01-أبريل-2021

3 أسباب تُفقد الدولة ضباطها أمام العصابات (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

قبالة كل تاجر مخدرات مقتل ضابط عراقي، معادلة خاسرة ربما فُرضت على القوات الأمنية في العراق تكلف البلاد الخسائر الجسيمة على صعيد قواه الأمنية، وتطرح تساؤلات عن أسباب تقديم تنازلات كهذه في عمليات قد تستهدف فردًا واحدًا، وينجح بإيقاع خسائر في صفوف القوات الأمنية قبل اعتقاله أو قتله، وغالبًا ما يكون ضحية هذه العمليات ضباط برتبة نقيب.

خسرت القوات الأمنية قبل أيام ضابطًا برتبة نقيب وإصابة منتسب آخر خلال عملية للإطاحة بتاجر مخدرات في العاصمة بغداد

وتعلن وكالة الاستخبارات العسكرية والأمن الوطني بين الحين والآخر عن عمليات عديدة تستهدف متاجرين ومتعاطي مخدرات وعصابات من نوع آخر، فيما تخفي عمليات أخرى تكشفها وسائل أعلام عن مصادرها، إلا أن العمليات النوعية أحيانًا لا تخلو من مقتل أو إصابة ضباط ومنتسبين، حيث رصد "ألترا عراق" جزءًا من هذه الحوادث خلال أشهر معدودة تمثلت بمقتل وإصابة نحو 10 بين ضابط ومنتسب خلال عمليات مداهمة واعتقال عصابات أو تجار مخدرات، في الوقت الذي لا تعطي القوات الأمنية خسائرًا كهذه خلال عمليات نوعية تقوم بها القوات المختصة بمكافحة الإرهاب، اعتقلت وقتلت من خلالها أسماء هامة وخطيرة، بالرغم من فارق القدرات القتالية بين العناصر الإرهابية وعصابات التسليب والمخدرات.

اقرأ/ي أيضًا: نائب: المخدرات أخطر من "داعش".. ومحافظ الديوانية: إيران مصدرها الأساسي

وقبل أيام، خسرت القوات الأمنية ضابطًا برتبة نقيب وإصابة منتسب آخر خلال عملية للإطاحة بتاجر مخدرات في العاصمة بغداد، حيث بينت خلية الإعلام الأمني أن "المجرم أقدم على مواجهة القوة المنفذة للواجب، والتي تمكنت من قتله، كما أسفر الحادث عن استشهاد الضابط (سلمان داود كاظم المحياوي) وإصابة آخر"، وذلك خلال ملاحقته في الأزقة بينما كان يستقل دراجة نارية.

وقبلها بنحو أسبوع، وفي 22 آذار/مارس المنصرم، قتل منتسب من مديرية الجرائم وأصيب ضابط ومنتسب آخر في الاستخبارات، خلال علمية لاعتقال عصابة اغتالت مواطنًا في محافظة البصرة، فيما انتهت العملية باعتقال متهمين اثنين.

وفي أواخر شهر شباط/فبراير الماضي، أصيب ضابط برتبة رائد بطلق نار في منطقة الصدر بمحافظة النجف خلال عملية للإطاحة بتاجر مخدرات بحسبما نقلت وسائل إعلام محلية، فيما تمكن الجاني من الفرار بعد عملية اشتباك دامت 20 دقيقة.

وفي أواخر شهر كانون الثاني/يناير من العام الجاري، قتل عنصر وأصيب ضابط ومنتسب آخر في مديرية مكافحة إجرام بغداد، خلال عملية اشتباك مسلح مع ذوي مطلوب، بحسب بيان لمديرية مكافحة الإجرام في حينها.

وليس بعيدًا في شهري أيلول/سبتمبر ونيسان/أبريل من العام الماضي، قتل ضابطان برتبة نقيب وأصيب 3 منتسبين في عملتين منفصلتين في ميسان والبصرة استهدفتا عصابات تتاجر بالمخدرات، بالمقابل أسفرتا عن مقتل متهم واعتقال 7 أشخاص من أفراد العصابتين.

التجّار يمتلكون "عملاء" داخل القوات الأمنية

وتطرح تساؤلات عن سبب حدوث هذه الخسائر الجسيمة التي تقدمها القوات الأمنية بشكل مستمر في العمليات من هذا النوع، وما إذا كان يقف وراءها تسريب معلومات لتجار المخدرات بحيث يتجهزون لأي عملية مداهمة، أو ضعف الخبرة لدى القوات الأمنية المختصة بالتعامل مع هذا الملف.

