27-يونيو-2022
جمهور كرة القدم في العراق

حديث مع رؤساء روابط وإداريين في أندية كرة القدم (ألترا عراق)

مثل معظم مفاصل الحياة في العراق، وما شابها من ملوثات، فأن الرياضة وبالأخص عالم كرة القدم، كان لها جانب كبير من  الخراب الذي حصل لأسباب عدة تتوزع بحسب المسؤولية. 

المعتاد في دول العالم، أن "المشجعين" يكون مكانهم على المدرجات، وبعضهم قد يكون ضمن الهيئة العامة وله حق التصويت والترشيح؛ لكن في العراق، الأمر مختلف، فقد أصبح للمشجع دورًا حتى باستقدام المدربين أو طرد اللاعبين، بحسب ما تتناقله الأوساط الرياضية ومنهم بعض الجماهير، فيما ينفي رؤساء الروابط التشجيعية وبعض الإداريين في الأندية مثل هذه الظاهرة.

ظاهرة تدخل المشجعين بجميع أمور النادي، استفحلت بعد عام  2003، وباتت اليوم أمرًا معروفًا من قبل الوسط الرياضي، وإن لم يتم الاعتراف بذلك من قبل إدارات الأندية الجماهيرية أو روابط المشجعين. 

يتحدث لاعبون ومدربون في وسائل الإعلام عن تدخل الجماهير بإتمام أو عدم إتمام صفقاتهم للنادي 

وفي أحيان كثيرة، طفت على السطح مشاكل داخل بعض الأندية، وكانت الجماهير هي المحرك الأساس لذلك. وكثيرًا ما خرج لاعبون ومدربون على وسائل الإعلام يتحدثون عن عدم إتمام صفقتهم للنادي "الفلاني" بسبب عدم رغبة الجمهور بذلك. 

والتدخلات في شأن الأندية الرياضية من قبل الجماهير، تتركز في الأندية الأربعة الأولى في بغداد (الزوراء، القوة الجوية، الشرطة، الطلبة)، نظرًا لطبيعتها، إضافة إلى بعض أندية المحافظات الكبيرة كالميناء والنجف وغيرها، ولكن التدخل يختلف من نادٍ إلى آخر.

"مهنة التشجيع"!

متابعون كثر رصدوا هذه الحالات وانتقدوا ذلك سواء من خلال البرامج التلفزيونية أو الحسابات والصفحات التي يديرونها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، ومنهم الصحفي عباس الياسري، الذي يعمل ضمن موقع معرض الكرة العراقية المصور، الذي يعد من أكبر المواقع المُتابعة في البلاد. 

وعن قضية تدخل المشجعين بشؤون النادي، يذكر الياسري في حديثه لـ"ألترا عراق "، أن "الكلام عن روابط الأندية في الفرق الجماهيرية في بعض الأحيان مبالغ فيه، وفي أحيان أخرى يكون صادقًا؛ ولكن  بصورة عامة فأن إدارات الأندية دائمًا ما تكون ضعيفة أمام الجهور لذلك تأتي قوة مسؤولي روابط التشجيع من هذا الباب".

يضيف الياسري، أن "الجماهير تتحرك من خلال الكلام الصادر عبر مسؤولي الروابط، لذلك أغلب الإدارات تعمل على إرضائهم بما يريدون من خلال الموافقة على جلب لاعب محدد  أو مدرب، وكذلك إبعادهم، وهذا الأمر ليس بغريب عن كرة القدم الأوروبية". 

وعن ضعف إدارات بعض الأندية، يقول الصحفي إن "الإدارة تخضع لبعض المتنفذين للجمهور، فالإدارات جميعها تخضع لرغبات الجمهور، فبعض الإدارات تصدر الأوامر وفق ما يبتغيه الجمهور باستدعاء لاعب من عدمه". 

يقول الصحفي الرياضي عباس الياسري إن التشجيع أصبح مهنة من خلال جلب المدرب الفلاني أو اللاعب الفلاني

وغالبًا ما يتم الحديث عن وجود مشجعين ينتمون لأحزاب أو فصائل مسلحة، هي مصدر قوتهم في القرار، ويوضح الياسري، أن "الأحزاب دائمًا ما تعلن براءتها من الأشخاص الذين يدعون الانتماء لها، وفي الحقيقة أن الجماهير أصبحت قوة كبيرة داخل هذه الأندية، فهم عبروا موضوع لأحزاب ولا يحتاجون إليها؛ ولكن هناك الكثير من الجماهير ينأون بفسهم بعيدًا عن هذه الأمور".

الضغط على إدارات الأندية لتلبية "الطلبات" لا يكون في مقر النادي فقط، إذ يرصد الياسري، أن "الضغط على الإدارة يبدأ من خلال مواقع التواصل الاجتماعي فالتشجيع أصبح مهنة من خلال جلب المدرب الفلاني أو اللاعب الفلاني ولكن لا يتم تعميم الأمر ولا استثناءه لأن ذلك موجود في جميع الأندية".

السلاح بين الزوراء والجوية!

وفي معظم الأحيان، تكون المشاكل الكبيرة بين ناديي الزوراء والقوة الجوية، وهي التي رسخت فكرة أن الجماهير تتحكم بالأندية.

وتشهد مباريات الزوراء والقوة الجوية منافسة شرسة منذ عقود، ولطالما تعرض اللاعبون والمدربون والهيئات الإدارية إلى ضغوط جماهيرية بسبب هذه المباريات.

وفي العام الماضي، نشر رئيس رابطة جماهير نادي الجوية (ضياء أبو برير) مقطع فيديو، وهو يحمل سلاحًا، مهددًا نادي الزوراء، وقد جاء الرد من رابطة الزوراء التي لم تسكت عن هذا الأمر.

