05-نوفمبر-2018

تثار مخاوف من أن تكون الهجمات رسالة تهديد من الميليشيات لعبد المهدي (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

قتل سبعة مدنيين في العاصمة العراقية بغداد وأصيب عشرون آخرون بست تفجيرات ضربت مناطق متفرقة منها، الأحد 4 تشرين الثاني/نوفمبر، على الرغم من إجراءات أمنية مشددة، بالتزامن مع فرض حزمة جديدة من العقوبات الأمريكية على إيران وتصاعد التنافس السياسي على المناصب الحكومية.

جاء توقيت الهجمات على بغداد بالتزامن مع فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية ضد إيران وتصاعد التنافس السياسي على الحقائب الوزارية

ووقع الحادث الأول داخل مدينة الصدر إلى الشرق من مركز العاصمة، حيث انفجرت عبوة ناسفة داخل عربة لنقل الركاب، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بينهم امرأتان، بحسب مصدر في وزارة الداخلية العراقية تحدث لـ "ألترا صوت"، فيما شهدت ذات المدينة تفجيرًا أشد بعد نحو ساعتين بعبوة ناسفة ثانية استهدفت بائعين متجولين وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة خمسة آخرين.

أما التفجيرات الأربعة الأخرى، فقد نجمت عن عبوات ناسفة أيضًا، وضربت مناطق (الشعلة، الكاظمية، حي التراث، والمشتل) مخلفة عدة قتلى و11 جريحًا بعضهم في حالة حرجة.

وكانت العاصمة بغداد قد شهدت إجراءات أمنية مشددة فرضتها القوات الأمنية في بعض مناطق العاصمة تحسبًا لهجمات، إثر ورود معلومات استخبارية تفيد بنية "إرهابيين" تنفيذ تفجيرات داخل المدينة، كما يوضح المصدر، إلا أن تلك الإجراءات فشلت باحباط الهجمات التي وقعت في وقت متقارب، واستهدفت مناطق حيوية تشهد غالبًا حركة كبيرة للمدنيين، كالكاظمية ومدينة الصدر والشعلة.

اقرأ/ي أيضًا: حكومة عبد المهدي.. رهان أخير لـ"إنقاذ" العملية السياسية من غضب العراقيين

وبالتزامن مع ذلك، عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني، اجتماعًا برئاسة القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي في العاصمة، دون التطرق إلى الهجمات التي طالت العاصمة، حيث أخذ ملف نفوق الأسماك المساحة الأكبر من الاجتماع، فيما التقى عبد المهدي بالقيادات الأمنية في العاصمة خلال زيارة إلى مقر قيادة العمليات الأمنية، صباح الإثنين 5 تشرين الثاني/نوفمبر، داعيًا إلى مزيد من "العطاء" في مجال الملف الأمني.

رسائل سياسية وإقليمية!

جاء توقيت الهجمات بالتزامن مع فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية ضد إيران وتصاعد التنافس السياسي على الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، ما يوجه الاتهام حسب بعض المراقبين إلى أطراف سياسية وفصائل مسلحة، بالتورط بالهجمات لأهداف تتعلق بالمصالح السياسية الداخلية أو الإقليمية، على الرغم من استبعاد اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد لذلك.

حيث رأى المختص في الشأن الأمني أحمد الشريفي، وجود "ارتباط وثيق" بين المتغيرات السياسية وارتفاع مستوى التهديدات الأمنية، مؤكدًا أن "حقائق واضحة باتت تدين المنتظم السياسي بالتورط بالخروقات الأمنية، إما من خلال الفساد وسوء الإدارة الذي أوهن الأداء الأمني والعسكري، وخلق بيئة مناسبة للإرهاب، أو من خلال التورط بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه العمليات".

ويضيف الشريفي لـ "ألترا صوت"، أن "الخلل يكمن في المنتظم السياسي الذي فشل في إدارة الموارد في المؤسستين الأمنية والعسكرية، ولا زال القائمون عليه مصرين على المحاصصة وتحقيق الامتيازات الحزبية على حساب الثوابت الوطنية وأمن وسيادة الدولة".

ولم يستبعد الشريفي، أن تكون الهجمات الأخيرة رسائل إيرانية إلى واشنطن تؤكد قدرتها على تهديد الأمن والمصالح الأمريكية في العراق بعد فرض الحزمة الجديدة من العقوبات على النظام الإيراني، مشيرًا إلى أن "البلاد قد تشهد اضطرابات أمنية خلال المرحلة المقبلة، نتيجة تصفية الحسابات بين واشنطن وطهران".

وتشير تلك المعطيات إلى خضوع المؤسسات العراقية وضمنها المؤسسة الأمنية، لـ "حصص الأحزاب"، والتي أقحمت البلاد في الصراعات الإقليمية والدولية بعيدًا عن المصالح العليا للعراق، كما يبين الشريفي الذي يؤكد أن هذا يكلف البلاد أمنها الداخلي، وبالتالي خسارة الوفرة البشرية والمادية لحماية الحدود الخارجية.

