26-سبتمبر-2022
الجفاف في العراق

"جميع البحيرات في ديالى تعرضت للجفاق (Getty)

تصارع محافظة ديالى على غرار المحافظات الأخرى الأزمة المائية التي اجتاحت العراق، وألقت بظلالها على واقع الزراعة من جانب، والثروة الحيوانية من جانب آخر، بعد هجرة مئات الفلاحين صوب المدن، عقب نفوق حيواناتهم وجفاف أراضيهم.

أزمة الجفاف تضرب محافظة ديالى وتهدد بفقدان كل أراضيها العام القادم

وفي خطوة حكومية لإيجاد الحلول وصفها البعض بـ"الترقيعية"، أقدمت الجهات المعنية على حفر الآبار وشق مجار جديدة لبعض الأنهار لإيصال المياه إلى بعض المناطق التي تعاني من انعدام المياه بشكل كامل ودخلت مرحلة الجفاف التام.

محافظ ديالى مثنى التميمي كشف، في وقت سابق من العام الجاري، عن قيام طهران بإنشاء 8 سدود جديدة على نهر سيروان التي تعتبر إحدى روافد نهر دجلة، ما تسبب بانخفاض مدخلات سد دربندخان بنسبة 90%.

تحذيرات جديدة

في هذا الصدد، يقول رئيس اتحاد الفلاحين في ديالى رعد التميمي، إن "جميع البحيرات في المحافظة تعرضت للجفاف، رغم الفيضانات المائية التي حدثت في العام 2019".

ويستطرد التميمي خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، قائلًا: "الحكومة المركزية أقدمت على إفراغ البحيرات في المحافظة من المياه بناءً على توقعات تفيد بحدوث موجات أمطار عنيفة في العراق خلال العام 2021 و2022 وما حدث عكس ذلك تمامًا".

الحكومة المركزية استبعدت محافظة ديالى من خطتها الزراعية الشتوية والصيفية الخاصة بالمياه، والكلام للتميمي، الذي أشار إلى أن "الحكومة أرسلت إشعارًا إلى المحافظة للاعتماد على الآبار لسد حاجتها من المياه خلال فصل الزراعة".

اعتمدت محافظة ديالى في زراعتها على الآبار لاستبعادها من الخطة الزراعية الشتوية والصيفية

وبحسب رئيس اتحاد الفلاحين، فأن سد دربندخان زوّد ديالى هذا العام بـ 250 مليون متر مكعب من المياه، فيما أرسلت إيران بعد وساطة قيادات الحشد الشعبي في المحافظة 300 مليون متر مكعب عبر دربندخان ونهر سيروان.

ويوجد سد دربندخان في محافظة السليمانية (شمال العراق)، حيث أنشأ هذا السد على نهر ديالى، الذي يعد خامس روافد نهر دجلة، ويتكون من التقاء نهري سيروان وتانجرو، إذ يمر عبر إيران والعراق، ويبلغ طوله الإجمالي 445 كم.

وختم التميمي، حديثه بالقول إن "هناك مئات الأسر من فلاحي المحافظة تركوا الأراضي بعد موتها ونفوق الحيوانات، وتوجهوا صوب المدينة بحثًا عن العمل"، محذرًا من فقدان جميع الأراضي الزراعية في المحافظة العام المقبل في حال بقاء الأزمة المائية على هذا النحو.

وقلّص العراق مساحة الأراضي المشمولة بالخطة الزراعية إلى النصف، فيما استبعد بعض المحافظات من الخطة بشكل كامل عقب موجة الجفاف التي ضربت البلاد وتسببت بأزمة مائية غير مسبوقة جراء قطع وتقليص التدفقات المائية من قبل إيران وتركيا.

أرقام وإحصائيات

"محافظة ديالى تمتلك أكثر من 260 ألف دونم صالح للزراعة، والجفاف ضرب نحو 70% من هذه الأراضي خلال العام الجاري"، وفقًا لعلي الكرخي، الخبير في المجال المائي والزراعي.

