12-فبراير-2022

من المحتمل تهريب الحنطة نحو الخارج (Getty)

ألترا عراق - فريق التحرير

طوال السنوات الماضية، كانت الحكومات العراقية ولأسباب تتعلّق بدعم الفلاح العراقي في ملف الحنطة، تشتري الطن الواحد بأسعار تفوق أسعاره عالميًا وبنحو 40%؛ لكنّ معادلات جديدة قد تطرأ على المشهد العراقي مع أزمة الحنطة العالمية والطلب المتزايد مع انخفاض الإنتاج بفعل الجفاف الذي شهدته دول عدة نتيجة الاحتباس الحراري.

تُنشط أسعارُ الحنطة المرتفعة عمليات التهريب من دول الجوار لبيعها إلى الحكومة العراقية بأسعار عالية على أنها عراقية

هذه الأسعار المرتفعة التي تدفعها الدولة لشراء الحنطة كانت تنشّط عمليات تهريب الحنطة من دول الجوار لبيعها إلى الحكومة العراقية بأسعار عالية وتصويرها على أنها حنطة عراقية من إنتاج الفلاح العراقي، وبالفعل رصدت عدة تقارير صحفية عالمية تهريب وإدخال الحنطة السورية إلى العراق وهو ما يرجح تسويقها إلى الحكومة العراقية عبر وزارة التجارة.

اقرأ/ي أيضًا: بغداد تشتري الحنطة بأضعاف الأسعار العالمية.. هل زراعتها معادلة خاسرة؟

واتهمت لجان برلمانية في وقت سابق جهات لم تسمها باستيراد الحنطة من الخارج وبيعها على سايلوات الدولة على أنها حنطة عراقية وربح مليارات الدنانير بـ"عملية الغش هذه".

وكانت الحكومة تشتري الحنطة من الفلاح حتى العام الماضي بمعدل 500 ألف دينار للطن الواحد، في الوقت الذي بلغ إنتاج الحنطة قرابة 3.5 مليون طن الموسم الماضي، ما يعني أن الحكومة دفعت قرابة 1.75 تريليون دينار لشراء الحنطة من الفلاحين.

في الأثناء، كان الطن الواحد من الحنطة يُباع عالميًا بـ 250 دولارًا، إلا أنه منذ العام الماضي وحتى الآن بدأت أسعار الحنطة ترتفع عالميًا بسبب شح الأمطار وتراجع الإنتاج في دول عديدة ولا سيما في الشرق الأوسط، وقد بدأ الطلب على استيراد الحنطة يرتفع ما أدى لارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وقد أورد رئيس الجمعيات الفلاحية العراقية حسن التميمي رقمًا صادمًا لسعر طن الحنطة عالميًا، إذ أشار إلى أنّ الأسعار ارتفعت إلى أكثر من 720 دولارًا للطن الواحد بعد أن كان بسعر 400 دولار، ما جعل من زراعتها غير مجدية لا سيما بعد ارتفاع أسعار المبيدات والمتطلبات الأخرى المتعلقة بتهيئة الأرض.

الحكومة العراقية دفعت قرابة 1.75 تريليون دينار لشراء الحنطة من الفلاحين خلال الموسم الماضي

هذا الارتفاع الهائل، يطرح تساؤلات من قبل مختصين عما إذا كانت الحكومة العراقية ستعمد إلى رفع تسعيرة الطن من الحنطة في شرائها من الفلاحين لأكثر من هذا السعر، أم أن التسعيرة ستبقى على وضعها الحالي؟ وفي حال بقيت التسعيرة الحكومية على وضعها الحالي هل سيشهد العراق "تهريبًا عكسيًا" للحنطة، أي قيام الفلاحين ببيع حنطتهم وتسويقها إلى الخارج؟

 وعلى  ما يبدو من حديث رئيس الجمعيات الفلاحية بأنّ "زراعة الحنطة أصبحت غير مجدية" إشارة إلى أنّ الفلاحين سيطالبون برفع سعر ما تدفعه الحكومة لهم مقابل الطن الواحد من الحنطة.

وعبّر رئيس الجمعيات الفلاحية عن غضبه من وزير الموارد المائية والتجارة أيضًا بسبب تخفيض المساحات المزروعة إلى 3 ملايين دونم فقط، فيما تحدّث عن معلومات تفيد بقيام بعض التجار بالتوجه لشراء كميات الحنطة من الأسواق وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، فضلًا عن عدم تسليم المستحقات المالية الكاملة للفلاحين عن الموسم الماضي.

هذه المعطيات المتمثلة بوجود تجار سيعمدون لشراء الحنطة، فضلًا عن عدم تسليم الدولة للمستحقات المالية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحنطة عالميًا وإمكانية عدم قيام الدولة برفع أسعار الحنطة المشتراة من الفلاحين، تعزّز احتمالات أن يُقدم الفلاحون على بيع إنتاجهم من الحنطة وتهريبه إلى خارج البلاد بأسعار أعلى مما تشتريه الدولة منهم، كما يقرأ مهتمون بهذا الشأن.

وقد تتمّ هذه الصفقات التهريبية عن طريق التجار الذين سيدفعون أموالًا مغرية إلى الفلاحين أكثر من الدولة لشرائها منهم، ومن ثم تهريبها وبيعها بأسعار أعلى إلى دول أخرى وسط ارتفاع أسعار الطن من الحنطة عالميًا وارتفاع الطلب عليها.

ربما يُقدم الفلاحون العراقيون على بيع إنتاجهم من الحنطة وتهريبها الى خارج البلاد بأسعار أعلى مما تشتريه الدولة منهم

وحاول "ألترا عراق" التواصل مع وزارة التجارة للاستفسار عمّا اذا كانت ستناقش مع مجلس الوزراء رفع أسعار شراء الحنطة من الفلاحين بعد ارتفاع أسعاره عالميًا وإمكانية تهريبه، إلا أنّ محاولات الاتصال باءت بالفشل.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الذهب الأخضر.. العراق يضع قدمًا بقطّاع تتصارع عليه إيران وأمريكا منذ 3 عقود

الزراعة تحدد موعد انطلاق موسم تسويق الحنطة