04-أبريل-2022
مسرح الرشيد

قرار تصفية دائرة السينما والمسرح يغفل عن التداعيات السلبية (فيسبوك)

بعد تصنيفها شركةً خاسرةً، شهد الأسبوع المنصرم حراكًا حثيثًا من قبل مسرحيين لإنقاذ دائرة السينما والمسرح من قرار تصفيتها وتحويل ملكيتها من ملكية الدولة تمهيدًا لخصخصتها، والذي يعني اندثار المسرح العراقي نهائيًا خصوصًا مع ضعف القطاع الخاص في العراق، بحسب بعض المسرحيين الرواد.

قرار تصفية دائرة السينما والمسرح يغفل عن التداعيات السلبية لما للمسرح من دور مهم في المجتمع

 

وكانت دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة قد تم تصنيفها في عهد النظام السابق شركة خاسرة وفقًا لقانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 المعدل والذي استندت إليه "الورقة البيضاء" في منهجيتها لمعالجة الشركات الخاسرة في الدولة العراقية عبر تغيير نمط ملكيتها مع بقائها ضمن إدارة الدولة أو تصفيتها تمامًا إذا ثبت خسارتها لأكثر من مرة.

ويرى فنانون أن قرار تصفية دائرة السينما والمسرح يأخد بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية بوصفها شركة خاسرة تشكل عبئًا على ميزانية الدولة ولكنه في الوقت ذاته يغفل عن التداعيات السلبية لما للمسرح من دور مهم في المجتمع.

ويقول الفنان ذو الفقار خضر، وهو مدير المسرح الوطني العراقي، إن "هذا القرار يستهدف هدم صروح الثقافة والفن ومؤسسات بناء المجتمع وقتل سمات الجمال في عناصره"، ويضيف، أن "ليس من المعقول أن لا تعي مؤسسات الدولة والحكومة العراقية الأزمة التي سيحدثها هذا القرار".

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي انطلاق حملة شارك فيها عدد كبير من الفنانين للتضامن ضد قرار تصفية الدائرة تحت وسم #أنقذوا_دائرة_السينما_والمسرح، مع مطالبات بشمولها بالتمويل المركزي لضمان استمرارية عملها.

مدير المسرح الوطني ذكر لـ"ألترا عراق أن "مكتب رئيس الوزراء طلب لقاء وفد يمثل دائرة السينما والمسرح بعد أن أوصلنا صوتنا عبر حساباتنا الشخصية "، موضحًا أن " الوفد كان برئاسة ممثلنا مدير عام دائرة السينما والمسرح الدكتور أحمد حسن موسى"، ولكن ذو الفقار خضر  بالقول إن "وعود السيد الكاظمي لازالت حبرًا على ورق وننتظر التنفيذ الحقيقي".

خصخصة المسارح والإنتاج الفني بشكل عام قد يؤدي إلى نهضة في هذا المجال إضافة إلى تخليص المسارح من سلطة الدولة وإملاءاتها

 

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قد التقى الأسبوع الماضي بوفد من نخبة الفنانين المسرحيين للتوصل إلى معالجات للأزمة التي تهدد المسارح العراقية وإيجاد حلول توفق بين السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة المطروحة عبر الورقة البيضاء وإضافة الى التشريعات القانونية السابقة وبين ضرورة الحفاظ على المسارح العراقية من الاندثار نتيجة عدم شمولها بالتمويل المركزي ضمن الموازنة العامة.

ويطرح مهتمون بالمجال الفني فكرة أن خصخصة المسارح والإنتاج الفني بشكل عام قد يؤدي إلى نهضة في هذا المجال نتيجة دخولها ضمن مجالات الاستثمار إضافة إلى تحييد المسارح وتخليصها من سلطة الدولة وإملاءاتها.

بالمقابل، هناك من يرى العكس. يقول ذو الفقار خضر إن " الكثير من الآثار السلبية ستترتب على قرار تصفية دائرة السينما والمسرح أبرزها عدم القدرة على استيعاب الطاقات الشابة من خريجي كليات ومعاهد الفنون إضافة إلى اندثار المواسم المسرحية والمهرجانات".

ويشير ذو الفقار أيضًا إلى إشكالية أخرى: "لن تحظى المسارح بالصيانة الدورية إذا ما تحولت إلى التمويل الذاتي فالتمويل الذاتي يمثل موتًا بطيئًا لهذه المؤسسة".

وكان من المفترض أن يكون يوم المسرح العالمي في 27 من شهر آذار/مارس المنصرم مناسبة لانطلاق تظاهرة احتجاجية دعا إليها رواد المسرح باتجاه المنطقة الخضراء، ولكن دعوة رئيس الحكومة لمقابلة الفنانين حالت دون إقامة التظاهرة.

الراتب الحالي للفنان العراقي هو أسخف راتب ضمن سلم الرواتب في الدولة العراقية

الفنان إياد الطائي، وهو أحد أعضاء الوفد الذي قابل رئيس الحكومة، قال في حديث لـ"ألترا عراق" إن "السيد الكاظمي كان متجاوبًا مع مطالبنا وأوضح لنا أن بعض المطالب تقع خارج صلاحيات الحكومة وتحتاج إلى تصويت مجلس النواب كقرار تصنيف دائرة السينما والمسرح كشركة خاسرة.

أما عن المخرجات المباشرة للقاء وفد الفنانين بالكاظمي، أوضح الفنان إياد الطائي، أنه "سيتم منح الدائرة مبلغ 50 - 100 مليون دينار شهريًا لإنجاز أعمالنا إضافة إلى إطلاق الأموال التي كانت شبه مجمدة بحوزة وزارة الثقافة".

ويؤكد الفنان أن "حراكنا الضاغط على الحكومة أفضى إلى بعض المكتسبات الجيدة على مستوى حقوق الفنانين وهذا ما استدعى إلغاء التظاهرة الاحتجاجية في يوم المسرح".

من جهتها، كانت دائرة السينما والمسرح تستعد لإطلاق موسم إنتاج سينمائي ضخم لعام 2020 - 2021 يتضمن جدول إنتاجه 21 فيلمًا بينها 5 أفلام طويلة بعد أن تم تخصيص مبلغ 960 مليون دينار لهذا الموسم، بحسب تصريح سابق لمدير قسم السينما كاظم سلوم، ولكن تزامن أزمة جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية في البلاد عرقلا جدول الإنتاج المقرر بسبب نقص التمويل إضافة إلى طرح الورقة الاقتصادية البيضاء والذي عجّل مساعي الحكومة لحسم ملف الشركات الخاسرة في الدولة العراقية.

ويستعرض الطائي في معرض حديثه لـ"ألترا عراق" جملة من الإيجابيات التي من الممكن أن تظهر مستقبلًا إذا ما تم التراجع عن تصنيف دائرة السينما والمسرح شركةً خاسرةً، ومن ثم تحويلها إلى التمويل المركزي، بالقول: "سيكون بمقدور الدائرة فتح باب التعيينات للطاقات الشابة بعد أن بدأت الدائرة تخلو من الشباب إضافة الى تحسين مخصصات الفنانين ورواتبهم لأن الراتب الحالي للفنان العراقي هو أسخف راتب ضمن سلم الرواتب في الدولة العراقية".