06-ديسمبر-2021

القصة الكاملة لـ"المذبحة" (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

استذكر مدونون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ما أطلقوا عليه بالذكرى الثانية لـ"مجزرة السنك"، والتي حدثت في كانون الأول/ديسمبر 2019، حين هاجم مسلحون ملثمون "مرآب السنك" ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من متظاهري احتجاجات تشرين الذين كانوا يعتصمون فيه. 

قامت ميليشيا "كتائب حزب الله" التي اقتحمت مرآب السنك بتقييد عدد من المتظاهرين وتركهم في داخل المرآب

كان مكان المرآب، على طرف ساحة الخلاني المعروفة وسط العاصمة، بالإضافة للقوات الأمنية التي تحيط بكل الجوانب وتنفذ إغلاقًا للطرق كإجراءات كانت مستمرة لمنع دخول العجلات إلى مكان التظاهرات، لكن وبحسب شهود عيان، تمكّنت في ذلك الوقت، سيارات مدنية رباعية الدفع تحمل العديد من المسلحين، من اقتحام الساحة ثمّ مبنى المرآب، وإطلاق النار بأسلحة خفيفة ومتوسطة على المتظاهرين، ليسقط 25 قتيلًا و120 جريحًا، وفقًا لما تناقلته مصادر أمنية وطبية للعديد من وسائل الإعلام.

اقرأ/ي أيضًا: المهندس "ينقلب" على الفياض.. "فضيحة" الاعتراف بمذبحة السنك من مصادر حصرية

فيما قامت الميليشيا التي اقتحمت المكان بتقييد عدد من المتظاهرين، وتركهم في داخل المرآب، وبعد أن تركت المكان، جاءت قوة من قيادة عمليات بغداد وفتحت القيود، حيث أظهرت مشاهد مصورة يتحدث فيها أحد المكبلين للضابط، بأن "القوة المقتحمة هي من لواء 55 حشد شعبي"، ليرد عليه أحد منتسبي عمليات بغداد بأن القوة التي اقتحمت هي حزب الله، في إشارة إلى ميليشيا "كتائب حزب الله".

 

 

 

 

 

وأدى الهجوم إلى احتراق موقف السيارات، الذي يتخذه المتظاهرون مقرًا لاعتصامهم، بينما كانت المباني المحيطة بالميدان مملوءة بثقوب الرصاص بعد الحادثة، كما نتنشر قطع الملابس في الشارع وهي ملطخة بدماء القتلى والمصابين من المتظاهرين.

 

 

وبينما يتهم متظاهرون ميليشيا "كتائب حزب الله" بالهجوم على مرآب السنك، كانت قد أظهرت وثيقة رسمية من قيادة عمليات بغداد، تتحدث عن حصول تجمع لعناصر من ميليشيا "كتائب حزب الله" يوم الحادثة في جامع "بقية الله" وسط شارع فلسطين.

 

 

وتشير الوثيقة إلى أن ما بين 300 إلى 400 من أفراد الميليشيا، حضروا صباح الجمعة إلى الجامع ومعهم أسلحة خفيفة ومتوسطة، ومن ثمّ غادر معظمهم وبقي فقط نحو 60 عنصرًا في الجامع، وذلك قبيل ساعات من شن الهجوم على ساحة الخلاني، كما توضح اقتراح أن "يتمّ سحب عناصر الأمن المكلفين بحماية الجامع"، باعتبار أن عناصر الميليشيا موجودين فيه وهم من سيقومون بتوفير الحماية له.

وتعليقّا على مرور سنتين بعد الحادثة، يرى رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أن "حادثة مجزرة السنك، تعد  بمثابة الثأر من نجاح  تشرين بمعادلة الإطاحة من السلطة المتمثلة بحكومة عادل عبد المهدي"، كما أن "هناك جهات حاولت إيصال رسالة من خلال هذه الحادثة بأن الرد يمكن أن يكون أقسى مما كان يتوقعه المتظاهرون".

ويعتقد الشمري خلال حديثه لـ "الترا عراق"، بأن "الحادثة شكلت ضعفًا كبيرًا من الحكومة السابقة وعدم قدرتها على حماية المتظاهرين، في وقت كان يجب عليها المحافظة على حياتهم"، مضيفًا أن "الموضوع لغاية اليوم بحاجة للتحقيق بطبيعة ما جرى لأنها حادثة مثلت عامل فارق في التعاطي من قبل الجهات المعادية للتظاهرات".

