16-مارس-2017

جواد الأسدي خلال الأمسية

تحتفي "دائرة السينما والمسرح" في العاصمة العراقيّة بغداد، في مقر منتدى المسرح، برموز المسرح العراقي من ممثلين ومخرجين من الأجيال التي شكّلت فارقًا في العمل المسرحي. وقد ابتدأت الدائرة المسؤولة عن إدارة المسارح التي تعود ملكيّتها إلى الدولة بهذه التجربة في موسمها الجديد، والذي ستستضيف فيه أيضًا أعمالاً للمخرجين والفنانين الشباب.

تعود أزمة المسرح العراقي الراهنة إلى عدم وجود فرق مسرحية كما في الستينيات والسبعينيات

تتيح هذه الأمسيات الاحتفائية بعقد لقاء بين الجمهور وروّاد المسرح العراقي المؤثرين، حيث تدور حوارات عن المراحل التأسيسية في حياة المسرحيين، إضافة إلى رؤيتهم لواقع المسرح اليوم، والذي يعاني من أزمات كبيرة، أوّلها تتعلّق بالإنتاج، ولا تنتهي بتفاقم دور المسرح التجاري الذين يعتمد على الراقصات والممثلين الكوميديين الذين يعتمدون على النكات السوقيّة لإضحاك الجمهور.

اقرأ/ي أيضًا: إعزيزة.. تمائم أرض السواد

بدأت أولى الأمسيات بالاحتفاء بالفنان فاضل خليل الذي يعدّ واحدًا من أهم الممثلين والمخرجين العراقيين، حيث بدأ مشواره وهو شاب في أواخر ستينيات القرن الماضي ممثلًا مع المخرج العراقي القدير قاسم محمّد في مسرحية "النخلة والجيران"، ليستمر بعدها في تقديم أعمالًا تجريبية، فضلًا عن انتقاله إلى شاشة التلفزيون ممثلًا حيث حظي بشهرة كبيرة في الشارع العراقي.

وبدا خليل، الذي درّس أجيالًا من المسرحيين الشباب، في ردّه على أسئلة الجمهور، غير راضٍ عن حال المسرح العراقي اليوم. وشخّص وجود خلل يتمثّل بعدم وجود فرق مسرحية كما كان الوضع عليه خلال عقود الستينيات والسبعينيات القرن الماضي "اعتبر ذلك نكوصًا للمسرح العراقي لأنه لا يمكن ان يكون هناك في بلد مثل العراق مسرحًا واحدًا ممثلًا بالدولة".

ولم يفوّت خليل استذكار روّاد المسرح الذين أثاروا نقلات واسعة في العمل المسرحي العراقي وفي ترسيخ مفهوم "المسرح الصحيح"، وأشار إلى أن  خطوات المسرح الأولى كان تريد تحويل الملهى الليلي الى مسرح، لافتًا إلى أنه اليوم "نرى تحول المسرح الى ملهى". 

وإذا كان خليل غير راضٍ عن حال المسرح اليوم، فإن الاحتفاء الثاني بالمسرحي جواد الأسدي، الذي غاب طويلًا عن العراق بسبب ملاحقة النظام السابق له، فضلًا عن موقفه من الاحتلال الأمريكي بعد نيسان/أبريل عام 2003، والذي سبّب له ما يشبه القطيعة مع الوسط العراقي، كل هذا، لم ثنِ الأسدي عن أمل لديه في إعادة الحياة إلى المسرح العراقي. 

يتفاءل المخرج جواد الأسدي بعودة الحياة إلى المسرح العراقي

تحدّث صاحب "تقاسيم على العنبر" عن المنفى الذي عاش فيه نحو أربعة عقود، وما تأثيره على حياته، وعلى المسرح الذي قدّم فيه عروضًا في جلّ العواصم العربيّة والعالمية. وقال الأسدي، الذي أغلق مسرح بابل في العاصمة اللبنانية بيروت مؤخرًا بسبب أزمة مالية، "أودُّ وصف لحظة وجودي معكم، فأنا أتوق لفكرة إعادة الغرف من ماء بلادي ومن الحياة التي نشأت بها وتربيت بها وكبرت على يد فنانين كبار، وقد شاهدت الكثير من العروض المسرحية في العراق، حيث تقاسمت الحياة مع أصدقاء وفنانين"، ومضى الأسدي أكثر في الحديث عن أزمة المكان التي ظلّت تلاحقه طوال فترة عيشه متنقلًا بين دولة عربيّة وأوربية "رغم أنني كل يوم في مدينة ومكان ورصيف، كان يحضرني دائمًا شيءٌ وهو على درجة عالية من التوجّع والألم، وهذا الشيء هو بلادي التي بكل وحولها وموجعاتها ودمائها".

اقرأ/ي أيضًا: بنات بغداد.. التداوي بالمسرح

قال الأسدي، الذي منع لعقود من تقديم أعماله في العراق: "حين أفكر أنني يجب أن أعود إلى بيتي وأجد نفسي في مكان غير بلادي، لماذا أنا هنا ولماذا أنا وحيد بلا أيّة صحبة، هذه (اللماذا) تقتل المغترب لأنه لا يملك جوابًا له، فالالتباس المكاني مؤرق جدًا".

بدا الأسدي أكثر تفاؤلًا عن تحدّث عن شغف الأجيال القديمة والجديدة للمسرح "شغوفين لعودة المسرح الى جمالة وألقه وينفضون عن المسرح الغبار"، لافتًا إلى أهميّة احتواء المسرح العراقي والنهوض به من جديد، وعودة كل مبدعي المهجر لاحتضان مسرحهم والعمل به من جديد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أيام قرطاج".. مسرح حقوق الإنسان

عمر المعتز بالله.. مسرح صنع في مصر