08-سبتمبر-2021

صادقت مفوضية الانتخابات على 44 تحالفًا و267 حزبًا (فيسبوك)

تشتد الدعايات الانتخابية رويدًا رويدًا من قبل الكتل السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة المحدد في 10 تشرين الأول/أكتوبر من العام الجاري والتي لم يبق لها سوى أسابيع قليلة.

 بلغ مجموع المرشحين في الانتخابات التي ستجرى في تشرين الأول أكثر من 3500 مرشحًا بينهم قرابة 900 مرشح مستقل

المزيد من الأحداث سبقت الانتخابات وطرأت الكثير من التغيرات على السباق الجديد مقارنة بانتخابات أيار/مايو 2018 التي جاءت بظروف ما بعد الحرب على تنظيم الدولة (داعش) والتظاهرات المستمرة منذ العام 2015.

قانون الانتخابات

أبرز الاختلافات التي تميّز الانتخابات الحالية هو القانون الجديد الذي أُقر نهاية العام 2019 برلمانيًا على خلفية احتجاجات تشرين التي طالبت بتغيير القانون والمفوضية وإقامة انتخابات مبكرّة، وقد شاب القانون جدل وخلافات كبيرة حول تقسيم الدوائر الانتخابية، لكنه أُقر في نهاية المطاف بشكل مخالفٍ عن القوانين السابقة.

                                                       قناتنا على تيليغرام.. تغطيات مُحايدة بأقلام حرّة

وأهم ما يميّز القانون هو اعتماد أعلى الأصوات التي يحصل عليها المرشحون، وكذلك توزيع الدوائر الانتخابية مناطقيًا ما يُتيح للمرشحين المستقلين الترويج لأنفسهم في الدعاية الانتخابية بكلفٍ مالية أقل من السابق، وبالتالي منافسة أصحاب المال السياسي كما يُطلق عليهم، بحسب مراقبين.

أتاح قانون الانتخابات كما تشير قوائم المرشحين الصادرة من مفوضية الانتخابات، وكذلك الدعايات الانتخابية في شوارع العاصمة والمحافظات، للمرشحين الجدد والمستقلين النزول بكثرة؛ لكنه في الوقت ذاته، أتاح لشخصيات سياسية معروفة ونواب حاليين وسابقين بالنزول منفردين لما يتيحه القانون من ترشيح فردي لا يعتمد على أصوات الكتلة سواء لصالح المرشح صاحب الشعبية أو منه لصالح الآخرين الأقل شعبية كما حصل في الانتخابات السابقة.

اقرأ/ي أيضًا: برهم صالح يعلن طرح "مدونة سلوك" للانتخابات: المرحلة عصيبة

وتشير التفسيرات الإيجابية للقانون إلى أنه "يمنع رؤساء الكتل وزعماء الأحزاب من الحصول على أصوات غيرهم، وبالتالي تفريقها على مرشحي الكتلة والهيمنة على مقاعد برلمانية"، ما يساعد على تقليل سطوة الكتل الكبيرة على المشهد التشريعي، بحسب أصحاب الآراء المتفائلة.

أما الانتقادات التي وجّهت للقانون فتراوحت بين إعادة تدوير الكتل القديمة بصيغ جديدة ومرشحين جدد وتعزيز العشائرية والمناطقية وسطوة رجال الدين في المناطق، خصوصًا أطراف المدن بحسب المنتقدين للقانون الذين يعتقدون أن "الكتل الكبيرة ستحصل على ذات الثقل في الانتخابات المقبلة".

جدل الكتلة الأكبر

أحد أبرز عقبات العملية السياسية كانت مسألة تحديد الكتلة الأكبر. وعلى سبيل المثال: حصل ائتلاف العراقية بزعامة أياد علاوي في انتخابات عام 2010 على أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب، ولكن بالذهاب إلى تفسير المحكمة الاتحادية حينذاك فأن الكتلة الأكبر فُسّرت على أنها التي تتشكل بعد الجلسة الأولى لمجلس النواب، ويذكّر الخبير القانوني طارق حرب بأن قرابة 20 نائبًا انتقلوا إلى ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي لتصبح كتلته الأكثر عددًا ليشكل الحكومة متفوقًا على علاوي الفائز في الانتخابات.