وكشفت الحادثة ـ بحسب الشمري"، وبما لا يقبل الشك أنّ "سقوط معادلة السلطة أنقذ العراق من دكتاتورية كبيرة جدًا ممكن أن تعيد البلاد  لمنح القوة لسلطة السلاح خارج إطار الدولة والذي كان ممكنًا بوجود حادثة كراج السنك"، مبينًا أنه "رغم مأساة الجريمة وقتل المتظاهرين قبلها وبعدها، كلها كشفت حجم ما يعيشه العراق من سوء إدارة وعدم وجود ديمقراطية أو السماح بها إلا بما تسمح به المعادلات الداخلية".

وأكد الشمري أن "ثورة تشرين كشفت زيف الأحزاب التقليدية وتمسكها بالسلطة وعدم إيمانهم بالديمقراطية وفسادهم، فضلًا عن احتكارهم للدولة وسياسة الإقصاء وعزل الكفاءات ثم وصل للقتل الممنهج، ما خفض بشكل كبير مستوى التأييد الشعبي الذي كان متوفرًا في السابق".

وقبل ذلك، أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في نهاية آب/أغسطس 2019، استقالته رسميًا وحكومته، بعد خطاب شديد اللهجة وجهته المرجعية الدينية العليا خلال خطبة الجمعة في كربلاء إلى الحكومة بعد سقوط مئات القتلى والجرحى بتظاهرات تشرين نتيجة أعمال العنف التي مورست ضدهم ببغداد ومختلف المحافظات الجنوبية، وخاصة ما سمي بـ"مجزرة الناصرية".

فيما جاء الهجوم المسلح على مرآب السنك وساحة الخلاني في بغداد، بعد ساعات من فرض وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي التي توجه إليها اتهامات بالضلوع في الهجمات على المتظاهرين.

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات ضد زعيم الميليشيا، قيس الخزعلي وشقيقه ليث الخزعلي، ومدير الأمن في الحشد الشعبي حسين فالح عزيز اللامي المعروف باسم "أبو زينب اللامي" وهو قيادي أيضًا في ميليشيا "كتائب حزب الله".

وانتقد مدونون، في ذكرى "مجزرة الخلاني"، عملية تغييب أحد الأشخاص الذين كانوا مشاركين بالجريمة، حيث اعتقل من قبل "القبعات الزرق" التابعة للتيار الصدري واقتيد لجهة مجهولة، دون الكشف عن أي تفاصيل حول مهمته في مكان الجريمة وإلى جهة ينتمي.

 

 

 

 

 

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد أصدرت بيانًا عقب الحادثة اتهمت فيه الحكومة العراقية بـ"التعاون"، وقالت إن "قوات مسلحة غير محددة، بالتعاون على ما يبدو مع قوات الأمن الوطنية والمحلية العراقية، نفّذت سلسلة من عمليات القتل الوحشية في منطقة الاحتجاج الرئيسية ببغداد في 6 كانون الأول/ديسمبر 2019".

وأوضح البيان أن "الكهرباء قُطعت عن المنطقة خلال الهجوم، ما جعل من الصعب على المتظاهرين تحديد هوية القَتَلة والفرار إلى بر الأمان"، وأن "الشرطة والقوات العسكرية انسحبتا عندما بدأت ميليشيا مجهولة الهوية، ارتدى بعض عناصرها زيًا موحدًا بإطلاق النار".

ويعتقد الناشط فارس المالكي، أنّ "الجهة المسؤولة عن المجزرة عرفت منذ اليوم الأول وكانت تحت أنظار الحكومة"، مؤكدًا أنّ "حركة الآليات المستخدمة في العملية كانت مسجلة لدى نقاط التفتيش القريبة من الحادث".

ويروي المالكي تفاصيل الحادثة، خلال حديثه لـ "ألترا عراق"، قائلًا إنّ "الجهة المنفذة كانت ترتدي زيًا موحدًا وسيارات بدون أرقام"، مستدركًا "لكن تأكدنا منها بعد الانسحاب من المنطقة وهي تابعة لكتائب حزب الله، لأنهم أخذوا بعض الشباب إلى منطقة خارج بغداد، وتحديدًا في مزرعة بقضاء الطارمية تعود لرئيس أركان الحشد الشعبي والقيادي بالكتائب الملقب بالخال، واسمه عبد العزيز المحمداوي"، في إشارة إلى خليفة "أبو مهدي المهندس"، ورئيس أركان الحشد الشعبي الحالي. 

