09-أكتوبر-2021

مناهضون للصدريين والفتح والقوى التقليدية (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

ربما لا يوجد مؤشر مثير للاهتمام فيما يتعلق بالانتخابات والعملية السياسية بالعراق، بقدر ما تمثّله نسب المقاطعة في اقتراع 2018 البالغة قرابة 60% بحسب الأرقام الرسمية، والتي من الممكن أن تصل إلى 80% بحسب التقديرات غير الحكومية، حيث تتمثل أهمية هذه النسبة بما تشكّله من كتلة بشرية تصل لنحو 18 مليون شخص، وتعتبر مادة أولية لـ"مشروع تغييري" ضخم فيما لو تم استثماره جيدًا، أو أن النظام السياسي يسمح بالتغيير من داخل النظام فعلًا، بحسب مراقبين.

مشاركة جماهير المرجعية يطرح تساؤلات عن الفئات التي سيقومون بانتخابها وما إذا كانوا سيحققون الفارق بتقليل عدد مقاعد كتل السلاح لصالح فئات أخرى

هذه الكتلة المليونية الضخمة، تأتي أهميتها من كونها تضم ملايين الأشخاص الذين لم تنجح القوى السياسية التقليدية البارزة من كسبهم عقائديًا أو ماديًا أو معنويًا حتى، بالرغم من الماكنة الدعائية الترويجية ومحاولات الترهيب والترغيب بجعلهم ضمن جماهير هذه الأحزاب والكتل.

اقرأ/ي أيضًا: انتهاء الاقتراع الخاص.. خروق ومخاوف مبكّرة تسبق التصويت العام

وتعبر شرائح مختلفة في العراق عن هذه الكتلة المليونية، فيما يمثل مقلدو المرجع الديني الأعلى علي السيستاني جزءًا كبيرًا منها أيضًا، والذين ما زالوا يحاولون تبرئة أنفسهم وإخلاء ذمتهم من أي تجربة مماثلة لتجربتهم الأولى "المحبطة" مع قائمة (555) الائتلاف العراق الموحد.

وبعد بيان المرجع الديني علي السيستاني، الذي صدر في 29 أيلول/سبتمبر الماضي ردًا على سؤال لمجموعة من المواطنين حول الانتخابات المقبلة وموقف المرجعية من المشاركة فيها، وما جاء فيه من تشجيع على الانتخاب لإحداث "التغيير الحقيقي في إدارة الدولة"، تطرح تساؤلات عن أثر هذا البيان في دفع "جمهور السيستاني ومقلديه" من المشاركة في الانتخابات بأعدادهم الكبيرة كما هو معروف، فضلًا عن نتائج مشاركتهم والشخصيات والجهات التي سيقومون بانتخابها.

وبينما أكد السيستاني في بيانه أن "المرجعية الدينية العليا تشجّع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات القادمة"، والنأي عن الإشارة إلى مرشح أو كتلة بعينها، إلا أنه حدد عدة صفات في المرشح الذي يجب انتخابه، من قبيل ضرورة "التدقيق في سِيَر المرشحين في دوائرهم الانتخابية ولا ينتخبوا منهم إلا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره، المؤتمن على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا"، محذرًا من "تمكين أشخاص غير أكفاء أو متورطين بالفساد أو أطراف لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي أو تعمل خارج إطار الدستور من شغل مقاعد مجلس النواب، لما في ذلك من مخاطر كبيرة على مستقبل البلد". 

ومن المعروف أن الجماهير المقلدة للمرجع السيستاني وهي فئة كبيرة تضم الكثير من الموظفين والأكاديميين، لديهم مشكلة واضحة مع التيار الصدري ولا يلتقون معهم، فضلًا عن ذلك، فإن "ثنائية الحشد الولائي وحشد العتبات"، ومساندة جماهير المرجعية لتظاهرات تشرين، أظهرت بشكل واضح التنافر مع كتلة الفتح وما تضم داخلها من أحزاب وكتل مسلحة.

وعلى هذا الأساس، فإن مشاركة جماهير المرجعية يطرح تساؤلات عن الفئات التي سيقومون بانتخابها، وما إذا كانوا سيحققون الفارق بتقليل عدد مقاعد ما يسمى عراقيًا بـ"كتل السلاح" لصالح فئات أخرى.

وتقول إحدى الموظفات في وزارة الإسكان، أسيل حمزة (50 عامًا)، وهي تسكن محافظة النجف ومن مقلدي المرجع السيستاني، إنها "لن تنتخب الكتل السياسية والأحزاب التقليدية المعروفة".

وتضيف خلال حديث لـ"ألترا عراق" أن "السيد السيستاني شدد بشكل واضح على انتخاب الأصلح وهو بالتأكيد ليس من الكتل المعروفة الفاسدة، لذا سيعمل مقلدو المرجع الأعلى على انتخاب المستقلين والكفاءات، وإذا لا يوجد في دوائرهم الانتخابية من يتمتع بهذه المواصفات فسنقاطع ونختار الجلوس بالمنزل على أن نقوم بانتخاب الفاسدين والمجهولين والمرتبطين بالكتل السياسية المعروفة".

من جانبه يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "بيان المرجع الديني علي السيستاني بالتأكيد سيدفع لنسبة مشاركة أعلى ولا سيما لجماهيره ومقلديه"، متوقعًا أن "توجه أتباع السيستاني لن يكون باتجاه القوى التقليدية من قبيل الفتح أو التيار الصدري وغيرها من الكتل الشيعية الأخرى".

ويتوقع الشمري أن "جمهورالسيستاني سيتوجه نحو شخصيات مستقلة بصفتها لم تعمل سابقًا في البرلمان ولم تشارك في العملية السياسية من مبدأ المُجرب لا يُجرب، وهذا ينسحب على الكتل المجربة أيضًا وليس على الأشخاص والمرشحين فقط".

ويبيّن الشمري أن "السيستاني لا يدعو أتباعه لانتخاب شخصيات محددة بالاسماء وهذا الأمر صعب جدًا، فهو يترك حرية الاختيار إلى الناخب، إلا أنه وضع معايير محددة، وحديثه عن عملية التدقيق في سيرة المرشحين هو مؤشر على أن السيستاني يحث أتباعه على آلية بحث حول هذه الشخصيات التي قد تظهر أنها مستقلة ولكنها تابعة لكتل معروفة، أو تظهر احزاب على أنها جديدة ولكنها لديها جذور مع قوى تقليدية".

يقول إحسان الشمري إن توجه أتباع السيستاني لن يكون باتجاه القوى التقليدية من قبيل الفتح أو التيار الصدري وغيرها من الكتل الشيعية الأخرى

ويتوقع الشمري أن يتوجه مقلدو السيستاني لانتخاب شخصيات أكاديمية وأخرى بارزة في فعاليات مجتمعية وكفاءات، إلا أنه لا يستبعد أن "يخرج عدة أشخاص من مقلدي السيستاني عن هذا النطاق وقد يختاروا حسب قناعاتهم مرشحين من كتل سياسية وقوى تقليدية معروفة".

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

السيستاني يحذر من انتخاب "غير المؤمنين" بمصالح العراق العليا

خروقات بالجملة في الاقتراع الخاص.. أول تعليق من مفوضية الانتخابات