11-أغسطس-2019

تنتشر أبراج الاتصالات بكثرة في المناطق السكنية ببغداد والمحافظات العراقية (تويتر)

هيئة الإعلام والاتصالات، وشركات الهاتف النقال، والمجالس البلدية؛ ثلاث جهات مسؤولة عن تراخيص تركيب ونصب أبراج الاتصالات اللاسلكية في العراق، تجاهلت هذه الجهات، كلها، جميع التحذيرات والتنبيهات التي أطلقتها تقارير بيئية ودراسات وخبراء على مدار الأعوام السابقة، عن المخاطر البيئية والصحية للأبراج المنصوبة على أسطح المنازل السكنية وسط الأحياء.

هيئة الإعلام والاتصالات، وشركات الهاتف النقال، والمجالس البلدية  تجاهلت هذه الجهات جميع التحذيرات عن المخاطر البيئية والصحية للأبراج المنصوبة على أسطح المنازل

بدأ التهديد البيئي يأخذ طابع الجدية لهذه الأبراج بعد الدراسات التي أثبت إصدار الأبراج لإشعاعات تسبب تلوثًا وأمراضًا، كما أن شركات الاتصالات تجاهلت تحذيرات وزارة البيئة، التي طالبت بمنع تشييد الأبراج فوق المنازل السكنية، لكن ذلك لم يمنع الشركات من الاستمرار ببناء الأبراج وسط الأحياء وقرب المستشفيات والمدراس، كذلك لم تستجب لقرارات وزارة البيئة التي أمرت بإزالة الأبراج المشيدة سابقًا من المناطق السكنية.

اقرأ/ي أيضًا: الاتصالات توضح أسباب ضعف خدمة الإنترنت في العراق

وتحاول بعض الشركات التحايل على قانون حماية البيئة بالادعاء أن الأبراج المنصوبة هي أبراج ثانوية مؤقتة، لكن الدلائل تشير إلى عكس ذلك بحسب مختصين،  كما طالبت دوائر البيئة في بغداد وعدد من المحافظات شركات الهاتف الجوال بينها شركات (آسيا سيل) و (زين) و(أمنية) و(فرات فون)، برفع أبراجها الرئيسية من داخل المدن إلى خارجها بسبب التخوف من "التأينات" الصادرة منها بموجب أحكام الفقرة رابعًا من مادة 12 من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 3 لعام 1997 المعدل الذي يحمي البيئة من مخاطر التلوث الإشعاعي، لكن الشركات لم تستجب لتلك الدعوات.

في العاصمة بغداد، شيدت جميع أبراج الاتصالات فوق المنازل، كما تزداد أعدادها في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، بينما تقدم شركات الاتصالات رواتبًا مغرية وخط كهرباء مجاني، مقابل موافقة صاحب المنزل على تشييد البرج.

برج اتصالات فوق عمارة سكنية في مدينة الكرادة وسط بغداد (ألترا عراق) 
لقطة تظهر انتشار أبراج الاتصالات في مدينة الكرادة (ألترا عراق) 

في هذا الصدد وجه الخبير الدولي بالصحة البيئية، البروفيسور محمد العبيدي، رسالة إلى الحكومة العراقية والبرلمان، نبه فيها إلى مخاطر أبراج الاتصالات اللاسلكية على صحة المواطنين، فيما طالب وزارة الصحة والبيئة على "العمل الفوري" لإجراء مسوحات صحية محلية بين الأشخاص في محيط أبراج الهاتف المحمول في العراق، وفي وبغداد على وجه الخصوص.

 

وحذر الخبير في رسالة وجهها عبر "ألترا عراق"، من المخاطر الصحية المترتبة على إهمال الحكومة العراقية وتغاضيها عن نصب أبراج الاتصال فوق أسطح منازل المواطنين، فيما أشار إلى جملة من الأمراض التي سببتها تلك الأبراج.

وقال العبيدي، وهو طبيب عراقي مغترب يعيش في بريطانيا، ومتخصص في الصحة البيئة، إن "من الأمور التي تؤرقني جدًا هو مشكلة مخاطر أبراج الهاتف المحمول ومخاطرها الصحية على المواطن، وبعلم تام من قبل شركات الهاتف المحمول في العراق التي لا تدخر وسعًا سوى الاستمرار بنصب هذه الأبراج على أسطح مساكن المواطنين، وبأعداد كبيرة مسببة لهم مخاطر صحية جسيمة تصل إلى الإصابة بالسرطان".

تسبب أبراج الاتصالات اضطراب في توازن الجهاز العصبي الإنباتي لدينا وإضعاف الجهاز المناعي واضطرابات التمثيل الغذائي بسبب فرط الحموضة وانسدادها

أشار إلى أن "الخطورة هي معرفتي بأن وزارة الصحة والبيئة لا يوجد لديها قاعدة بيانات مضبوطة بأماكن نصب أبراج الهاتف المحمول وأعدادها بالضبط ومدى بعدها الواحد عن الآخر في أي منطقة سكنية كانت، وهذا ينطبق أيضًا على رئاسات مجالس المحافظات التي تزود شركات الهاتف النقال بالموافقة على نصب تلك الأبراج".