يقول الناشط فارس المالكي إنّ الشباب الذين اختطفوا من مرآب السنك اقتيدوا إلى مزرعة "أبو فدك" أو ما يلقب بـ"الخال"

ويضيف المالكي، أنّ "السلطة حاولت إخفاء القوة المهاجمة والتستر عليها وعدم كشف منفذيها بسبب انتماءهم لجهات محسوبة ضمنًا على السلطة، فيما أشار إلى أنّ "تأثير هذه الحادثة كان على كل ثورة تشرين بسبب المواجهة التي حصلت بين شباب أعزل وميليشيا مسلحة أدت إلى استشهاد البعض وكذلك خطف وتعذيب غيرهم".

اقرأ/ي أيضًا: قيادة الحشد الشعبي "تغرق" بدماء ضحايا السنك.. هل اعترف "الطرف الثالث"؟

وحادثة السنك، من "أكبر الجرائم ضد الإنسانية"، كما يصفها مستشار المركز العربي للشؤون السياسية والأمنية، مخلد حازم، مؤكدًا أنّها "لا تختلف في مضمونها عن جرائم داعش الإرهابي"، مبينًا أن "الهجوم نفذته مجموعة بلباس عسكري وعجلات مدنية قامت بإطلاق النار على المتظاهرين بهدف إنهاء الاعتصام في المنطقة بعد قطع الكهرباء بشكل كامل وسحب القوات الأمنية الحكومية".

ويقول حازم في حديثه لـ"ألترا عراق"، إنّ "القائمين على اللجان التحقيقية  المشكلة بهذه القضايا ضد المتظاهرين هم من كان لهم أصبع في هكذا عمليات تحدث"، فضلًا عن أنّ "ضعف الحكومة وعدم إمكانيتها في إحقاق حقوق المواطن العراقي جعل الموطن يستشعر الظلم الواقع عليه، لذلك كان أحد أهم الأسباب لاستمرار الضغط لإسقاط الحكومة".

 وتابع مستشار المركز العربي، أنّ "الشارع بقي يترقب وكله أمل بأن تظهر نتائج التحقيقات وكشف القتلة المنفذين لجريمة السنك وغيرها من الجرائم وحتى بعد استلام الكاظمي للحكم لكنّه لن يختلف عمن سبقه بعدم القدرة على كشف الحقائق"، موضحًا أنّ "ردة فعل الشارع على جميع الخيبات بغياب إنصاف الحكومة للحراك الاحتجاجي تمثلت بمقاطعة الانتخابات الأخيرة لعدم وجود ضمانات من قبل الحكومة لتثبيت حقوق ومطالب التظاهرات". 

وعبّر حازم عن اعتقاده بأن "ثورة تشرين تمرض ولكنها لا تموت"، مؤكدًا أنّ "دماء الشهداء لن تبقى على الأرض وسيكون هناك يومًا يبزغ فيه نور الحق وتكشف الحقائق ويأخذ كل ذي حق حقه".

واستذكر المرشح الفائز، سجاد سالم، "مجزرة السنك"، التي وقعت أثناء احتجاجات تشرين حين دخلت "ميليشيا مسلحة" وفتحت النار على المتظاهرين في 6 كانون الأول/ديسمبر 2019. 

وقال سالم في تدوينة رصدها "ألترا عراق"، إنه "في ذكرى مجزرة السنك، لا بدّ من تحقيقٍ يُفتح، مستندًا على أدلة وتصريحات للميليشيا التي مارست هذا الفعل الإرهابي".

ويعتقد المرشح الفائز سجاد سالم بضرورة إعادة التحقيق بـ"مجزرة السنك" مستندًا على أدلّة وتصريحات الميليشيا المنفذة

وأضاف سالم "وبينما نستذكر صمود وبسالة شهداء تشرين نشهد اليوم سقوط القتلة أخلاقيًا واجتماعيًا وسياسيًا، لافتًا إلى أن "الجرائم ضد تشرين لا تسقط بالتقادم ولا تغفلها الذاكرة".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

سليماني في بغداد أثناء "مجزرة السنك".. واشنطن: بإمكان العراق اعتقاله

من السنك إلى الحنانة.. طائرة مسيرة تقصف مقر الصدر وأنصاره يتوثبون