23-فبراير-2021

سجلت المفوضية مؤخرًا 249 حزبًا سياسيًا (فيسبوك)

تعمل القوى السياسية، على ترتيب أوراقها قُبيل الانتخابات، خاصة مع إعلان تأسيس أحزاب جديدة تقول إنها تمثل المسار الاحتجاجي، وتقدم نفسها كضد نوعي للقوى السياسية بعد 2003، إذ تشهد الكواليس جولات من الحوارات للمضي بتحالفات أو وضع حجر الأساس لتفاهمات لما بعد الانتخابات، فيما يُطرح السؤال عن الآليات في تعامل الأحزاب الجديدة مع القوى التقليدية، بظل انقسام جمهورهم إلى جبهتين، الأولى متخاصمة مع جميع القوى التي لديها التمثيل النيابي والتنفيذي، وتضع الـ"الفيتو" على أي حوار معهم، وأخرى تعتقد بوجود مساحة عمل مشروطة مع بعض القوى.

يرى رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث أن الوقائع على الأرض تشير إلى وجود قاعدة شعبية كبيرة للشباب المنتفضين

ويصنف مراقبون التيارات التي تختزل المشهد العراقي إلى "تيار محافظ راديكالي، ما زال يعتقد بإمكانية إعادة إنتاج نفسه، وأن تجربة ما بعد 2003 قابلة للحياة"، فيما يقابله "تيار وسطي كلاسيكي مساهم ببناء تجربة 2003، لكنه يعتقد أن الاشتراطات تغيرت وهناك مستقبل لا بد من رؤيته والعمل عليه دون انقطاع كامل، وهو يؤمن بتغيير كبير للنظام السياسي وإعادة صياغته"، بينما يوجد أيضًا "تيار وسطي الجديد، ينظر للمستقبل كأولوية، دون تجريم لتجربة 2003، ومنفتح على المستقبل ويعمل على صياغة عقد جديد"، وفي المقابل، هناك تيّار يمثله بدرجة كبيرة شباب احتجاجات تشرين المتحمسين إلى إحداث التغيير الجذري، يبدأ من تجريم وإلغاء جميع الفاعلين في المشهد السياسي بعد 2003، وبناء تجربة جديدة كليًا. 

اقرأ/ي أيضًا: إحصائية بعدد التحالفات والأحزاب المسجلة في المفوضية لخوض الانتخابات المبكرة

ويعتقد عضو تيار المرحلة محمد عبد الكريم الشيخ أن "الرؤية المنطقية تقتضي عدم وضع القوى السياسية بسلة واحدة، وتحتم الفرز، فكل الحكومات التي شُكلت بعد 2003 كانت هناك قوى رئيسية مثلت حجر الزاوية بتشكيلها، خاصة التي تمتلك السلاح وتتمركز فوق الدولة، وهذه القوى تستثمر نفوذها من خلال المحاصصة التي تبدأ من تقاسم الوزراء مرورًا بالمناصب الناعمة وصولًا لأصغر مدير شعبة".

وحول آلية الفرز يقول الشيخ لـ"ألترا عراق"، إن "القوى الحاملة للسلاح لا يمكن التعامل معها، لكن القوى الأخرى الوسطية أو المعتدلة هي الأخرى تخضع للتصنيف، ويمكن الوصول إلى تفاهمات معها، كحد أدنى، وأن كان تحالفًا، فيجب أن تكون فيه قوى من كل المكونات، وفق معايير وفلتر دقيق، ولا نكرر التجارب السابقة".

ويضع الشيخ مسارًا آخر للتحالفات يصطلح عليه "الوضع المثالي"، ويقصد به "تحالف جميع أحزاب مع بعد تشرين بالإضافة إلى القوى المدنية المعروفة، ويطرحون بشكل صريح وواضح برنامجهم"، مشيرًا إلى "وجود تحركات غير رسمية على مستوى الأفراد منطلقين من علاقاتهم الخاصة مع أعضاء في أحزاب ناشئة تعمل على بلورة تحالفات يمكن أن تنضج بشكل ملموس خلال الأيام القادمة". 

