12-مايو-2019

الموت المتشبّث (تعبيرية، لوحة لماريا محب)

من جديدٍ، أضع أيامي في صندوق، 
يدعى رأس، أُفتش عما يستحسن للذكرى
في المُظلمات من اللحظات،
واجتث ما لا يصلح، ألقيها بعيدًا عن أيدي التفكير، كما لو أني لا أفقه أن الإخفاقات لا تزول. الإخفاقات هن الباقيات في سبورة الأيام، الراسخات في الظالات من سنّي العمر.
جرس سيقرع: تذكر، تذكر.
ذلك شيء لا يزول، 
هذا التراب سيصير بيتًا، أخاطبني مرتديًا يقيني: إن العمر ضحكة تزول بمجرد وغزة صغيرة، أو دمعة تمحى بمسرة عابرة، 
العمر، فسحة أو مرّة تقضيها سريعًا.
العمر، شيء يستهلك، ليس له شغل مع البقاء أو الخلود.
استيقظ، يناديك الوضوح،
ستعرف أنك كنتَ في حلم طويل. قُرع الناقوس، وحضرت اليقظة. ما يُصف عن حلم اليقظة، أخبركَ الآن: إنه العمر، كان مصادقًا لذلك الحلم،
وبات الموت مصداقًا لتلك اليقظة.


ما لا يفقه الموت أو يدركه الوجود.

كنّا صغارًا،
وأرادَ أحدُنا أن نسمّيَهُ فجرًا
كان يحبُّ أن يكونَ فجرًا.
صاحَ رجلٌ لم يبلغْ من المعرفةِ شيئًا:
اُقتلوهُ واخنقُوا الصّبحَ في نفسِهْ.
وصاحَ آخرُ معتّقٌ في الوعظِ والوعيدِ
أطفئوا ما تبقّى من ضوئِهِ،
أغلقوا شبّاكَ روحِهِ؛
لئلاّ يتسرّبَ ذلكَ الفجرُ،
فيصيرَ ثقلًا يقصمُ ظهرَنا.
كانَ يريدُ أن يُنعتَ فجرًا؛
فالأنفاسُ نائمةٌ؛
ولا يؤخذُ من هوائِهِ إلاّ قليلٌ.
أنا أعرفُهُ، كان سكّة لا تعرفُها الأقدامُ،
أو تسحقُ أنفَها الخطواتُ.
صغيرٌ وفي رأسِهِ شيءٌ
من حكمةِ الأرضِ،
وشيءٌ من إباءِ النّهرِ؛ إذ لا ينظرُ خلفَهُ،
أو يكترثُ لمنْ يرميهِ بحجرٍ.
كانَ يقولُ: ما الحكمةُ من أن يسيرَ النّهرُ قدومًا؟
ما الحكمةُ حين لا يعطشُ مثلَ الأرضِ،
بينما يموتُ مثلَ الإنسانِ؟

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

موسيقى الرمل والحصى

قرب النبع

دلالات: