15-يوليو-2019

الميليشيات والعشائر مسيطرة على واردات منفذ الشيب (مصدر خاص)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

يمتلك العراق أكثر من 30 منفذًا على حدود كل من دول سوريا، والأردن، وإيران، وتركيا، والسعودية، وفي وقت تدر مليارات الدنانير سنويًا عبر الجمارك المتحصلة من مرور البضائع والمنتجات إلى داخل البلاد التي باتت تستورد كل شيء تقريبًا، فضلًا عن الزيارات الدينية، تسيطر على أغلب تلك المنافذ ميليشيات مسلحة وأحزاب سياسية، تلهتم القسم الأعظم من الواردات تاركةً لخزينة الدولة فتات الأموال، وفي بعض المنافذ تدخل العشائر مع الميليشيات والأحزاب في صراع السيطرة على الواردات وحيازة النفوذ على منابعه الاقتصادية، كما يحدث في منفذ الشيب الحدودي مع إيران بمحافظة ميسان.

مليارات الشيب تُسرق بانتظام.. هكذا توزع مناطق السيطرة!

افتتح منفذ الشيب عام 2010، بمحافظة ميسان، وتمر عبره يوميًا مئات الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع القادمة من إيران، إضافة إلى آلاف القادمين سنويًا لزيارة العتبات الدينية في الكاظمية والنجف وكربلاء وسامراء وغيرها. وبينما يسجل في الشيب مرور المئات من البضائع وتكتظ عليه الحركة السياحية الدينية بشكل متزايد سنويًا، ما يزال يعاني من نقص حاد في البنى التحتية، وسط غياب شبه تام للمرافق الصحية الملائمة، فضلًا عن غياب وسائل النقل الحديثة أو خدمات نقل المسافرين وحقائبهم من داخل المنفذ، الأمر الذي يشير إلى ضياع ملايين الدنانير من وردات المنفذ.

المليارات التي تدخل إلى منفذ الشيب يضيع منها مايقارب (65 ــ 80 %) بين الميليشيات والأحزاب وحتى العشائر التي تسيطر وتتقاسم النفوذ فيه

يقول مصدر في إدارة منفذ الشيب في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "الحركة الإقتصادية التي تحدث سنويًا في المنفذ البري بين العراق وإيران، تنتج عنها تقدر سنويًا بمليارات الدنانير، لافتًا إلى أنها "كانت عام 2016 حوالي 45 مليار دينار، تضاعفت في 2017، وزدات في 2018، وكل تلك الأموال يجب أن تدخل لخزينة المحافظة والقسم الآخر لخزينة الدولة"، مبينًا أن "مجموع الواردات يضيع منها مايقارب (65 ــ 80 %) بين الميليشيات والأحزاب وحتى العشائر التي تسيطر وتتقاسم النفوذ في الشيب".

اقرأ/ي أيضًا: نار في منفذ زرباطية.. هكذا تنهب الميليشيات مليارات المنافذ الحدودية!

أضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "المتنفذين الذين يتحكمون بحركة البضائع في الشيب يتقسمون إلى عدة مستويات، تبدأ من وجود أشخاص يعملون بشكل رسمي داخل المنفذ يتبعون لأحزاب سياسية، ويأخذون الأموال من التجّار الإيرانيين مقابل إعفاء بضائعهم من الجمارك، أو تسهيل عبورها بشكل غير قانوني".

تابع أن "النوع الثاني من المتحكمين بمرور البضائع، هم الميليشيات المسلحة وبعض العشائر القريبة من المنفذ"، مبينًا أن "تلك الجماعات تفرض الأتاوات على سائقي الشاحنات العراقيين والإيرانيين الذين ينقلون البضائع، مقابل السماح لهم بالحركة والمرور دون عوائق".

حرب ضروس أطرافها "السواعد" و"العصائب" والمنشقين!

عكف فريق "ألترا عراق"، بجهد مضنٍ على معرفة أسماء الفصائل المسلحة والعشائر التي تسيطر على منفذ الشيبب الحدودي، لكن الخوف من الملاحقة والتصفية ونشوب الصراعات المسلحة، كان حاضًرا لكل من توصل إليهم، من التجار ووجهاء العشائر في محافظة ميسان.

كان مجلس محافظة ميسان، قد صوت مع بداية عام 2017، على غلق منفذ الشيب لمدة عشرة أيام، عازيًا السبب إلى نشوب "نزاع عشائري على واردات الميزان في المنفذ، وعدم استفادة المحافظة من وارداته".