بعد ذلك أعلنت إدارة النوارس، مباشرتها بإجراءات رفع شكوى بحق "أبو برير"، بسبب ما حصل من تهديد مباشر للنادي الأبيض، مستنكرة في الوقت ذاته "صمت إدارة القوة الجوية حيال هذا الأمر".

الروابط تنفي التدخل

وبالرغم من الأحاديث عن تدخلات الجماهير بقرارات الأندية، إلا أنهم رفضوا هذه الاتهامات الموجهة لهم، وأكدوا التزامهم بالتواجد على المدرج لغرض التشجيع فقط.

ينفي رؤساء الروابط الجماهيرية تدخلهم في عمل إدارات الأندية التي يشجعونها

يقول رئيس رابطة مشجعي نادي الزوراء أمير المالكي في حديثه لـ"ألترا عراق"، إن "نادي الزوراء يختلف، وليس لدينا أي تدخل من قبل الجمهور في قرارات الإدارة لأنها هي المسؤولة عن ذلك". 

ويضيف المالكي أن "ابطة جماهير نادي الزوراء مكانها المدرج وأن موضوعة جلب المدربين من واجب الإدارة، وفيما يخص اللاعبين فأن ذلك يتم بالتشاور بين الإدارة والمدرب".

وعن دعمهم من قبل بعض الأحزاب، يؤكد رئيس رابطة مشجعي نادي الزوراء أمير المالكي، أن "ولائهم للعراق فقط ولا شيء غير ذلك". 

لا يذهب (مهند الساعدي) بعيدًا عما ذكره المالكي، من ناحية تدخلات الجماهير في قرارات الأندية والضغط على اللاعبين أو المدربين.

وحيال ذلك، يؤكد الساعدي وهو نائب رئيس رابطة جماهير نادي القوة الجوية في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "رابطة الصقور تربطها علاقة جيدة بجميع المدربين الذين أشرفوا على تدريب الفريق". 

وعن كيفية حصولهم على الأموال لتهيئة مستلزمات التشجيع، يقول الساعدي إن "الدعم مشترك بين الإدارة والأعضاء وبقية الجماهير، فالإدارة توفر حافلات لنقل الجماهير في المباربات الخارجية، أما بقية المواد من أعلام ولافتات وطبول فهي على حساب الأعضاء"، مبينًا أن "عمل رابطة الجماهير هي حلقة وصل بين الجماهير والإدارة ونقل طلبات الجماهير وأسئلتهم واستفساراتهم". 

ولطالما نشبت خلافات كثيرة داخل النادي الواحد، وهو ما يؤكده الساعدي، قائلًا إن "رابطة الجماهير وفي كثير من الأحيان تساهم بالتعاون مع قادة بقية المجاميع الأخرى بتقريب وجهات النظر وحل الخلافات التي تحدث بين اللاعبين أو مع الإدارة".

الإدارات ترفض

رغم حديث الساعدي والمالكي، فأن بعض الجماهير لا تقتنع بها كثيرًا خاصة عند رؤيتهم للقاءات كثيرة لمدربين ولاعبين، وهم يؤكدون أن خروجهم من النادي "الفلاني" بسبب الجمهور.

ترفض إدارات الأندية الجماهيرية الحديث عن تدخلات الجمهور في تقاعداتها، فيما تؤشر بعض الحالات

الشرطة، وهو الفريق الجماهيري الثالث مع الزوراء والقوة الجوية، وله قاعدة جماهيرية ليست قليلة، ولكن تدخلها بعمل إدارة النادي مرفوض بحسب عضو الهيئة الإدارية تحسين الياسري.

الياسري في حديثه لـ"ألترا عراق" أكد أنه "دائمًا ما يسمع عن وجود تدخلات من بعض الروابط في الأندية، أما الشرطة فلدينا تعامل محترم ومتبادل مع الجمهور، أما التدخلات في عمل النادي فهو يخص مجلس الإدارة فقط واللجنة المشرفة والجهاز الفني". 

يضيف عضو الهيئة الإدارية أن "الجمهور نكن له كل الاحترام لكن قضية التدخل وعملية استقطاب اللاعبين وفرض المدربين في نادي الشرطة غير موجودة لأننا لا نسمح لجمهورنا بالتدخل في مثل هذه الحالات، فهم اللاعب رقم 12، وهم المساندون للنادي لكن لا يمكنهم التدخل بمقررات النادي".

بالمقابل، إدارة نادي الزوراء وبالرغم من الشعبية الجارفة له، ألا أنها أكدت كذلك أن "الجماهير لا تتدخل في قرارات النادي، وأن موضوع مدرب الفريق أو التعاقدات من شأن الإدارة حصرًا".

يلفت الناطق الإعلامي وعضو الهيئة الإدارية للنادي عبد الرحمن رشيد إلى أن "حالة حصلت في إحدى السنوات من خلال التدخل في موضوعة جلب اللاعبين ولكن تم معالجتها". 

ويضيف حديثه لـ"ألترا عراق"، أن  "الجماهير تتحدث وتقترح لاعبين ولكن التعاقد ومفاوضة اللاعب من عمل الإدارة والكادر الفني حصرًا، ولا يمكن لغير هؤلاء التدخل في هذه القضية". 

وامتدح رشيد جماهير النوارس، قائلًا إنهم "من أفضل الجماهير التي تساند الفريق في السراء والضراء وتحاول دائمًا الوقوف خلف الفريق من أجل تقديم المستويات الأميز".