ويرى المحلّل الأمني صفاء الأعسم خلال حديث لـ"ألترا عراق"، أن "العصابات ولا سيما المختصة بالمخدرات، تمتلك أفرادًا تتعاون معهم داخل الأجهزة الأمنية بفعل الفساد والرشى تسرب إليهم المعلومات، ما يعني أن قبل عملية المداهمة يكون لديهم علم مسبق سواء بالموعد الدقيق للمداهمة، ما يجعلهم يهربون أو يغادروا أماكنهم، أو معلومات عامة عن استهدافهم تجعلهم متأهبين دائمًا للرد بالسلاح في حال حلول موعد مداهمتهم واعتقالهم".

وهو ما يُرجح أنه حدث بالفعل في العملية الأخيرة التي راح ضحيتها ضابط برتبة نقيب قبل أيام، حيث نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أن "خطة الإطاحة بالتاجر تغيرت باللحظات الأخيرة وأن الهدف قد استشعر قدوم قوة تجاه منزله مما دفعه إلى الهرب بدراجة نارية وكان حاملًا 6 قنابل يدوية أدى تفجير أحدها إلى استشهاد الضابط". 

في القانون العراقي تصل عقوبة المتاجرة بالمخدرات إلى الإعدام

وحول سبب إقدام المتاجر بالمخدرات على فتح النار على القوة الأمنية "وتوريط" نفسه بقضيّة أكبر، ربما تعرضه لخطر الموت بنفس اللحظة دون الحصول على محاكمة أو حكم خفيف، يشير الأعسم إلى أن "من يتعامل بتجارة المخدرات وهي اسوأ تجارة في العالم مهيأ لأن يكون قاتلًا ومجرمًا، فضلًا عن كون العقوبات التي تتعلق بالمتاجرة بالمخدرات تصل إلى حد الإعدام أو السجن المؤبد، فلا تفرق لديه المسألة، بل ربما مقاومة القوة الأمنية تجعل له أملًا بسيطًا بإمكانية الإفلات منهم".

اقرأ/ي أيضًا: فريسته الشباب والسلطات "عاجزة".. "شبح جديد" يتسلل إلى الموصل عبر طريقين!

وهو ما يتفق معه الخبير القانوني طارق حرب في حديث لـ"ألترا عراق"، مبينًا أن "المتاجرة بالمخدرات تصل عقوبتها إلى الإعدام، فضلًا عن أن الربح في هذه التجارة كبير جدًا ويصل لملايين الدولارات، لذا فأن التاجر يحاول الخلاص بأية طريقة دون وضع مخاوف أخرى في الحسبان".

خبرات ضعيفة.. العراق حديث عهد بملف المخدرات

سبب آخر يشير إليه الأعسم يجعل القوات الأمنية عرضة لإعطاء الخسائر البشرية بصفوف ضباط ومنتسبين خلال عمليات المداهمة، تتعلق بضعف الخبرات والتدريبات للتعامل مع هذه المسألة.

ويبيّن الأعسم أن "ملف مكافحة المخدرات جديد على القوات العراقية حيث أن في فترة النظام السابق وحتى سقوطه عام 2003 لم تكن هناك تجارة بالمخدرات في العراق، وظهرت هذه التجارة حديثًا في البلاد"، مبينًا أن "الملف يتعلق بمنافذ حدودية وطرق نقل وغيرها من شبكة التوزيع والنقل، بالتالي تحتاج القوات الأمنية لأن يكون هناك عمليات تدريب خاص لهذا الغرض".

وبناء على تكرار هذه الحوادث، حاول "ألترا عراق" التواصل مع مديرية مكافحة المخدرات ووزارة الداخلية، للحصول على إحصائية بعدد الضباط والمنتسبين الذين قُتلوا خلال عمليات مشابهة، وأسباب حدوث خسائر كهذه، ولكن دون جدوى، حيث لم تتم الإجابة على الرسائل والاتصالات المكررة.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

من إيران والسعودية إلى الحشد.. "طائرات مسيّرة" للمخدرات في البصرة!

من الترانزيت إلى الاستهلاك.. المخدّرات تتسلّل إلى حقائب طالبات العراق