11-مارس-2021

تعيش الأوساط السياسية ذروة الاستعداد للانتخابات (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

أثارت دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لإجراء حوار وطني شامل مفتوح وصريح قائم على "أساس مصلحة البلد وأمنه وسيادته"، ردود أفعال متباينة في الأوساط السياسية والشعبية، بين مؤيد ومعارض، لكن قتل والد الناشط المغيب علي جاسب في الذكرى السنوية لحادثة اغتيال الناشط في العمارة عبد القدوس قاسم، أفرز ردود أفعال اعتبرت الاغتيال إجابة صريحة بأن الحوار لا يمكن إجراؤه في ظل الأجواء التي يتصرف فيها "السلاح بحرية".

حاول فريق "ألترا عراق" التواصل مع ممثلين عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والفتح بزعامة هادي العامري بشأن دعوة "الحوار الوطني"، لكن لم يجب أحدًا منهم

.

وكان الكاظمي قد قال في اجتماع مجلس الوزراء، ، إن "دعوة الحوار الوطني، رسالة بحجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق هذه الحكومة، وأن تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهي محاولة لجمع شمل العراقيين"، وشدد على ضرورة "أن نعمل معًا جميعًا وننسى همومنا ومصالحنا الشخصية، وأن نعطل هذه المصالح، ونفكر في المصلحة العامة. ليس لدينا خيار إلا العراق، وليس لدينا من خيار إلا التعايش وأن نحل مشاكلنا".

تأييد مشروط

ودشن رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، جبهة التأييد لدعوة الكاظمي للحوار، ثم التحق به زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، ثم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إذ دعا المتحدث باسمه حيدر الجابري، خلال مؤتمر صحافي، تابعه "ألترا عراق"، إلى "تفعيل الحوار الإصلاحي تحت إشراف أممي يستثني كل مَن له انتماء بعثي أو إرهابي".

اقرأ/ي أيضًا: أب مكلوم طارد زعيم ميليشيا.. اغتيال ينهي رحلة مريرة في "مدينة الموت"

فيما التزمت القوى القريبة من إيران الصمت، إذ حاول فريق "ألترا عراق" التواصل مع ممثلين عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والفتح بزعامة هادي العامري، لكن لم يجب أحدًا منهم.

من جهته، أعرب الأمين العام للمشروع العربي خميس الخنجر عن أمله في أن يكون الحوار الذي دعا إليه الكاظمي "شجاعًا وبعيدًا عن منطق الثأر والانتقام"، وقال في تغريدة على حسابه الرسمي "ندعم الحوار الوطني الذي دعا إليه الكاظمي، ونتضامن مع جميع المساعي التي تحاول إنقاذ العراق من الوضع الصعب"، مضيفًا "أملنا أن يكون الحوار شجاعًا هذه المرة، وتتسع طاولته لجميع من يحمل صفة عراقي بعيدًا عن منطق الثأر والانتقام، والعملية السياسية وحدها لا يمكن لها أن تصنع الاستقرار".

ترتيب الأوراق

تعيش الأوساط السياسية ذروة ترتيب الأوراق، والاستعداد للانتخابات، خاصة وأن المعادلة تغيرت بعد احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، بحسب مراقبين، إذ أفرزت قوى شيعية تصنف على أنها راديكالية تتحمل مسؤولية القمع الذي رافق الاحتجاجات، بالمقابل هناك قوى اعتدال يمكنها العمل المشترك وفق تفاهمات يمكن أن تكون القوى الجديدة جزءًا منها.

