24-يناير-2023
مطاعم "كاذبة" تستغل البراندات العالمية لجذب الزبائن

تستغل بعض المطاعم والمقاهي "براندات عالمية" في العراق (فيسبوك)

تقف السلطات الأمنية والقضائية أمام قضية جديدة وهي ملاحقة المطاعم والمقاهي التي تحمل أسماء وشعارات "براندات عالمية" مزيفة في العراق، دون الحصول على موافقة رسمية من قبلهم، كما حصل مؤخرًا مع مقهى "ستاربكس" في منطقة المنصور.

براندات عالمية مزيفة في العراق تثير موجة من السخرية والانتقاد لغياب تطبيق القوانين المحفزة للاستثمار الأجنبي

في المقابل، يسعى العراق خلال السنوات الأخيرة إلى الاستثمار الأجنبي بعيدًا عن الاعتماد على بيع النفط، لكن قضية الحصول على وكالات رسمية وافتتاح فروع لشركات عالمية في المحافظات أصبحت صعبة لافتقار البلاد إلى تطبيق القوانين الصارمة بشأن الملكية الفكرية والاضطرابات الأمنية بين الحين والآخر، وفقًا للمتخصصين.

جميع المطاعم "مزورة"

يقول أحد العاملين في مطعم وسط بغداد يحمل شعارًا لـ"براند" معروف، إن "جميع المطاعم والمقاهي في العاصمة بغداد تحمل شعارات مزيفة لوكالات عالمية"، مضيفًا أن "هذه المطاعم والمقاهي لا تملك أي تخويل أو إجازة رسمية من قبل البراندات العالمية".

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يوضح العامل، أن "المواطنين دائمًا ما ينجذبون نحو المطاعم والمقاهي الموجودة خارج العراق مما جعلهم يقعون في فخ هذه العمليات المزورة"، مؤكدًا أن "هدف التجار فقط الربح المادي وليس القصد من قرصنة الشركات والبراندات العالمية في العراق".

وحول أسباب انتشارهن، يضيف العامل، أن "غياب القانون القضائي في العراق هو السبب الرئيس وراء انتشار هذه الظاهرة كون أن أغلب الشركات تعمل على رفع دعاوى قضائية على المنتحلين والمزورين لشعاراتهم لكن دون وجود أي تحرك قانوني أو أمني في العراق".

وعلى صعيد مساعي العراق لجذب الشركات الأجنبية للاستثمار في البلاد، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، قبل أيام قليلة، انتظار الحكومة لقدوم الشركات إلى بغداد، والاطّلاع ميدانيًا على الفرص في قطاعات الزراعة والصناعة والتعليم.

معلومات جديدة

وكالة أسوشيتد برس، نشرت الشهر الماضي تقريرًا عن سرقة الملكية الفكرية في العراق، أكدت فيه أن مقهى "ستاربكس"، الموجود في بغداد مثلًا يستورد جميع المنتجات من الدول المجاورة، مشيرة إلى أنها جميعًا مشغّلة بشكل غير قانوني.

رفعت شركة ستاربكس دعاوى قضائية ضد منتحلي صفة أو شعار البراند في العراق

وبحسب التقرير فأن الشركة أقدمت على رفع دعاوى قضائية في محاولة لكبح الخروقات في علامتها التجارية، إلا أن "القضية علّقت بعد مزاعم بأن صاحب المحال هدد المحامين الممثلين للشركة".

ونقلت الوكالة عن مسؤولين أمريكيين ومصادر قانونية عراقية، القول إن "صاحب المحال حذّر المحامين"، كما أنه "تباهى بعلاقته مع المليشيات وشخصيات سياسية قوية"، الأمر الذي يجعل محاسبته صعبة.

التقرير لاقى ردود فعل مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، إذ أظهر مدونون اعتيادهم على "تقليد الماركات والبراندات في العراق".

فيما قال معلّقون إنهم كانوا يعرفون مسبقًا بأن "ستاربكس غير أصلي"، مع انتقادات لاذعة من بعض المدونين لغياب القانون.

هذه الأزمة، أجبرت الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، يحيى رسول، على الخروج ببيان أكد فيه أن "السوداني، وجّه الأجهزة الأمنية المختصّة في وزارة الداخلية بمتابعة ما ورد من تقارير ومعلومات، أفادت بفتح محال تجارية بالعاصمة بغداد، تحمل اسم ماركات تجارية عالمية من دون تراخيص قانونية".

أثار تقرير صحفي عن دعاوى شركة ستاربكس لغطًا في العراق

البيان، أشار إلى أن "الجهات الحكومية المعنية تهيب بتطبيق حقوق الملكية التجارية والفكرية وحقوق العلامات التجارية وضرورة استحصال المستثمرين المحليين الموافقات الأصولية، من أصحاب العلامات والماركات العالمية".

وشدد البيان، على أن التعدي على هذه الحقوق يعد خرقًا للقانون، وجريمة تسيء إلى بيئة الأعمال والاستثمارات الأجنبية، كما أنها تسيء إلى سمعة العراق وقدرته على جذب كُبريات الشركات والمؤسسات.

بعد ساعات قليلة من البيان الحكومي، أقدم صاحب مقهى "ستاربكس" في بغداد، على رفع الشعار من واجهة المحال، وسط تعليقات ساخرة، فيما رحب مدونون بالخطوة لضمان دخول الشركات والبراندات العالمية إلى العراق مستقبلًا.

آثار اقتصادية وصعوبات عراقية

نائب رئيس شعبة الشرق الأوسط في غرفة التجارة الأمريكية ستيف لوتس حذّر من مغبة "وقوع ضرر اقتصادي ضخم على العراق".

لوتس، يوضح أنّ "الحكومة العراقية تحاول ومنذ مدة أن تنوع مصادر دخلها وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال جذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، وبالنظر إلى غياب الرقابة على عمليات سرقة الملكية الفكرية وانتحال صفة شركات أجنبية، فإن من الصعب جدًا أن نتخيل شركات أجنبية معروفة، تأتي للعمل والاستثمار داخل العراق".

يتحدث خبير اقتصادي عن صعوبة افتتاح براندات عالمية في المحافظات العراقية

وفي هذا الجانب يقول الخبير الاقتصادي، مصطفى حنتوش، لـ "ألترا عراق"، إن "البراندات العالمية كانت سابقًا تمتنع عن إعطاء الوكالة الحصرية لأي شخصية في العراق كون الظروف الاقتصادية والأمنية لم تكن جيدة في ذاك الوقت".

ووفقًا لحديث حنتوش، فأن إجراءات الشركات الكبرى الخاصة بالمطاعم والمقاهي بشأن منح الموافقة لافتتاح فرع جديد لها في أي دولة اختلف عن السابق، مبينًا أن "هذه الشركات أصبحت هي من تقوم بفتح الفروع وتعمل على الإشراف عليه بشكل مباشر وهو ما يسمى بالامتياز."

هذا الامتياز، والكلام لحنتوش، يحتاج إلى أموال كبيرة تدفع لهذه الشركات سنويًا، فضلًا عن الالتزام بكافة التعليمات الخاصة بهم، إضافة إلى تحمل كافة الخسائر الاقتصادية في حال عدم تحقيق المشروع لأي أرباح.

ويضيف الخبير الاقتصادي، أن هذه الشروط صعب تطبيقها في المحافظات العراقية، كون البيئة الاقتصادية في البلاد تختلف عما هو موجود في بقية بلدان العالم.