15-سبتمبر-2020

يرى سياسيون أن الملفات العالقة لا يمكن أن تحلها زيارة الكاظمي للإقليم (فيسبوك)

منذ 15 عامًا والملفات العالقة بين بغداد وأربيل تترادف، وبالرغم من توافد المسؤولين المستمر، إلا أن حلولًا جذرية لم توضع، فيما يتوصل الجانبان إلى تعهدات آنية أثناء تشكيل الحكومات المتعاقبة لما يمتلك البيت الكردي من حجم برلماني يحتاجه رئيس الوزراء المكلف لتمرير حكومته، وظلت صادرات الإقليم من النفط على مدى طويل مصدر توتر مع بغداد، وكان الكرد، الذين يملكون خط الأنابيب النفطي العراقي الوحيد في الشمال، يصدرون النفط بشكل مستقل منذ عام 2013، فيما استؤنفت الصادرات من كركوك في 2018 بعد تجميدها على مدى عام وسط خلافات ما بعد الاستفتاء على الاستقلال، ووافقت حكومة الإقليم في ميزانيتي عامي 2018 و2019 على إرسال 250 ألف برميل يوميًا للسلطة الاتحادية في مقابل أن تدفع بغداد رواتب العاملين في الحكومة.

يرى النائب يوسف الكلابي أن ملف النفط والغاز والضريبة الاتحادية وتوزيع الواردات من أبرز الملفات التي يجب حلها

لكن المسؤولين في بغداد، شكوا من أن الإقليم لم ينفذ التزامه بموجب الاتفاق إذ لم يرسل برميلًا واحدًا من النفط لبغداد، وتعاني بغداد وأربيل، على حد سواء، من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة انخفاض أسعار النفط، مما تسبب بتلكؤهما بدفع رواتب الموظفين الذين تقدر أعدادهم بالملايين.

اقرأ/ي أيضًا: النصر يحذر من تكرار تجربة انتخابات 2018: نؤيد ضرب الجماعات المتمردة

في الأثناء، زار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي جميع محافظات إقليم كردستان،  وجاء في بيان لمكتبه الإعلامي، أطلع عليه "ألترا عراق"، أنه "شهدت زيارة الكاظمي عقد سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين في حكومة الإقليم، التقى خلالها رئيس الإقليم ورئيس وزراء حكومة الإقليم وأعضاء حكومته، واشتملت اللقاءات بحث مجمل الملفات العامة على الساحة الوطنية، وأبرز التحديات التي تشهدها البلاد، وكذلك توحيد المواقف على المستوى الوطني، فضلًا عن ملف إجراء الانتخابات المبكرة، واستمرار التنسيق والتعاون الأمني ضمن القوات المسلحة لأجل ملاحقة ما تبقى من فلول تنظيم داعش الإرهابي". 

كما تفقد رئيس الوزراء بحسب البيان، عددًا من "المنافذ الحدودية في محافظتي دهوك (ابراهيم الخليل) والسليمانية ( باشماخ)، واطلع على سير العمل فيها، ووجّه بتفعيل الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على انسيابية العمل، وصولاً الى حالة من التكامل بما ينعكس إيجاباً على اقتصاد البلاد ورفاه المواطنين"، كما التقى "برئيس الجمهورية برهم صالح وعددًا من القيادات الكردية، وجرى بحث عدد من المواضيع والتحديات التي يواجهها البلد". 

الدستور هو الحل

وفي كل جولة تفاوضية، يتم الحديث عن الشكل الذي تتم التسوية من خلالها، إذ يتحدث الجميع عن ضرورة أن يكون الدستور والقوانين النافذة هي المسار الوحيد للحلول الموضوعة.

وأثارت الزيارة ردود فعل مختلفة على المستوى السياسي، حيث دعا ائتلاف النصر، برئاسة حيدر العبادي، الكاظمي "لتنظيم جاد للعلاقة بين بغداد وإقليم كردستان، وأن يتم تقعيدها وفقًا للدستور والقانون أسوة بباقي أنحاء العراق"، فيما قال المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون، بهاء النوري، إن "الإقليم لن يغير سلوكياته التي استمرت 17 عامًا من أجل الكاظمي"، متهمًا رئيس الوزراء بأنه "التقط الصور في الإقليم ثم عاد بعدها"، مقللًا بذلك من شأن الزيارة.

من جهته، يرحب النائب يوسف الكلابي بأي خطوة تؤدي إلى حل الملفات العالقة بين أربيل وبغداد، مؤكدًا على أن "مصير الشعب الكردي واحد مع باقي مكونات الشعب العراقي"، لافتًا إلى أن "الحلول يجب أن تكون ضمن مسار المساواة والعدالة بين جميع أطياف الشعب، وفقًا للدستور والقانون".