في المقابل، لو افترضنا أن الحوار بهدف الوصول لآلية عمل مشتركة بين القوى السياسية للحصول مجددًا على ثقة الشارع من خلال "قوى الاعتدال" التي تتبنى هذه الدعوات، فهناك فريق آخر، يعتقد بعدم وجود قوى اعتدال، ويعلّل الناشط أحمد الباشك ذلك بالقول إن "الحديث عن وجود قوى اعتدال، يحتاج إلى الإجابة عن سؤال مهم، وهو أين كانت هذه القوى أيام تشرين، وما هو موقفها من القمع والقتل والخطف الذي تعرض له المحتجين، فضلًا عن اتهامات بالقتل توجه لقوى تُصنف أنها معتدلة، ولا يمكننا أن نحمل مسؤولية الفشل للحكومات المتعاقبة، للقوى التي شاركت في حكومة رئيس الوزراء السابق عبد المهدي فقط، بوصفها تتحمل وزر الأحداث".

ويضيف الباشك لـ"ألترا عراق"، أن "الكثير من القوى مشتركة في المحاصصة وتنعم بحصص غير مرئية في الهيكل الإداري للدولة، وهذه مسؤولية كبيرة، نعم هي أقل سوءًا من مسؤولية الدم، لكن لا يمكن العمل معها"، مردفًا "ربما الظروف لم تخدمها بأن تتسلم السلطة، حتى نرى مصداق اعتدالها واختلافها عن قوى الدم".

ويضع الباشك معيارًا للاعتدال على حد تعبيره، وهو أن "تعمل القوى التي تنصف نفسها على أنها معتدلة على المطالبة بمحاسبة القتلة والكشف عن مصير المغيبين"، لافتًا إلى أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لغاية الآن لم يقم بأي خطوة عملية قريبة من تشرين، حتى أن عمليات القمع الحكومي استمرت بعد تسنمه السلطة، وبنفس آلية سلفه عبد المهدي، وخير دليل ما حدث في بغداد وواسط والناصرية".

وحول نجاح هذه الدعوات يرى الباحث عقيل عباس، أنه من المبكر البت بهذا الموضوع، مشيرًا في حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أنه "له حظ من النجاح لكنه ليس كبيرًا، ولا يشمل جميع القوى المتداول تنصيفها كمعتدلة، فبعضها داخل في جميع إشكالات ما بعد 2003، فضلًا عن أن نجاح هذه القوى في الانتخابات القادمة مرهون بإيجادهم لممثلين في الدوائر الانتخابية يثقون به هم، ويثق به الجمهور، وهذه معادلة شبه مستحيلة"، على حد تعبيره.

ويحاول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي توسيع مساحة الحوار، ليشمل الفعاليات الشعبية والناشطين، بحسب مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة جالوب الدولية منقذ داغر، والذي يعتبر حِراك الكاظمي صحيحًا مهما كانت نتائجه، مبينًا أن "الأحزاب تريد تهدئة الشارع، خاصة بعد شعورها بوجود معطيات لانتفاضة جديدة، لذلك هم يرحبون بالحوار، ليست رغبة في الشباب، وإنما لاعتقادهم أن الانتخابات القادمة لن تغيير كثيرًا في المعادلة، وكل منهم له هدف يحاول الحصول عليه من خلال هذا الحوار".

وأضاف داغر لـ"ألترا عراق"، أن "المهمة ستكون صعبة جدًا، لكن الكاظمي إذا استطاع تهيئة الأرضية، واختار الأشخاص الذين يقومون بها بشكل صحيح، ربما تنجح، المطلوب الآن استثمار أية فرصة قبل فوت الأوان، وعلى التشرينيين الحوار، وأن ولا  يظهروا الرفض لكل شيء، لكن المشكلة أنهم غير موحدين وهذا ما يصعب الأمور"، لافتًا إلى أن "الكاظمي لا يبدو قادرًا على تلبية كل المطالب، ولكنه يحاول، رغم النجاح والفشل في بعضها".   

من جانبه، يؤكد عضو الفريق الاستشاري الحكومي حسين علاوي، أن مبادرة رئيس مجلس الوزراء ستكون منصة للحوار الوطني.

