04-يناير-2022

الغطاء الجوي.. هاجس الخوف لدى بغداد (فيسبوك)

رغم الإعلان رسميًا عن انتهاء المهام القتالية للقوات الأمريكية والتحالف الدولي في العراق، فضلًا عن سحب قوّاتها قبل 31 كانون الأول/ديسمبر 2021، وهو الموعد المتفق عليه حسب آخر جولة للحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، إلا أنّ المخاوف العسكرية لدى السلطات الأمنية تبدو واضحة في بعض الجوانب، على عكس "الفصائل الولائية" التي عبّرت عن ارتياحها من الانسحاب رغم اشتراطها تحديد الأعداد المتبقية من المستشارين والخبراء، بالإضافة لتثبيت مواقع تواجدهم وبشكل صريح من قبل الحكومة.

يقول مسؤولون أمنيون إنّ تحركات تنظيم داعش أصبحت في مناطق صحراوية شاسعة بعيدًا عن أنظار الأهالي وكذلك القوات الأمنية

وفي التاسع من كانون الأول/ديسمبر الماضي، وفي تغريدة له، أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في ختام اجتماع مع قيادة التحالف عن تغيير مهمة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية ـ داعش" قائلًا "اليوم أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي والتي بدأناها في العام الماضي، لنعلن رسميًا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف"، مضيفًا أنّ العلاقة "ستستمر في مجال التدريب والاستشارة والتمكين".

اقرأ/ي أيضًا: انسحاب قوات التحالف.. آثار معنوية قد يستثمرها "داعش" وإحراج للميليشيات

ووفقًا لتقارير دولية، فإن العدد المتبقي من القوات يقدر بـ 2500 جندي فقط ستكون مهمتهم كخبراء واستشاريين وأيضًا في مجال تدريب القوات العراقية والدعم ألاستخباراتي، في وقت تقول فيه السلطات في بغداد إنّ "هاجس الخوف لا يزال لديها لا سيما مع افتقارها لعنصر القوة الجوية والسطوة على الأجواء، خاصة بالعمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة"، وهي المهام التي تختص بتنفيذها الطائرات الأمريكية التابعة للتحالف الدولي. 

وحول ذلك، يقول قائد القوات البرية في العراق، الفريق الركن قاسم محمد المحمدي، في مقابلة صحافية، تابعها "ألترا عراق"، إنّ "تحركات تنظيم داعش أصبحت في مناطق صحراوية شاسعة، بعيداً عن أنظار الأهالي وكذلك القوات الأمنية، وبالتالي هم انقسموا إلى عدة أقسام، منهم من يتحرك بصفات مختلفة، مثل رعاة أغنام ويأخذون الطعام والوقود من أماكن قريبة من هذه المناطق، وآخرون يتواجدون في سلسلة جبال حمرين في ديالى"، مضيفًا أننا "في العراق لدينا أكثر من تهديد إرهابي لأمننا، لكن أبرزها هي الحدود العراقية السورية، لأن الآلاف من العناصر الإرهابية هربوا بعد عمليات التحرير في العراق إلى شمال شرق سوريا، عن طريق نينوى أو القائم، وقسم من عوائلهم يتواجدون بمخيم الهول، خصوصًا أن عشرات الآلاف لا يزالون في سجون قوات سورية الديمقراطية (قسد)، وربما في أي لحظة تفتح السجون وقد يتجهون إلى العراق".

وبيّن المحمداوي أنّ "التحالف الدولي يساهم بعمليات الاستطلاع الجوي، كون الجانب الأمريكي يرصد ويراقب ساحة التحركات السورية والعراقية في آن واحد"، لافتًا إلى "الحاجة للتحالف في ملف التجهيز، لكونه كان مهمًا واستثنائيًا في ظل نفقات حكومية محدودة جدًا، وبالتالي نحتاجهم في التجهيز اللوجستي".

ومن الواضح، أن "الفصائل الولائية"، المقربة من إيران، لا تبدو مقتنعة بما أعلنته الحكومة العراقية من انسحاب رسمي للقوات العسكرية الأجنبية، حيث عبرت عن رفضها بقاء أي قوات وتحت أي مسمى، وفقًا لتصريحات أدلى بها رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، وزعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي.

ويرى الباحث والأكاديمي في الشأن السياسي، عقيل عباس، أنّ عملية انسحاب القوات الأمريكية جزء كبير منها هو لإرضاء الفصائل وإيران، مضيفًا أنّ "الحقيقة تكمن بأن الانسحاب الأجنبي من العراق قد تم منذ زمن طويل وليس الآن، مستدركًا "لكنّ الحديث عن التوقيتات هذه الأيام مجرد حديث سياسي ولم يظهر بجديد".

ويقول عباس لـ"ألترا عراق"، إنّ "المعدات العسكرية والتقنية التي منحت للعراقيين سببه هو كون كلفة نقلها أعلى من قيمتها بالتالي تتبرع بها الولايات المتحدة لأي بلد تكون متواجدة فيه للاستفادة منها"، مشيرًا إلى أنّ "وجود المستشارين بالفترة المقبلة مهم جدًا للعراق خاصة مع التقنيات العالية التي تتطلب وجود أشخاص ذوي اختصاص، هذا ما يثبت وجودهم كقوة حقيقية بفائدة للجانب العراقي".