بلغت إمدادات المياه القادمة إيران إلى ديالى صفرًا، بينما صارت الأراضي النهرية على الحدود ملاعب لكرة القدم

ويتحدث الكرخي لـ "ألترا عراق"، قائلًا: "أكثر من 180 ألف دونم في المحافظة تعرض للإتلاف جراء الجفاف"، مبينًا أن "هناك 20 ألف مواطن يمتهن الزراعة في المحافظة تضرر بسبب الأزمة المائية".

ويتابع الكرخي حديثه بالقول إن "معدل التدفقات المائية نحو نهر ديالى خلال السنوات العشر الماضية بلغ 1500 متر مكعب بالثانية الواحدة، بينما يبلغ الآن حوالي نحو 400 متر مكعب بالثانية في أحسن الظروف وأغلبها قادمة من الخزين لبحيرة دربندخان".

الجفاف في العراق
مشاهد من الجفاف في محافظة ديالى (Getty)

الإمدادات المائية القادمة من إيران بلغت صفرًا، والأراضي النهرية الحدودية أصبحت ملاعب لكرة القدم لجفافها، وفقًا للخبير المائي، الذي حذر أيضًا من الاعتماد على الآبار لإرواء الأراضي الزراعية.

نفوق للحيوانات وظهور للأفاعي والعقارب السامة

وعلى خلفية هذا الملف، ظهرت أزمة جديدة ضربت القرى والمدن الصغيرة في محافظة ديالى وتتمثل بانتشار الأفاعي جراء جفاف الأراضي، حيث تشير إلى أن دوائر الصحة استقبلت خلال شهر تموز الماضي 168 حالة لدغ بأفاع وعقارب سامة وهو ضعف الأرقام التي سجلت خلال الأعوام السابقة.

وفي شهر آذار/مارس من العام 2022، حذّرت الأمم المتحدة من انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات بنسبة 73%، ما دعا الممثلة الأُممية هينيس بلاسخارت إلى إطلاق دعوة رسمية إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه، والتأكيد على أن أُسرة الأمم المتحدة في العراق تعمل بالشراكة مع العراق على إدارة الموارد المائية والتقليل من آثارها السلبية على البيئة.

انتشرت الأفاعي والعقارب السامة مؤخرًا في ديالى بفعل الجفاف

إلى ذلك، يقول فلاحون، إن أراضيهم تعرضت للجفاف جراء الأزمة المائية التي ضربت المحافظة منذ العام الماضي، فضلًا عن إهمال الحكومة للملف الذي أسفر أيضًا عن التسبب بنفوق الحيوانات بشكل كبير في القرى التي تهتم بالزراعة.

ويشير الفلاحون، إلى أن "العديد منهم أجبروا على بيع ما تبقى من الحيوانات التي كانت تستعمل في حرث الأراضي بأسعار رمزية بهدف ترك مناطقهم والتوجه صوب المدن بحثًا عن العمل".

الفلاحون، حذّروا من فقدان المحافظة لسمة الزراعة بشكل كامل خلال السنوات القليلة المقبلة، مؤكدين أن الحكومة لم تعوضهم أي مبالغ مالية نتيجة الفيضانات التي حدثت في العام 2019، والآن تخلت عنهم في الأزمة المائية.

أغلب الأراضي أصبحت غير صالحة للزراعة جراء الجفاف التام الذي تعرضت له، بحسب حديث فلاحين لـ "ألترا عراق"، مطالبين الحكومة المركزية والجهات المعنية بإيجاد الحلول السريعة قبل "فوات الأوان".

ووفقًا لمديرية زراعة ديالى فأن المحافظة أنجزت حصاد نحو 150 ألف دونم من إجمالي أكثر من 168 ألف دونم مزروعة بمحصول القمح داخل وخارج الخطة الزراعية (المحدودة).