24-يوليو-2020

سيكون الاحتياج الفعلي للطاقة في العراق بحدود 50 ألف ميغا واط (Getty)

مع الكشف عن زيارة لرئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الاثنين 20 تموز/يوليو إلى السعودية، انطلقت التكهنات من كل حدب وصوب حول الغاية من تلك الزيارة رغم أن وزير المالية الذي كشف عن الزيارة ححدها بتوقيع اتفاقيات "مهمة" وافتتاح منافذ حدودية، وأشار إلى "فرص كبيرة لاستثمار القطاع الخاص السعودي في العراق".

أخذ ملف الطاقة منحى أكبر بعد الإعلان عن مشروع الربط الكهربائي بدول الخليج، وهو ما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمه

وذهبت التكهنات إلى وجود رسالة سياسية إيرانية يحملها الكاظمي في زيارته للرياض، لكن ملف الطاقة تصدر الأحاديث الجدية، وبان ذلك في استقبال وزير الطاقة الإيراني رضا اردكانيان لرئيس الوزراء العراقي في طهران.

اقرأ/ي أيضًا: العراق وجيرانه.. لعبة "جر الحبل" في ملعب الطاقة

أخذ ملف الطاقة منحى أكبر بعد الإعلان عن مشروع الربط الكهربائي بدول الخليج، وهو ما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمه، ربما محاولةً لزيادة ضغط الحصار الاقتصادي على إيران، على اعتبار أن العراق مستثنى من العقوبات الأمريكية على جارته بسبب ما يعانيه من نقص في تجهيز الخدمة.

الربط الخليجي مرة أخرى

ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن ربط كهربائي مع دول الخليج، ففي 2017 كشف وزير الكهرباء الكويتي عصام المرزوق أن بلاده تدرس تصدير الكهرباء إلى العراق، ثم بدأ بعد ذلك تشكيل فريق فني مشترك لدراسة الربط الكهربائي بين العراق والخليج.

وفي شباط/فبراير 2018 قالت وزارة الكهرباء العراقية في حكومة حيدر العبادي إنها ستشرع بمد أبراج نقل الطاقة لمسافة 50 كيلو مترًا بمنظومة الكهرباء الوطنية.

العام الماضي، وفي أيلول/سبتمبر تحديدًا، وقعت حكومة عادل عبد المهدي عقدًا لإنشاء خطين لنقل الطاقة الكهربائية مع هيئة الربط الخليجي، ينص على أن يستورد العراق 500 ميغا واط في المرحلة الأول بعد اكتمال الخطين قبل صيف العام الحالي.

لكن شيئًا لم يحدث، ودخل العراق صيف 2020 اللاهب وهو يعاني من نقص حاد في تجهيز الكهرباء، قبل أن يعود الحديث مرة أخرى عن الربط الكهربائي وتعلن الولايات المتحدة التزامها بتسهيل المشروع وتقديم الدعم له كون العراقيين "في أمس الحاجة للكهرباء".

وبحسب عضو لجنة النفط والطاقة النيابية صادق السليطي فأن هناك فرقًا بين السعودي والربط الخليجي، وقال عن الأخير في تصريح لـ"ألترا عراق" إنه "عبارة عن خطوط كهرباء 400 KV لدى تلك الدول عبر محطات معلّقة، تنتهي في جنوب الكويت".

إيران تقتحم

في خضم النقاش حول الربط الكهربائي بدول الخليج، وأثناء زيارة الوفد الحكومي برئاسة الكاظمي إلى طهران، أعلن وزير الطاقة الإيراني اردكانيان اتفاقه مع نظيره العراقي ماجد حنتوش على إبرام عقدين في مجال تحسين وتطوير صناعة الكهرباء في العراق.

قال اردكانيان إن "العقدين الذين اتفق حولهما نهائيًا، يتعلقان بالحد من التلف بشبكة توزيع الكهرباء في محافظتي النجف وكربلاء وتصليح محولات التوزيع".

يستورد العراق 1200 ميغا واط من إيران فيما يشغّل نحو 5000 ميغا واط اعتمادًا على الغاز المستورد من إيران

ويرى مراقبون أن ذلك لا يرضي المملكة السعودية، التي تحاول إغراء العراق بتقديمها (مع دول المجلس) عرضًا بفارق سعري (2 سنت) بالنسبة للوحدة الكهربائية الواحدة، بحسب المستشار الاقتصادي والخبري النفطي السعودي محمد الصبان، الذي قال إن تجربة العراق مع إيران في ملف الكهرباء لم تأتِ بنتائج جيدة بل أنفقت مليارات الدولار دون حل".

اقرأ/ي أيضًا: مشكلة الكهرباء بين السياسية والفنية.. لجان للتحقيق وحلول للترقيع

قبل عامين، كشفت وزارة الكهرباء أن العراق سيشتري الكهرباء بسعر 21 دولار لكل ميغاواط/ساعة، أي بربع ما يدفعه مقابل الكهرباء الإيرانية".

ويستورد العراق 1200 ميغا واط من إيران فيما يشغّل نحو 5000 ميغا واط اعتمادًا على الغاز المستورد من إيران، لذا فأن مجمعًا مثل بسماية (جنوب شرق بغداد) يعتمد بالكامل على هذا الغاز.

لا تتأملوا خيرًا سريعًا

مع هذا الاتفاق الإيراني الجديد، يجري الحديث عن إمكانية العراق التوفيق بين إيران والسعودية في موضوع الطاقة، وما إذا كان يحتاجهما معًا أو أن ذلك سيتعارض في المستقبل.

وفي الأمور الفنية البحتة، يحتاج العراق إلى 23 ألف ميغا واط، بحسب متخصصين، لتأمين الكهرباء في الوقت الذي لا يزيد إنتاجه عن 13 ألف ميغا واط.

وبغض النظر عن النوايا، فأن مشروع الربط الخليجي يحتاج أولًا إلى تشييد 300 كيلو متر، وبحسب النائب صادق السليطي فأن ذلك يحتاج إلى ثمانية أشهر ليكتمل.

يقول العضو في لجنة الطاقة النيابية لـ"ألترا عراق" إن "اكتمال المد دون عراقيل يعني تجهيز العراق بـ 500 ميغا واط في الصيف القادم بأحسن الأحوال"، ما يعني بحسب السليطي أن نسبة تأثير الربط الخليجي العام المقبل لن تتجاوز نسبة 5%.

أكد ذلك المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي في حديثه عن حجم تزويد العراق في المرحلة الأولى من الاتفاقية الخليجية عبر محطتي الفاو القديم والفاو الجديد.

لكن العبادي قال في تصريح للوكالة الرسمية الجمعة 24 تموز/يوليو إن "العراق أكمل 80% من الالتزامات التي تقع على عاتقه بحسب الاتفاقية".

يرى الخبير النفطي حمزة الجواهري أن العراق بحاجة إلى أكثر من 25 ميغا واط للتخلص من القطع المبرمج

أما المستشار الاقتصادي محمد الصبان فيقول إن "المشروع بحاجة من 4 إلى 5 سنوات للعمل على الأرض إذا لم يتعرقل". ومن شأن ذلك أن يزود العراق بـ2000 ميغا واط بحسب تقديرات وزارة الكهرباء العراقية العام الماضي. 

هل يمكن التكامل؟

وفق تلك المعطيات، لن يبتعد العراق ولو قليلًا عن التعامل في مجال الطاقة مع إيران، كما ترغب الولايات المتحدة ودول الخليج بحسب التحليلات.

اقرأ/ي أيضًا: القطاع العام في العراق.. اسأل الكهرباء

إذ يحتاج العراق إلى 10 آلاف ميغا واط لسد النقص الحاصل في الطاقة وسط أزمة اقتصادية، ما يكلفه 15 مليار دولار لإنتاجها بحسب النائب صادق السليطي، الذي يعتقد أن حل المشكلة يتطلب تفعيل اتفاقية سيمنز والربط الخليجي إضافة إلى اتفاق مع تركيا، بحيث يعمل العراق مع الجميع دون التركيز على جهة معينة.

لكن كيف يجري ذلك؟

يرى الخبير النفطي حمزة الجواهري أن العراق بحاجة إلى أكثر من 25 ميغا واط للتخلص من القطع المبرمج، وسيكون بحاجة إلى أكثر من ضعف الطاقة الحالية المتاحة في السنوات القليلة القادمة.

وعليه، يقول الجواهري في حديث لـ"ألترا عراق" إن "الخوف على مصالح إيران أو الخليج أو أمريكا أو ألمانيا لا داعٍ له حيث سنكون بأمس الحاجة لها من الآن ولسنوات قادمة".

 في حال تحققت التنمية الاقتصادية في الصناعة والزراعة والقطاعات الإنتاجية المختلفة فأنها تحتاج ـ بحسب الخبير النفطي ـ إلى 20 ألف ميغا واط أو أكثر.

 سيكون الاحتياج الفعلي للطاقة في العراق بحدود 50 ألف ميغا واط، تكتمل خلال 4 أو 5 سنوات من الآن إذا ما حقق العراق التنمية المستدامة.

ويخلص الجواهري أنه "لا يمكنه الاستغناء عن الكهرباء والغاز الإيرانيين وكذلك الكهرباء الخليجية إضافة إلى خطتي سيمنس وجنرال إلكترك".

 سيكون الاحتياج الفعلي للطاقة في العراق بحدود 50 ألف ميغا واط، تكتمل خلال 4 أو 5 سنوات من الآن 

كذلك فأن المضي بعقود جنرال إلكترك وسيمنز يحتاج إلى الغاز وبذلك لن تعرقل الدولة العميقة مشاريع معالجة الغاز والتي لا تؤثر على تجهيز الغاز أو تجهيز الكهرباء الإيراني للعراق.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

إجراءات أولى من نوعها.. محكمة بريطانية تبّت بقضية فساد في العراق

اشتراها العراق منذ 16 عامًا.. مولدات كهربائية لم تدخل الخدمة حتى الآن