ويلفت الشيخ إلى أن "الرفض الكامل لتجربة ما بعد 2003 وتجريم وشيطنة كل شخوصها أمر غير منطقي وجائر، وتحتاج أطراف حركة الاحتجاج التي تتبنى مثل هذه المواقف الراديكالية أن تبتعد عنها، مبينًا أن "هذا خطاب شعبوي سيكلف متبنيه كثيرًا في المستقبل، هو ينسجم مع مزاج الشارع الغاضب والباحث عن تبسيط أخلاقي مريح لنزاع معقد، مستدركًا "لكنه  انتحار في السياسة  وكارثة في الواقع"، فيما يشير الشيخ إلى "وجود أحزاب لم تحسم أمرها لغاية الآن حول المشاركة في الانتخابات من عدمها، فضلًا عن أخرى في طور التأسيس، ستمثل عاملًا مهمًا في إيضاح المشهد، وهناك قوى تميل إلى الخصام مع جميع الطبقة السياسية".

يعلّل الناشط سجاد محسن الرفض الشامل للطبقة السياسية، بوصول النظام إلى انسداد تمام، وهو ما يمنع محاولات إعادة الحياة فيه

من جهته، يقول عضو الأمانة العامة للحزب الاجتماعي الديمقراطي كريم محسن، إن "حزبه يعمل على بناء تحالف مدني ديمقراطي واسع يضع جميع القوى المدنية التي لم تتورط بالفساد وحمل السلاح، وبناء هذا التحالف من أجل تكوين كتلة انتخابية شاملة لكل العراق، خاصة أن الخصم الانتخابي واحد، ويتطلب جبهة قوية ومتماسكة، برؤية واقعية تمثل المعادل الموضوعي في العملية السياسية، ليتميز الخيط الأبيض من الأسود".

اقرأ/ي أيضًا: خلافات وتزوير.. هل ستجري الانتخابات المبكرة بلا تصويت الخارج؟

في السياق، يعتقد رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث منقذ داغر، أن "عملية التغيير لا يمكن أن تتمّ بزوايا حادة، فخصوصية المرحلة بحاجة لتغيير تدريجي، فالوقائع على الأرض تشير إلى وجود قاعدة شعبية كبيرة للشباب المنتفضين، مستدركًا "لكنهم يفتقدون للخبرة والتنظيم والموارد، فالرهان على صندوق الانتخابات نظري أكثر مما هو عملي، ما يجعلهم بحاجة للتحالف، وأقرب حليف هي القوى الوسطية التي لم تتقاطع مع ثورة تشرين، وبعضهم دعمها، وهناك مشتركات تؤسس لتفاهمات، لكن الخطوة الأولى يجب تخطوها القوى الوسطية التي لها جذر في الحياة السياسية".

وحول جبهة "الرفض الشامل" يقول داغر لـ"ألترا عراق"، إنها "ستحيلنا الجدل البيزنطي هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة، وهو خطاب إقصائي غير مجدي، ولا يمكنهم من النجاح في الانتخابات، أما من يعتقد أن التغيير يأتي من خارج صندوق الانتخابات، هذا موضوع آخر على صاحبه ينتظر قوى محتلة أخرى أو الانقلاب العسكري"، مبينًا أن "الجميع سيدركون ضرورة البناء على أرضية مشتركة ولكن هم بحاجة لوقت".

رفض شامل

يعلل الناشط سجاد محسن الرفض الشامل للطبقة السياسية بوصول النظام إلى انسداد تمام وهو ما يمنع محاولات إعادة الحياة فيه، ما يجعله في موت سريري، على حد تعبيره، مبينًا أن "عدم امتلاك بعض القوى السياسة للسلاح، لا يعني ملائكيتها، إذا لا يوجد برهان على عدم الامتلاك من متبنياتها الأساسية، فربما الظروف لم تساعدها، أو أجبرتها المصلحة على الاعتدال أن وجود، وهذا ما يثير المخاوف من إمكانية تحولها عند تعاظم قوتها".

وأضاف محسن لـ"ألترا عراق"، أن "هذه القوة تماهت مع قوى اللا دولة، وتحاصصت، ولها تمثيل في مواقع تنفيذية، وهي متهمة بالفساد، وبعضها ما زال لغاية الآن يسيطر على مراكز حساسة في الوزارات، ناهيك عن سرعة التحول الذي تتمتع به قوى ما بعد 2003، وتجربة الائتلاف مع التيار الصدري خير مثال".

وأعلنت مفوضية الانتخابات في 23 شباط/فبراير الانتهاء من تسجيل 30 تحالفًا و249 حزبًا سياسيًا، لافتة إلى وجود أحزاب أخرى قد التأسيس تمهيدًا لخوض الانتخابات المقبلة.   

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

نظام مهزوز أمام البعث والجوكرية والكائنات الفضائية

المفوضية تخفض مبلغ التأمينات للمرشحين في الانتخابات المبكرة