مصدر بالمحافظة، اشترط عدم ذكر اسمه قائلًا "إنهم يقتلوني إذا عرفوني"، أشار إلى أن "النزاعات تحدث قرب المنفذ بين العشائر المتنفذة من جهة، والعشائر والميليشيات التي لها صلة بعمليات الفساد، من جهة أخرى".

مصدر خاص: النزاعات تحدث قرب منفذ الشيب بين الميليشيات المتنفذة من جهة وعشائر تدعمها ميليشيات من جهةٍ أخرى على واردات المنفذ والسيطرة عليه

أضاف المصدر، في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "العشائر عندما تشعر بوجود خطر يهدد سيطرتها على المنفذ تقوم بافتعال نزاع مسلح، يؤدي غالبًا إلى قطع الطريق الرئيسية للشيب لساعات، ولا يعود للعمل حتى بتدخل القوات الأمنية قبل أن ينتهي الخلاف على الحصص".

اقرأ/ي أيضًا: التماس الكهربائي بريء لأول مرة.. حريق زرباطية "يدين" مدير الكمارك

وتابع أن "المسيطرين في السنوات القليلة الماضية كانوا (بيت خنيفس) من عشيرة السواعد، مستدركًا "لكن سيطرتهم انتهت على المنفذ نتيجة الصراعات مع العشائر المنافسة والأخرى الموالية للميليشيات، والتي كبدتهم خسائر بشرية فادحة، مبينًا "ليسيطر (بيت مانع) على جزء من الواردات وهم من عشيرة السواعد أيضًا، ويتبعون ميليشيا عصائب أهل الحق، التي تسيطر الآن على منفذ الشيب بنسبة 80%"، مشيرًا إلى أن "واردات القبان والبضائع ودخول السلع، يسيطر عليها ميليشيا (الأوفياء) التابعين للعصائب أيضًا، قبل انشقاقهم من الحركة مؤخرًا، وأدى انشقاقهم إلى تصادم غير منقطع مع السواعد، وبعض العشائر المنافسة "، الأمر الذي يؤكد حقيقة أن أغلب نزاعات العشائر الساكنة قرب منفذ الشيب، تندلع بعد خلاف على مناطق السيطرة التي يجبون منها الأموال.

مجلس ميسان: صوتنا مرارًا لإغلاق الشيب.. الدولة والمحافظة لا تجنيان شيئًا!

يقول عضو مجلس محافظة ميسان، سرحان الغالبي إن "ملف منفذ الشيب الحدودي عائد للحكومة المركزية، وهناك خلل في إدرته من قبل المحافظة"، مبينًا أن "مجلس ميسان صوت على العديد من القرارات لإغلاق المنفذ".

أضاف الغالبي في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "محافظة ميسان لم تنتفع من واردات المنفذ المالية الطائلة، والتي يمكن أن تساهم بخدمة ميسان التي تعاني مشاكل مالية وخدمية وعمرانية"، مؤكدًا وجود "تسلط عشائري وأحزاب على الواردات، والدولة وقبلها المحافظة، هما الخاسران فقط".

تابع أن "المجلس طالب بإغلاق المنفذ مرارًا، لأن الفائدة  تذهب للعشائر والأحزاب، ولا يستفيد المواطن الميساني منها بشيء"، مبينًا أن "المجلس ناقش مع الحكومات المتعاقبة ملف المنفذ، ولكن دون جدوى".

وأشار عضو مجلس ميسان إلى أن "الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي، لم يختلف عملها عن الحكومات السابقة بشأن المنفذ، ويجب عليها وضع حلول عاجلة"، محملًا مسؤولية مايحدث في منفذ الشيب إلى "مجلس المحافظة والمحافظ".

عضو مجلس محافظة ميسان: المحافظة لم تنتفع من واردات منفذ الشيب المالية وهناك تسلط عشائري وأحزاب على الواردات، والدولة وقبلها المحافظة هما الخاسران فقط!

وبحسب خبراء إقتصاد، تشكل واردات المنافذ الحدودية نسبة 10% من موارد خزينة الدولة سنويًا، لكن الفساد المالي والإداري وسيطرة جهات متنفذة ومليشيات مسلحة وعشائر على الحركة التجارية ودخول الشاحنات وتخليص البضائع جمركيًا، عوامل خطيرة تجعل العراق يخسر موردًا إقتصاديًا كبيرًا يأتي بعد الثروة النفطية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟

الدولة "المفتعلة".. سيرك إقطاع العراق السياسي