وعلى الرغم من تعهد رئيس الحكومة الجديدة عادل عبد المهدي بإجراءات عملية لحصر السلاح بيد الدولة وإبعاد الملف الأمني عن الصراعات السياسية، إلا أن الشريفي لا يرجح نجاح ذلك على أرض الواقع، حيث يقول إن "عادل عبد المهدي لا يستطيع المضي بمشروع ضخم من قبيل نزع السلاح وحصره بيد الدولة، لعدم تمتعه بشخصية اقتحامية متحدية، فضلًا عن الظروف المحيطة به والطريقة التي جاء بها، والتي لا تمنحه قدرة وإرادة سياسية لتنفيذ مثل هذا الإجراء الذي يتطلب حكومة قوية ذات بعد وطني، واضحة من حيث البرنامج تعتمد مبدأ الابتعاد عن المحاصصة في كل العناوين الأمنية في الأجهزة الأمنية كافة"، فيما يرى أن حكومة عبد المهدي "قد لا تصمد" أمام التحديات التي تواجهها وفق المؤشرات الحاضرة.

من جانبها استبعدت اللجنة الأمنية في الحكومة المحلية للعاصمة، تورط جهات سياسية بتفجيرات الأحد، كورقة ضغط على عبد المهدي للحصول على مكاسب أو مناصب بالتزامن مع احتدام الصراع على ثماني وزارات ضمن الكابينة الحكومية.

واتهم عضو اللجنة محمد الربيعي في تصريحات صحافية، "جيوبًا لتنظيم داعش"، بالمسؤولية عن الهجمات، مؤكدًا عدم "وجود دلائل على تأثير سياسي أسهم بحدوث الأعمال الإرهابية التي ضربت العاصمة بغداد، أو تورط جهات بها بشكل مباشر". وحذر الربيعي، من "الغفلة الأمنية"، مبينًا أن "العراق معرض لظروف سياسية إقليمية تخص وجود داعش على الحدود السورية – العراقية وينبغي الحذر بشكل جدي".

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف.. تكليف عادل عبدالمهدي بتشكيل حكومة العراق: التحديات وظروف الاختيار

الخاسر الأكبر!

من جانبهم أكد مواطنون وناشطون، تورط الجهات السياسية بالخروقات الأمنية و"الكوارث" التي تشهدها البلاد على المستوى الاقتصادي، سعيًا لنيل حصة أكبر من المناصب والأموال، أو تنفيذ مصالح إقليمية ودولية على حساب العراقيين "الخاسر الأكبر" في هذه اللعبة.

 أكد مواطنون وناشطون، تورط الجهات السياسية بالخروقات الأمنية و"الكوارث" التي تشهدها البلاد على المستوى الاقتصادي، سعيًا لنيل حصة أكبر من المناصب والأموال، أو تنفيذ مصالح إقليمية

ويقول المواطن صالح الهاشمي، إن "الأحزاب السياسية وجدت في العراق منجمًا للأموال والنفوذ، حيث حطم النظام السابق مؤسسات الدولة التي كان يمكن أن تقف بوجه تلك الأحزاب، عبر الحروب والأزمات التي أنتجت الفساد وسحقت الكفاءات، وبالتالي فإن هذه الأحزاب لا تتورع عن فعل أي شي مقابل الحفاظ على مصالحها، حتى لو تطلب الأمر هدر دماء آلاف العراقيين"، معتبرًا أن "المواطنين البسطاء من مختلف الأطياف والمكونات هم الضحية والخاسر الأكبر في هذه اللعبة".

أما الكاتب والناشط أحمد الحسيني، فقال لـ "ألترا صوت"، إن "كل متغيير يمس المجتمع العراقي مرتبط بشكل أساسي ومباشر بالاحتراب الذي يحصل بين السياسيين وقادة القرار السياسي في العراق منذ 2003"، مؤكدًا أن "الأحداث التي حدثت وتحدث وستحدث في سياق الأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي ترتبط مع توافق الكتل السياسية على كيفية قضم الكعكة العراقية".

وأضاف أن "أحداث بغداد هي رسائل نستحضرها دائمًا من تاريخ العملية السياسية الفتية في العراق، التي بُنيت على المحاصصة والوقوف على سقف من أسقف المطالب لدى كل فريق حزبي".

يشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، أحصت في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، مقتل وإصابة 174 مدنيًا جراء أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح في العراق خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر.

وأفادت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، في بيان صحفي، بمقتل 69 مدنيًا عراقيًا وإصابة 105 آخرين، جراء أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح التي وقعت في العراق خلال الشهر الماضي، مبينًة أن "هذه "الأرقام تشمل سائر المواطنين وغيرهم ممن يعدّ من المدنيين وقت الوفاة أو الإصابة، كالشرطة في مهام غير قتالية والدفاع المدني وفرق الأمن الشخصي وشرطة حماية المنشآت ومنتسبي قسم الإطفاء".

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعثي ثم شيوعي إلى إسلامي.. تعرف على رئيس وزراء العراق الجديد

ماذا سيقدم عادل عبد المهدي لـ"نكبة" البصرة؟