26-نوفمبر-2020

تقرير الإيرادات غير النفطية "يؤرق" الخبراء (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

بعد أشهر من التصريحات المتفائلة للمنافذ الحدودية والهيئة العامة للجمارك والضرائب، بشأن تحقيق إيرادات مرتفعة "والثناء" على الإجراءات الحكومية التي تتجه نحو ذلك، تأتي أرقام الواقع لتحطم الآمال والمراهنات على تعظيم الإيرادات غير النفطية لتعويض التراجع بإيرادات النفط وإنقاذ الاحتياج المالي العراقي.

أظهرت التقارير عدم تحسن الإيرادات المالية غير النفطية مقارنة بالعام الحالي، بل تراجعت إلى نسب أكبر

واعتبر خبراء اقتصاديون بعد الاطلاع على التقرير المالي للأشهر التسعة الأولى عن "إحباطهم" تجاه الحل الذي كانت الأوساط المختلفة تراهن عليه، حيث أظهرت التقارير عدم تحسن الإيرادات المالية غير النفطية مقارنة بالعام الحالي، بل تراجعت إلى نسب أكبر، وسط عدم وضوح المتهم الحقيقي وراء هذا التراجع، وما إذا كان يقتصر على تداعيات فيروس كورونا أم أن التوجه الحكومي نحو تعظيم الإيرادات غير النفطية لم يكن بالمستوى المطلوب.

اقرأ/ي أيضًا: التخطيط تتحدث عن اقتصاد العراق ما بعد كورونا: سيكون مختلفًا

وانخفضت الإيرادات غير النفطية للدولة العراقية خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية مقارنة مع العام الماضي، حيث انخفضت إيرادات الضرائب على الدخول والثروات والتي تشكل بحدود 28٪ من مجمل الإيرادات غير النفطية بمقدار 46٪ لتبلغ ترليون دينار فقط بينما كانت بقيمة 1.85 ترليون خلال نفس الفترة من العام الماضي.

أما الضرائب السلعية ورسوم الإنتاج والتي تمثل 21٪ من مجمل الإيرادات غير النفطية فانخفضت بمقدار 40٪ لتصل إلى 753 مليار دينار بعد أن كانت خلال 2019 بقيمة 1.263 ترليون دينار.

أما حصة الموازنة من الشركات العامة والتي تشكل 20٪ من مجمل الإيرادات غير النفطية هي الوحيدة التي ارتفعت مقارنة مع العام الماضي بمقدار 63٪ لتبلغ 712 مليار دينار بعد أن كانت بحدود 434 مليار دينار.

وبحسب الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، فإن "هذا الانخفاض الكبير وخصوصًا في الربع الثاني من العام يعود إلى أزمة كورونا التي أدت إلى توقف الكثير من المشاريع والاستيرادات والتي تمول الموازنة بهذه الإيرادات".

واستدرك العبيدي: "لكن المستغرب بالأمر هو استمرار تراجع هذه الإيرادات في الربع الثالث من السنة بالرغم من تحسن الظروف الاقتصادية داخليًا وعودة معظم النشاطات الاقتصادية، إلا أنه يلاحظ أن الربع الثالث من السنة حقق تراجعًا بالنمو مقارنة مع الربع الثالث من العام الماضي بمقدار 43٪".

قال خبير اقتصادي إذا ما استمرت معدلات الإيرادات غير النفطية بهذا النسق فأنه لا يوجد حل أمام الحكومة العراقية سوى تقليل المصروفات التشغيلية

وأشار العبيدي في تدوينة رصدها "ألترا عراق"، إلى أن "ضرائب الدخول والتي تمثل النسبة الأكبر من الإيرادات بلغت نسبة التراجع فيها بالربع الثالث أكثر من 55٪، مما يثير التساؤلات عن مقدار فعالية الجهود في السيطرة على المنافذ الحدودية اخذين بنظر الاعتبار أن التحويلات الخاصة لغرض الاستيراد لم تتأثر كثيرًا إذا تم مقارنة الربع الثالث من العام الحالي مع الربع الثالث من العام الماضي مما يدل على عودة حياة الاستيراد وبالتالي يوضح خللًا كبيرًا في تحقيق إيرادات حقيقية من المنافذ الجمركية".