وعلى عكس الأعوام السابقة، تنطلق أصوات عديدة من سياسيين وكتل رئيسة تدعو إلى اعتماد الكتلة الفائزة في الانتخابات الكتلة الأكثر عددًا، وبالتالي تكليفها من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل مجلس الوزراء. وفي أضعف الإيمان، تطالب الكتل بهوية واضحة لمن يشكّل الحكومة، على عكس ما جرى في انتخابات 2018 حين توافق تحالف سائرون (الفائز الأول في الانتخابات) وتحالف الفتح (الفائز الثاني) على عادل عبد المهدي بعد جدل كبير حول هوية الكتلة الأكبر مرة أخرى.

لكن المادة 45 من قانون انتخابات مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020 "أنهت الجدل الخاص بتحديد الكتلة النيابية الأكثر عددًا التي يكلفها رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة الجديدة" بحسب الخبير القانوني طارق حرب، إذ "منعت هذه المادة الانتقال وأجازت الائتلاف"، ما يمنع تكرار سيناريو 2010.

يقول حرب إن هذه المادة تتوافق مع المادة 76 من الدستور بتحديد الكتلة النيابية الأكثر عددًا، وبالتالي "أبعدتنا عن اللجوء إلى المحكمة الاتحادية العليا لتحديد الكتلة النيابية الأكثر عددًا، وذلك عبر منعها انتقال النواب من كتلة إلى أخرى وبالتالي "سوف لا تكون هناك سوى كتلة واحدة بعد المصادقة على النتائج وتحت قبة البرلمان".

أبرز المرشحين

صادقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على 44 تحالفًا و267 حزبًا، حيث بلغ مجموع المرشحين أكثر من 3500 مرشحًا، بينهم قرابة 900 مرشح مستقل، كما تضمنت القائمة الكوتا النسائية بواقع 963 مرشحة لتسجل 25 بالمئة من المجموع.

ما زالت الكتل الكبيرة هي التي تسيطر بقوة على المشهد الدعائي عبر شاشات التلفاز والوسائل المختلفة وفي الساحات والشوارع والمرافق الاجتماعية من خلال ماكينتها الإعلامية المعتادة.

ومع عودة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر إلى الانتخابات يكون أحد أبرز المرشحين لنيل الكتلة الأكثر عددًا في الانتخابات، أو في المراكز الأولى خصوصًا على مستوى جبهة الكتل الشيعية لقدرته الكبيرة على تنظيم صفوفه وتحشيد جماهيره المطيعة لتوجيهات قيادتها، وفقًا لتصريحات المقربين من الصدر.

ويواصل تحالف الفتح الفائز الثاني في الانتخابات السابقة دعايته الانتخابية في وقت ترجح فيه أطراف في تحالف الفتح من خلال أحاديث خاصة تصدّر كتلة صادقون الجناح السياسي لحركة "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي قائمة الفتح في الانتخابات المقبلة.

وعلى خطى الفتح، دخل لاعب جديد وبدعاية قوية تحت مسمى "حركة حقوق" بقيادة حسين مؤنس، وهي حركة تابعة لـ"كتائب حزب الله" التي لطالما اتخذت مسافة معينة من العمل السياسي الرسمي في الدولة بجهازها التنفيذي والبرلماني خلال السنوات الماضية.

وتشكّل "تحالف الإصلاح" عام 2018 بقيادة التيار الصدري والذي ضم ائتلاف النصر وتيار الحكمة ومن معهم قبل أن يتفكّك، وفي عام 2021 انضم النصر والحكمة في تكتل واحد أُطلق عليه "تحالف قوى الدولة"، بقيادة حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وعمار الحكيم رئيس تيار الحكمة، وهو واحد من أبرز المنافسين للتكتلات الشيعية.

رئيس الوزراء الأسبق والذي حكم لدورتين نوري المالكي عاد هو الآخر في الأشهر الماضية مسوّقًا نفسه للانتخابات من جديد، وفي لقاءات متلفزة توقع أن يحصل ائتلاف دولة القانون على أصوات أفضل من تلك التي حصل عليها في 2018، كما تحدث بشكل صريح عن "استعداده لقبول رئاسة الحكومة إذا عُرضت عليه" وزاد على ذلك بالقول إن ائتلافه "سيحصل على المركز الأول في الانتخابات" متوعّدًا بمواجهة "الميليشيات" حين يصل إلى الحكم ثانيةً، ولعل تصريحاته الأخيرة دقت آخر المسامير في نعش العلاقة مع التيار.

وتدخل مع هذه الكتل الكبيرة تحالفات وكيانات أخرى منها القديم بمسمى جديد كتحالف العقد الوطني برئاسة رئيس جهاز الأمن الوطني فالح الفياض، وحركة امتداد، أبرز المشاركين في الانتخابات من ساحات التظاهر، وحركة وعي برئاسة صلاح العرباوي المنشق من تيار الحكمة.

