تصدر غلاف فيلم "جنائن معلقة" حسابات كثير من العراقيين في مواقع التواصل الاجتماعي احتفالاً بترشيحه رسميًا للمنافسة على جائزة الأوسكار الأشهر سينمائيًا في دورتها السادسة والتسعين المقبلة.
وتتيح أكاديمية فنون وعلوم السينما الأمريكية ترشيحًا واحدًا لكلّ دولة للمنافسة على جائزة أفضل فيلم عالمي، للأفلام غير الناطقة باللغة الإنكليزية، حيث قررت دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة العراقية ترشيح "جنائن معلقة" للمخرج أحمد ياسين، بعد اجتيازه الشروط المطلوبة.
والفيلم من بطولة جواد الشكرجي، ووسام ضياء، وقد عرض أول مرة في مهرجان البندقية السينمائي بنسخته الماضية، ثم مهرجانات مرموقة حول العالم وفي المنطقة قبل أن يعرض لأسبوعين في بغداد.
المهمة ليست سهلة
ويأمل صناع الفيلم عبور القائمة الطويلة لجائزة الأوسكار، لكن هذه الآمال تصدم بحواجز عدة أبرزها ضعف الدعم المالي، كما يؤكد كاتب العمل ومخرجه أحمد ياسين الدراجي في حديث لـ "الترا عراق".
وكشف الدراجي في حوار خاص، عن صعوبات هائلة رافقت إنتاج العمل، وأشار إلى أهمية العمل في المرحلة المقبلة لينافس الفيلم أسماءً كبيرة وأعمالاً كلفت ميزانيات ضخمة.
ويقول الدراجي، إنّ "الفيلم من بطولة جواد الشكرچي، وسام ضياء، حسين محمد، أكرم العراقي، علي فرحان، ومجموعة من الفنانين الآخرين في أدوار أخرى، ومن إنتاج شركة عشتار العراق للإنتاج السينمائي"، مبينًا أنّ شركة "فلم كلنك" تولت التوزيع للمنطقة العربية بإدارة محمد حفظي المنتج المصري المعروف، فيما تولت التوزيع العالمي شركة إيطالية.
ويوضح، أنّ الفيلم مر بسياقات الترشيح القانونية للدولة في قائمة من 4 أفلام ضمت "ميسي بغداد" وفيلم "آخر السعاة"، وأيضًا فيلم "رحلة الخلود"، حيث تولت لجنة من دائرة السينما مهمة اختيار فيلم واحد للترشيح العالمي.
"منزل مرهون"!
وبلغت كفلة صناعة الفيلم أقل من مليون دولار، وفق الدراجي، وهي أموال اقترضتها المنتجة هدى الكاظمي مديرة شركة "عشتار"، مقابل رهن منزلها في مدينة الكاظمية.
ويشير الدراجي، إلى أنّ الفريق نجح في صناعة الفيلم، على الرغم من ضعف الإمكانيات المالية، بدعم من أهالي بعض مناطق ضواحي بغداد، حيث جرى التصوير، وجهات وفنانين بينهم الموسيقار نصير شمة، وكذلك بعض شركات الاتصالات.
وذاع صيت الفيلم، العام الماضي، حين مثل العراق لأول مرة رسميًا في مهرجان البندقية السينمائي، وهي لحظات تاريخية لا تنسى كما يقول الدراجي، حيث سار فريق الفيلم على البساط الأحمر وحظي بطله وسام ضياء بإشادة من مدير المهرجان المخرج العالمي البرتو باربرا.
المشاركة الثانية المهمة جاءت في مهرجان مدينة ڤينس، ونال الفيلم هناك جائزة الأفضل من حيث "الاهتمام بشؤون البيئة"، كما شارك الفيلم في مهرجان بوسان السينمائي في كوريا الجنوبية، أكبر المهرجانات الآسيوية، ومهرجان البحر الأحمر ليكسب أهم جائزتين من لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج والسيناريست الأمريكي أوليفر ستون، كأفضل فيلم وأفضل صورة سينمائية.
وحصد الفيلم جوائز أخرى عديدة في مهرجان "سياتو" ومالمو، فضلاً عن جائزة أفضل فيلم في المنطقة العربية لسنة 2023 من المركز العربي في السينما على هامش مهرجان "كان".
من يمول الحملة الدعائية؟
ومع كلّ ذلك ما يزال أمام صناع الفيلم تحدي كبير للمنافسة وعبور القائمة الطويلة المرشحة للأوسكار.
ويقول الدراجي، إنّ "المنافسة والانتقال إلى القائمة القصيرة يتطلب كثيرًا من العمل، ودعمًا ماليًا كبيرًا"، مبينًا أنّ "بعض البلدان تشارك بأفلام أنتجت بميزانيات ضخمة".
ويضيف أنّ فيلم "جنائن معلقة" ينافس أسماءً كبيرة مثل المخرجة السينمائية التونسية كوثر بن هنية، وغيرها من كوريا واليابان، بقصص مختلفة وأموال كبيرة، مشيرًا إلى ضرورة توفير الدعم المالي اللازم لتنفيذ الحملة الدعائية للفيلم في المرحلة المقبلة والتي تتطلب "50 ألف دولار على الأقل".
ويبيّن مخرج الفيلم، أنّ الحملة تشمل "دعوة أكثر من 5 آلاف عضو لمشاهدة الفيلم، في عملية معقدة جدًا تحتاج لدعم الدولة"، معربًا عن أمله بتلقي الدعم المالي الكافي للدعاية اللازمة في الولايات المتحدة الأمريكية.
النجاح المحلي ليس كافيًا
ويعتمد تقييم الفيلم في مهرجان الجائزة العالمية الكبرى على المشاركات الدولية والعروض العالمية والجوائز التي حصدها، فضلاً عن أداء الممثلين والموسيقى وجودة الصورة.
ويعول صناع الفيلم في مشوارهم إلى الأوسكار، على الأصداء الكبيرة التي حققها في المهرجانات السابقة، والنجاح الكبير الذي حققه الفيلم في بغداد، كأول فيلم عراقي مستقل يستمر في صالات العرض على مدى أسبوعين متتالين على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة.
ويقول الدراجي، إنّ الأفلام العراقية في الغالب لا تستمر أكثر من 3 أيام، بالنظر إلى غياب الجمهور، لكنه يشير في ذات الوقت إلى أنّ النجاح المحلي قد لا يسعف الفيلم في تحقيق شيء في منافسات الأوسكار التي تعتمد على الدعاية في الولايات المتحدة، والتي يجب أن تضمن الوصول إلى أكبر عدد من أعضاء الأكاديمية الذين سيصوتون للأفلام المشاركة، وهو ما يتطلب "عملاً كبيرًا".
وأكّد المخرج الدراجي، أنّ "أغلب النقاد الدوليين أشادوا كثيرًا بفيلم الجنائن المعلقة، كما لقي أصداءً جيدة في الصحف الأجنبية، ما يرفع الآمال بعبور القائمة الطويلة في مهرجان الأوسكار على الأقل".