اقرأ/ي أيضًا: كرة الموازنة بين الحكومة والبرلمان.. اقتراض ثالث ورواتب مهددة

واعتبر العبيدي أنه "اذا ما استمرت معدلات الإيرادات غير النفطية بهذا النسق فأنه لا يوجد حل أمام الحكومة العراقية سوى تقليل المصروفات التشغيلية بشكل كبير والعمل على تقليل الرواتب لكون أن سياسات تعظيم الإيرادات غير النفطية غير قادرة على تحسين كفائتها وهذا واضح من خلال البيانات والأرقام المنشورة".

من جانبه، اعتبر الخبير النفطي والاقتصادي نبيل المرسومي، أرقام الإيرادات غير النفطية المعلنة "متوقعة تمامًا"، مشيرًا إلى أن "تقليص عجز الموازنة عبر الإيرادات غير النفطية ما زال بعيد المنال".

وقال المرسومي في إيضاح ورد لـ"ألترا عراق"، إنه "لم تنعكس التصريحات المتفائلة للمسؤولين في الهيئة العامة للضرائب والهيئة العامة للجمارك إيجابيًا على المالية العامة إذ يشير التقرير المالي لحسابات الدولة لغاية أيلول/سبتمبر 2020 الى أن الإيرادات غير النفطية لم تزد عن 3.129 ترليون دينار وبنسبة 8% من الإيرادات العامة بعد أن كانت 2.786 ترليون دينار لغاية آب/أغسطس 2020".

واعتبر أن "هذا يعني أن الزيادة المتحققة في الإيرادات غير النفطية في شهر أيلول/سبتمبر الماضي كانت 343 مليار دينار فقط منها: 119 مليار دينار ضرائب على الدخول والثروات و 185 مليار دينار ضرائب سلعية ورسوم الإنتاج و108 كانت من الرسوم و181 مليار دينار حصة الموازنة من أرباح القطاع العام".

وأشار إلى أن "هذه الأرقام تشير بشكل واضح إلى أن الاعتماد على الإيرادات غير النفطية في تعظيم الإيرادات العامة وتقليص عجز الموازنة ما زال بعيد المنال في ضوء الأداء الحكومي وطبيعة الأوضاع العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العراق حاليًا".

ارتفاع النفط.. أو شد الأحزمة

ويبدو أن هذه المؤشرات والتوقعات الصادرة عن الخبراء، تترجم بشكلٍ واضح ما ذهب إليه وزير المالية علي علاوي في تصريحاته الأخيرة إلى صحيفة الغارديان البريطانية، متحدثًا عن ضرورة الذهاب نحو "شد الأحزمة"

وأشار علاوي في تصريحاته التي تابعها "ألترا عراق" إلى "احتمالية بقاء الاقتصاد بأزمة كامنة طويلة ما لم يصل سعر النفط إلى 70 دولارًا للبرميل ولفترة متواصلة"، داعيًا إلى "تقليصات في الانفاق العام لما تشهده البلاد من تناقص بالموارد".

وبيّن أن "ما وصل للخزينة العراقية من مستحقات المعابر الحدودية السنوية البالغة 8 مليارات دولار، هو عُشر واحد فقط منها، على النقيض من الأردن التي تتلقى 97% من واردات معابرها".

وتابع علاوي: "لو افترضنا أن أسعار النفط لن ترتفع، فإن أحد الأمرين من المحتم أن يحصل.. أما أن نتبع نهج فينزويلا ويصبح اقتصادنا نفطيًا يقودنا للإفلاس، أو أن نشد أحزمتنا".

قال وزير المالية إنه لو افترضنا أن أسعار النفط لن ترتفع، فإن أحد الأمرين من المحتم أن يحصل.. أما أن نتبع نهج فينزويلا ويصبح اقتصادنا نفطيًا يقودنا للإفلاس، أو أن نشد أحزمتنا

وأكد وزير المالية: "لن يذهب أحد إلى خيار شد الأحزمة، ولكن هناك إقرار لا شعوري بضرورة إجراء تغيير"، مبينًا أن "المعدلات الحالية للإنفاق العام لا يمكن أن تبقى على ما هي عليه". 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قانون إلغاء الإعفاءات الجمركية.. دول ومؤسسات قد "تفلت" من الضرائب المرتقبة

المالية النيابية: العراق سيقترض مجددًا