اقرأ/ي أيضًا: انفوجرافيك: كيف يتواصل الجهاديون على الإنترنت؟

أضاف أن "معظم المعلومات العلمية المؤكدة التي سأدرجها في منشوراتي المقبلة عن مخاطر أبراج الهاتف المحمول على الصحة العامة للمواطنين مستقاة من موقع Powerwatch الذي تديره منظمة غير ربحية مستقلة لها دور رئيسي في نشر المعلومات عن المجال الكهرومغناطيسي في المملكة المتحدة، والنقاش حول تأثير الإشعاع بالموجات الدقيقة على صحة المواطن، ومنها ما ينتج عن أبراج الهاتف المحمول".

وتابع على سبيل المثال، أن الموقع أورد ما يلي "يوجد أكثر من 70 مليون هاتف محمول في المملكة المتحدة، ويتم استخدامها أكثر وأكثر لأن شركات الهاتف تقدم الكثير من العروض الرخيصة/ المجانية. يدعي معظم مشغلي الشبكات الهاتفية هذه أنهم يغطون أكثر من 99٪ من سكان المملكة المتحدة، وبهذا فهم يغطون البلاد بـ(بطانية من الضباب الدخاني الكهرومغناطيسي Electrosmog)".

أوضح العبيدي "هذا يعني أننا إذا تعرضنا لمجالات كهرومغناطيسية اصطناعية (التي تسمى بالضباب الدخاني الكهرومغناطيسي) فإن هذه الإشعاعات تخترق الجسم وتمنع العمل الأمثل للخلايا، مسببة ما يلي، إضافة إلى حالات مرضية خطرة أخرى:

  • اضطراب في توازن الجهاز العصبي الإنباتي لدينا
  • إضعاف الجهاز المناعي
  • اضطرابات التمثيل الغذائي بسبب فرط الحموضة وانسدادها
  • الإجهاد الذهني والإجهاد الجسمي

وزاد الخبير "يعاني العديد من الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الأبراج من مشاكل صحية متزايدة بمستويات أقلها يصل إلى 0.05 فولت لكل متر، وخاصةً اضطرابات النوم والصداع والإرهاق والتغييرات السلوكية عند الأطفال، والصرع، ونزيف الأنف، والشكاوى الجلدية. وأدناه خلاصة لتقرير علمي بهذا الصدد عنوانه "اتحد الأطباء الألمان حول تأثير الموجات الراديوية المنبعثة من أبراج الهاتف المحمول"، وملخصه هو: اجتمع عدد من الأطباء الألمان معًا لتقديم ملاحظاتهم، حول التأثيرات الضارة على صحة المواطنين، والناتجة عن المجال الكهرومغناطيسي النبضي الذي تسببه أبراج الهاتف المحمول، إلى رئيس وزراء بافاريا الدكتور إدموند شتويبر".

أكمل محمد العبيدي "وقد أورد هؤلاء الأطباء الألمان في رسالتهم إلى رئيس وزراء بافاريا المعلومات المهمة التالية: لقد عززت البيانات التالية من شكوكنا حول مخاطر أبراج الهاتف المحمول: في كثير من الأحيان، يصاب العديد من السكان بهذه الأعراض في نفس الوقت، عندما يعيشون بالقرب من محطة قاعدة للهاتف المحمول: • أبلغ العديد من المرضى عن الشفاء السريع عند إزالتهم من التعرض (عن طريق النقل المؤقت، وإزالة المصدر، والفحص، والفصل)".

يعاني العديد من الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الأبراج من مشاكل صحية متزايدة بمستويات أقلها يصل إلى 0.05 فولت لكل متر

لفت إلى أنه "بعد إعادة التوطين، أثبت الأطباء أثناء إعادة فحص المرضى، من بين أمور أخرى، أن ضغط الدم وإيقاع القلب، واضطرابات الهرمونات، والاضطرابات البصرية، والأعراض العصبية، وفحوصات الدم، قد عادت إلى طبيعتها"، مبينًا "قامت العديد من عوائل الأطباء خلال الأشهر الماضية بإزالة هواتفهم المنزلية التي تعمل بدون أسلاك والخاصة بهم حيث أصبحت منازلهم بعد ذلك خالية من مشاكل صحية، من بين أشياء أخرى، كالصداع، واضطرابات التركيز، والدوخة، والأرق واضطراب الطنين، واضطراب النوم".

وختم العبيدي رسالته بالقول، إنه "إضافة إلى العديد من الدراسات العلمية، وبناء على المعلومات العلمية المؤكدة أعلاه فإني، كمتخصص بالصحة البيئية، أطالب وزارة الصحة والبيئة على العمل الفوري لإجراء مسوحات صحية محلية بين الأشخاص في محيط المحطات الأساسية لأبراج الهاتف المحمول في العراق، وبغداد على وجه الخصوص لأن الكثير من الناس لا يعرفون عدد الأبراج بالقرب منهم. لذلك فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة مدى تأثرهم بالإشعاعات الصادرة عنها هي قياس التعرض".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟

القطاع العام في العراق.. الموت مجانًا في مدينة الطب!