وقال علاوي، في تصريح صحفي تابعه "ألترا عراق"، إن "دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للحوار الوطني مهمة جدًا لتنشيط العملية السياسية ودعم التصميم للدولة العراقية وبنائها وفقًا لقيم النظام الديمقراطي الجديد ووفاءً لدماء العراقيين".

وأضاف، أن "الدعوة لاقت ترحيبًا كبيرًا من المكونات الوطنية والقوى الوطنية والمجتمعية والرأي العام العراقي وصدرت بيانات عديدة وعدد من البيانات السياسية التي ستتوارد خلال الساعات المقبلة والتي تعطي إشارات ايجابية عن قوة زخم المبادرة".

وتابع: "كذلك تعزز المبادرة بروز القوى المجتمعية الجديدة في ضوء قانون الانتخابات الجديد  الدوائرالـ83 المتعددة، والتي تهدف إلى وصول نواب يمثلون المجتمع المحلي"، لافتًا إلى أن "ملف العلاقات المجتمعية وتعزيز قيمة التنوع والحفاظ عليها سيكون واحدًا من المخرجات الأساسية التي سيبحث فيها، بالإضافة إلى وضع السلاح خارج أجهزة الدولة وسبل بناء الحوار مع الجماعات الخاصة".

وأكد علاوي، أن "نقطة الحوار الأساسية التي يستند عليها رئيس الوزراء في مبادرته هو منطق الدولة أمام أرث اللادولة والتي جاءت اللحظة التاريخية لمعالجته ومواجهته بصورة فعالة من خلال قوى العملية السياسية ومتطلبات المجتمع ومطالب المكونات الاجتماعية بالعيش المشترك"، مبينًا أن "جوهر الحوار الوطني هو خلق مفهوم جديد للأمن القومي العراقي يرتكز على نظرية الأمن المشترك للبلاد في ما بين مكوناته الاجتماعية العراقية".

وأمس، اغتيل والد المحامي المغيب علي جاسب الهليجي، في ميسان، بعد عودته من مجلس عزاء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الناشط عبد القدوس قاسم، ما استدعى نشطاء أن يكتبوا ضد الحوار، وقال الناشط والعضو حزب البيت الوطني زايد العصاد "دعوة للحوار الوطني الشامل، تبدأ باغتيال والد المخطوف علي چاسب، هكذا الحوار". 

فيما اعتبر الكاتب احمد سعداوي طرفي الحوار هما "الصاكّ والمصكوك"، على حد تعبيره، وأضاف في تدوينة "قصة قصيرة جدًا، وحينما دخل الصكّاكون إلى قاعة الحوار الوطني لم يعثروا على أحد سواهم، فسألوا عامل الخدمة البنغالي المسؤول عن تقديم المشاريب: ـ وين الطرف الثاني بالحوار؟ ـ صديك.. كلهم بالنجف ومحمد سكران.. كلهم صكيتوهم صديك"، والصكّاكون، إشارة إلى الميليشيات في العراق، إذ يوصف القاتل فيهم بـ"الصكّاك". 

يرى نشطاء أن الأجواء التي يتحكم فيها السلاح تفشل فيها أي مبادرة للحوار 

ولا توجد اشتراطات الحوار في البيئة العراقية، بحسب المتظاهر محمد جبار، والذي يقول لـ"ألترا عراق"، إن "الأجواء التي يتحكم فيها السلاح تفشل أي مبادرة للحوار، مبينًا "كان على الكاظمي أن يبدأ بتجفيف منابع السلاح كقائد عام للقوات المسلحة، ومن ثمّ يدعو للحوار"، لافتًا إلى أن "طرف تشرين وهو مدعو للحوار، بين شهيد وهارب من البلاد، أو ينتظر الاغتيال إذ كان يعيش في العراق". 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قصة "الطفل المختطف".. السلطات تقدم رواية مغايرة وحملة ضد تشرين

نشطاء الاحتجاجات المغيبون قسرًا.. لا خبر جاء ولا وحي نزل!