخرًا غزة، الأمر الذي استدعى إيران الدولة بإعادة النظر وسط خلافات متصاعدة في الداخل تجيد الجمهورية الإسلامية حصرها بين جدران السلطة والتعتيم عليها، وأول بوادر هذه الانفراجة - بحسب مطّلعين - هي التخفيف عن حظر مواقع التواصل وإعادة قراءة التشريعات المتشددة تجاه الحريات، وتغليب خطاب السياسة الخارجية المنفتح ومنها خطاب برشگيان لأميركا وخطاب ظريف لإسرائيل، وكان الخطابان يشيان بعلاقات وديّة ضمن أطر الاحتواء والتقارب، ولا بد من الالتفات إلى نقطة مفصلية هي التزام إيران بقواعد الاشباك في عمليات الوعد الصادق الأولى والثانية، ختامًا بالمناورات الإيرانية العسكرية التي حملت الطابع الدفاعي للمنشآت العسكرية والنووية.

سبقت هذه المرحلة، انفتاح في العلاقات الإيرانية تجاه دول المنطقة خاصة مع مصر والبحرين وتحديدًا البحرين الدولة ذات الخصومة الحادة تجاه سياسات إيران، وحراكات تجاه دول الاتحاد الأوروبي في خطوة من الممكن قراءتها على أنها محاولة استباقية لكسر فكرة العزلة الدولية على الجمهورية الإسلامية التي ترى فيه طهران سيناريو على المكتب البيضوي للبيت الأبيض ضمن سياسة ترمب تجاهها، وهي بذات الوقت تراهن على عاملين؛ الأول الورقة الأقوى ضغطًا للتفاوض متمثلة بملف الحوثيين ومن ثم عامل الوقت أو سياسة "حافة الهاوية" التي تجيدها طهران متمثلة بالثبات حتى اللحظات الأخيرة ما قبل العاصفة، وفي حال وصلت العاصفة لحدودها الرسمية فهي تجيد أيضًا التعامل معها من خلال سياسة "الانحناء الثابت أمام العاصفة"، وبالصدد ذاته غمزت إسرائيل إلى إمكانية تشكيل ناتو عربي أميركي إسرائيلي على غرار تحالف حارس الازدهار لتفكيك الترسانة العسكرية للحوثيين لتطويع الملف الإيراني وتليينه قبالة المفاوضات المزمع انعقادها.

التمدد الكبير لروسيا ضمن ما عُرف وقتها بالاتحاد السوفيتي (تفكك عام 1991) شكل عبئًا على قدرات روسيا (اقتصاديًا وعسكريًا وحتى سياسيًا) وفتت صلابتها الداخلية وشتت قرارها وخلق طبقة من أمراء الحرب،  الأمر الذي أدى إلى التداعي والانهيار، لتخضع الإدارة السوفيتية إلى ولادة عسيرة أنتجت روسيا الاتحادية، قد ينطبق ذات الأمر على التمدد الإيراني ضمن محور المقاومة وإضعاف الداخل الإيراني لكثرة الملفات الشائكة وتداعياتها، فضلًا عن تبديد طهران بقدارتها القصوى على المحيط الإقليمي وانشغالها عن الداخل الذي يشكل التهديد الأكبر وهو ما تعانيه حاليًا ما شكل ورقة ضغط قوية على الداخل، لذلك لجأت إيران إلى عقد اتفاقية استراتيجية مع روسيا من أبرز بنودها الدعم المشترك والوقوف على الحياد على أقل تقدير في حال تعرضت إحدى الدولتين إلى قرار دولي بالحرب أو توجيه ضربات عسكرية موضعية ما يترجم خشية إيرانية تترقب فيها سيناريوهات خانقة؛ وبالحديث عن (يلتسن) رئيس روسيا الاتحادية (منذ العام 1991) خلفًا لغرباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي، فإنه يمثل رمزية للمرحلة الانتقالية الروسية "حالة التفكك" من السوفيتية إلى الاتحادية.

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

في 20 من نيسان الحالي، أعلنت “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية” استقبال أول باخرة محملة بالقمح منذ سقوط نظام بشار الأسد، إلى ميناء اللاذقية وعلى متنها 6600 طن من القمح.  وأكد مدير المؤسسة العامة للحبوب، حسن العثمان، لعنب بلدي، أن الباخرة جرى استيرادها عبر شركة “الجود التجارية” الخاصة.  كما وقعت المؤسسة العامة للحبوب عقد استيراد 100 ألف طن قمح وهي قيد التوريد، دون الإفصاح عن جهة الاستيراد.  وبحسب العثمان، جرى أيضًا قبل عدة أيام فض عروض لمناقصة استيراد لذات الكمية، دون توضيح أي معلومات أخرى عن جه
سياسة

الكشف عن إرسال 220 ألف طن قمح "هدية" من السوداني إلى سوريا

أعلنت السفارة العراقية في دمشق إرسال القمح إلى سوريا كـ"هدية" من قبل رئيس الحكومة العراقي

تاشيرات اسبانيا فيزا اسبانيا
مجتمع

قريبًا.. مركز يستقبل طلبات التأشيرات من العراقيين إلى إسبانيا

سفارة مدريد في بغداد تفتتح تقديم طلبات التأشيرات (فيزا) إلى إسبانيا


الاطار التنسيقي
سياسة

ما هدف الإطار التنسيقي من دخول الانتخابات بقوائم متعددة؟

تعليقات من تيار الحكمة وعصائب أهل الحق حول قرار الإطار التنسيقي الدخول إلى الانتخابات بقوائم متعددة

الأنبار العلواني
سياسة

خاص| جلسة في الأنبار أنقذت أحمد العلواني من حكم إعدام معلق منذ 11 عامًا

قرر القضاء إطلاق سراح أحمد العلواني بعد نحو 11 عامًا من تلقيه حكمًا بالإعدام شنقًا حتى الموت بالاستناد إلى قانون العفو العام المعدل

الأكثر قراءة

1
مجتمع

تقارير برلمانية تؤشر ازدياد حالات التسمم الغذائي لمرتادي المطاعم وطالبي "الدلفري"


2
منوعات

الاتحاد الدولي يدرس طلب العراق العاجل قبل مواجهة الأردن في تصفيات المونديال


3
سياسة

خاص| العراق أصبح بـ19 محافظة.. تفاصيل استحداث "حلبجة" والخلافات السياسية والقانونية حولها


4
مجتمع

التربية: المفصولون بالغياب غير مشمولين بالدخول الشامل


5
أخبار

المفوضية: عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في انتخابات 2025 يتجاوز 29 مليون عراقي