على "الجبهة السُنية"، يبدو تحالف تقدم برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي واثقًا من خلال تصريحاته بحصوله على أعلى المقاعد بالنسبة لمحافظات غرب وشمال العراق لكنه يعرب مرارًا عن مخاوفه من "استخدام المال السياسي"، وفي منافسة تبدو شرسة إعلاميًا يقود خميس الخنجر تحالف عزم لمنافسة الحلبوسي ومزاحمته على رئاسة مجلس النواب أو زعامة المشهد السُني.

ومع هذين التحالفين يبرز تكتل "الجماهير الوطنية" بزعامة أحمد الجبوري أبو مازن وائتلاف متحدون بزعامة رئيس مجلس النواب الأسبق أسامة النجيفي، وبيارق الخير برئاسة وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي، وائتلاف الوطنية الذي انسحب زعيمه أياد علاوي لكن ابنته سارة أياد علاوي مشاركة في السباق حتى الآن.

رغم أن العرف السائد هو حصول المكون الشيعي على رئاسة الوزراء إلا أن الواقع نظري يفتح احتمالًا لحصول قوى غير شيعية على الكتلة النيابية الأكثر عددًا 

وفي الجبهة الكردية ما زال الحزبان الكرديان بزعامة البارزاني والطالباني يتسيدان المشهد الكردي مع انقسامات حادة داخل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والتي تطورت إلى أزمة أمنية بسبب الخلافات بين بافل طالباني ولاهور شيخ جنكي، بالإضافة إلى منافسين أصغر مثل حراك الجيل الجديد وغيره.

هل من مفاجأة؟

بالأخذ بعين الاعتبار حديث الخبير القانوني طارق حرب عن المادة الجديدة في قانون الانتخابات الجديد التي تمنع انتقال النواب بين الكتل وبالتالي منع زيادة عدد مقاعد الكتلة بعد نتائج الانتخابات، يعني أن المطلوب هو تشكيل ائتلاف بالعدد المحدد في القانون – النصف + 1 – للتصويت لصالح مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددًا وتشكيل مجلس الوزراء.

اقرأ/ي أيضًا: انتخابات تشرين.. 4 خروق ووسيلة تزوير واحدة لا يمكن منعها رغم "التحصينات"

في القانون الجديد، لا يحق لأي نائب أو حزب أو كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الانتقال إلى ائتلاف أو حزب أو كتلة او قائمة أخرى إلا بعد تشكيل الحكومة كما يوّضح حرب، الأمر الذي سيترك مسألة الكتلة الأكبر مفتوحة على النتائج لا على التوافق ابتداءً وفق القانون.

ورغم أن العرف السائد هو حصول المكوّن الشيعي على رئاسة الوزراء، إلا أن الواقع نظري يفتح احتمالًا لحصول قوى غير شيعية على الكتلة النيابية الأكثر عددًا خصوصًا مع انقسام الكتل الشيعية ودخولها بشكل منفرد.

وعلى سبيل المثال، يتحدث نواب "تحالف تقدم" عن حتمية صدارتهم لمقاعد المكون السني وحصولهم على ما يزيد عن 50 مقعدًا، وتتوقع النائبة عن تحالف تقدم انتصار الجبوري حصول تحالفها على 75 مقعدًا في حال المشاركة الواسعة بالانتخابات.

وإذا ما نجح "تقدم" بالحصول على العدد المرجو – وهو ممكن نظريًا – مع إمكانية تراجع الكتل الشيعية الكبيرة، فسيكون على عاتقه وفق القانون وبالاستناد إلى تفسيرات الخبير طارق حرب تشكيل الحكومة الجديدة بحسب مراقبين، وسيشكل السيناريو المذكور صدمةً للأوساط السياسية ويزعزع العرف السائد منذ العام 2003، لكن الجبوري ذاتها وفي تصريح تلفزيوني تابعه "ألترا عراق" تحدثت عن دعم تحالفها لمصطفى الكاظمي لدورة ثانية، بما يقترب من التسليم بالعرف السائد كأمر واقع بعيدًا عن القوانين وحتى الاحتمالات.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تنظيمات ما بعد تشرين: من المقاطعة إلى الممارسة

قوى تشرين بين المقاطعة والمشاركة.. هل تؤدي الانتخابات إلى تغييرات حاسمة؟