ويضيف الكلابي وهو من أبرز النواب المطالبين بحل ملف تصدير النفط من الإقليم، في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "ملف النفط والغاز، والضريبة الاتحادية، وتوزيع الواردات، من أبرز الملفات التي يجب حلها، لذلك نتمنى من الكاظمي والمسؤولين أن يكونوا على قدر المسؤولية".

اتفاقات آنية     

يرى مراقبون وسياسيون أن جولة الكاظمي في الإقليم لم تتجاوز عتبة الزيارات السابقة، ولم تصفر المشاكل بشكل عملي في مسار عنوانها الرئيسي الذي حدد لها وهو "حل الخلافات العالقة" بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.

ويمكن للكاظمي أن يلعب دورا في توصّل بغداد وأربيل إلى تفاهمات بشأن المسائل الخلافية العالقة وجلّها خلافات مالية، بحسب القيادي في الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي والذي يقول إن "الملفات متراكمة منذ 2005 لا تحلها زيارة أو ثنين، خاصة مع الوقت القصير لحكومة الكاظمي، ولكن يمكن حل المشكلة الآنية المتمثلة في الأزمة المالية في الإقليم".

يرى الباحث أحمد الشريفي أن القضايا الإستراتيجية المتعلقة بإدارة الدولة في القضايا الداخلية والخارجية هي من واجبات الحكومة الناتجة عن الانتخابات المبكرة

وأضاف شنكالي لـ"ألترا عراق"، أن "اتفاقًا أبرم تضمن تقديم بغداد نحو 320 مليار لستديد جزء من رواتب موظفي الإقليم، مقابل تعهد حكومة الإقليم بإرسال 50% من إيرادات المنافذ الحدودية، بالإضافة إلى تخفيض 70 ألف برميل يوميًا من إنتاج نفط الإقليم ضمن التخفيض الذي حددته أوبك +"، مبينًا أن "هذا اتفاق وقتي سيستمر لنهاية 2020، وسيكون هناك اتفاق طويل يضمن في موازنة 2021".

اقرأ/ي أيضًا: المرجعية: بيان ذو حدين.. وطريقان أمام الحكومة

وأشار شنكالي إلى أن "ملف المناطق المتنازع عليها، وقانون النفط والغاز، وملفات أخرى، تحتاج لوقت أطول وتوافق أكثر، خاصة وأن هذه الاتفاقات تحتاج تفاهمات نيابية وموافقة بقية القوى السياسية، وهذا ما لا يملكه الكاظمي"، وحول قانون الانتخابات قال شنكالي إن "مكتب الانتخابات في الحزب الديمقراطي الكردستاني زار رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وأبلغه بعدم موافقته على الدوائر المتعددة، وهو مع القانون بصيغته القديمة، لكن بعض القوى الكردية تريد الدوائر المتعددة".

لا مركزية في الإدارة.. مركزية الموارد

يتفق الخبير الإستراتيجي أحمد الشريفي مع شنكالي في مدى تأثير قرارات حكومة الكاظمي، معتبرًا الزيارة تمهيد للانتخابات المبكرة، إذ تركز حكومته على هذا الملف، خاصة وإنها ما زالت مقيدة قانونيًا ودستوريًا، مبينًا أن "القضايا الإستراتيجية المتعلقة بإدارة الدولة في القضايا الداخلية والخارجية هي من واجبات الحكومة الناتجة من الانتخابات المبكرة بوصفها مبسوطة اليد ولديها تفويض سياسي يجيز لها اتخاذ القرارات".

وأضاف الشريفي لـ"ألترا عراق"، أن "تأثير البيت الكردي في المشهد السياسي، ترتكز على الدعم الدولي للقضية الكردية، فعلاقتهم بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى ألمانيا تحديدًا تمنحهم القوة، خاصة وأنهم يمثلون مركزًا مهمًا في معادلة الطاقة من خلال معابر رئيسية، مثل معبر يربط العراق بالسعودية، وأخر يربط بإيران يمكن تحويله إلى البحر الأحمر عبر الأردن، هذه العوامل تعاظم الإمكانيات الكردية من الإقليم إلى الدولة، فضلًا عن تشتت القوى الفاعلة في المكونات الأخرى رفع من رصيدهم في التأثير السياسي".

ويعتقد الشريفي أن العلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية يجب أن تجري وفق نظرية إدارة النظم الفيدرالية "لا مركزية في الإدارة، ومركزية الموارد"، وهو الأسلوب الأمثل، بحسب الشريفي.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

فرنسا والشام الجديد.. استراتيجية الخارج والداخل

في أحدث ظهور للمرجع الأعلى.. الكاظمي يتلقى حزمة توجيهات من السيستاني