ويؤكد الباحث أنّ "العراق للآن لديه صعوبة في حماية الأجواء، وخاصة في استخدام الطائرات الأمريكية مثل أف 16، فضلًا عما حصل سابقًا من تهديد صاروخي للشركة الأمريكية التي كانت مسؤولة عن صيانة هذه الطائرات، بالتالي فإن خيار استدعاء القوة الجوية الأمريكية ضرورة ملحة بهذا الجانب، لافتًا إلى أنّ "فائدة بقاء العلاقة القوية بين بغداد وواشنطن عن طريق الخبراء والمستشارين تكمن بضرورة كسب السيطرة الأمريكية على الحدود مع سوريا وضبط تحركات داعش عبر التقنيات المتطور التي لا يمكن أن يعوض عنها لا الحشد الشعبي أو الجيش العراقي وكل هذه يلبيها وجود المستشارين الأمريكان".

وعن إمكانية استغلال "الفصائل الولائية" لما بعد الانسحاب، يقول عباس إنّ "الفصائل يمكن قيامها باستغلال أي حدث يقوم به داعش في العراق مستقبلًا لتصدر نفسها من جديد وتجد مهمة لها لتمارس نشاطاتها بشرعية كونها الضد النوعي لوجود داعش، مبينًا أنّ "ظهور فعاليات جديدة للتنظيم الإرهابي وعدم وجود القوة الأمريكية الرادعة، سيجعل الفصائل تلعب دور المضحي من جديد".

وفي الشهر الماضي، كتبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أنّ "انسحاب القوات العسكرية الأجنبية من العراق يمثل بالنسبة للحكومة العراقية نصرًا سياسيًا يهدف إلى صد ضغوط الأحزاب السياسية والمليشيات المدعومة من إيران التي تعارض أي وجود للقوات الأمريكية"، فيما أشارت إلى أن "المسؤولين الأمريكيين يعتبرون هذه الخطوة محاولة لتخفيف الضغط عن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي كان عليه أن يوازن العلاقات مع إيران للحفاظ على موقفه".

من جهة، أخرى يقول الكاتب والصحافي، سامان نوح، إنّ "الأمريكيين لم ينسحبوا وأعدادهم هي تقريبًا ذاتها منذ أكثر من عام، مضيفًا أنّ "ما تم هو تغيير المهمات، أي تغيير صفة وجودها وليس جوهر وحجم وطبيعة هذا الوجود". 

ويرى نوح خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أنه "في النهاية هذا ليس أمرًا يهم المواطن العراقي بقدر أهميته للقوى القريبة من إيران وقوى أخرى تستخدم موقفها المضاد للتواجد كدعاية وشعار، وإلا فإن معظم المحللين يرون أن الوجود الأمريكي بالشكل المتفق عليه مع الحكومة العراقية ضروري ومهم لتقديم المعلومات الاستخبارية والاستشارة وطبعًا الدعم الجوي عند الضرورة، مؤكدًا أنّ "الانقلاب على ذلك الوجود ورفضه بحجج مختلفة هو مطلب إيراني سيضر العراق لا محال". 

"هل الانسحاب الأمريكي مطلب لكل العراقيين أم لفئة محددة؟ وهل موقع الكرد والعرب السنة من الانسحاب هو ذاته موقف بعض القوى الشيعية؟"، يجيب نوح على هذه التساؤلات قائلًا، "بالتأكيد لا"، كما أوضح أنّ "العرب السنة يتخوفون من الانسحاب ولا يريدون حصوله ويرون ضرورة استمراره بشكل محدود لحماية مناطقهم ولخلق نوع من التوازن مع الميليشيات الشيعية التي تنتشر هناك والتي هي في الغالب ليست محل ترحيب".

أما بالنسبة للكرد، يوضح نوح أنه "ليس لديهم مشكلة مع الوجود الأمريكي، بل هو وجود مرحب لأنه يعطي نوع من مظلة الحماية الأمنية من خطر الجماعات المسلحة والتمدد الإيراني والتركي".

يقول الكاتب سامان نوح إنّ الأمريكيين لم ينسحبوا وأعدادهم هي تقريبًا ذاتها منذ أكثر من عام

وبينما أشار الكاتب نوح إلى أهمية التواجد الأمريكي بالعدد المتبقي من الخبراء والمستشارين لدعم القوات العراقية بالنواقص اللوجستية وحماية الأجواء، لفت إلى أنّ "ملف التنظيمات الإرهابية موضوع معقد، ويمكن لدول عديدة استخدامه وتحريكه ضد العراق طالما كانت هناك مشاكل وأزمات يمكن استغلالها والتحرك من خلالها، فيما أكد "ضرورة حل الخلافات السياسية البارزة وتصفية المشاكل الاقتصادية لأن العكس سيجعل ملف الإرهاب يعود بقوة لكونه يعتاش على الغاضبين من النظام والدولة والمهمشين والمعوزين في جميع أنحاء البلاد".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

العراق يعلن انتهاء المهام القتالية للتحالف الدولي وانسحاب قواته رسميًا

نفي عراقي رسمي حول تمديد موعد انسحاب القوات الأمريكية