22-يناير-2021

من موقع الانفجار المزدوج في بغداد (فيسبوك)

استميحك عذرًا أيُها الملك، وأسألك ألم تجدْ لك قومًا أفضل ومكانًا أنسب من (چنابر) بيع الملابس القديمة لتوزع هبات التوابيت ورائحة عطرك أيُها الملك على عمال ذلك المكان وزبائنه؟ ألم تجد أُناسًا يستحقون الموت فعلًا فهبطت في هذا المكان البائس لتحصد أرواح بشرٍ يبحثون في (بالات) الملابس القديمة عن قطعٍ بالية تسترهم؟ ألم تُدرك ياسيدي أنهم عرايا؟ لم تجد لك مُرحِبًا بتلك البِقاع المُتغطرسة العاتية فنزلت في هذا المكان الفقير البائس. تركت أيها الموت كل هؤلاء اللصوص والسُراق والعاهرون يعيثون في الأرض فسادًا وتجلت قدرتك على هؤلاء المساكين.

رُبما لأنك تريد لعالمك العلوي أن يكون نقيًا، طاهرًا، وصافيًا من رعاياك الفقراء والمساكين وأن لا يُدنس ذلك العالم أيُّ أثمٍ أو فاجرٍ، رُبما تُريد ذلك. ولكنك أيُها الموت كُنت قاسيًا بقدرك وموجعًا بقرارك، تركت كل هؤلاء الذين إستباحوا الحياة واخترت هؤلاء البسطاء والمساكين، فعلًا كان قرارك مؤلمًا أيُها الموت، ثم ماذا بعد ذلك؟ ستُغسل الشوارع من آثار الأشلاء والدماء وستتوالى بيانات التنديد والاستنكار وستنتهي تلك (العواجل) من على نشرات الأخبار وستُعاود الفضائيات بث برامج تعليم فن الطبخ، وستعود تلك البالات إلى سابق عملها تبيع الملابس المستعملة لفقراء وعرايا جُدد ينتظرون دورهم من الموت.

ماذا نفعل أيُها الملك؟ هل نتوسل بالقاتل كي لايستبيح دمنا، هل نرجو الإرهابي أن يرحمنا بعد أن فقدنا الثقة بولاة أمورنا، وإلى من نلجأ، فلا مُغيث لنا. لكني دعني أهمس لك يا ملك الموت أنك عندما تريد أن تختار رعاياك، فعلى الأقل أحسن الاختيار وخذ معك من باع وطن أو تاجر بشعب في سوق نخاسة. يومٍ دامٍ جديد يُضاف إلى أيامنا الدامية وضحاياه كانوا جميعهم فقراء ومساكين وعرايا أخذهم الموت معه بقوافل، والأكيد أنه ستطلع علينا من على شاشات التلفاز نفس تلك الوجوه المُقرفة التي كرهنا مشاهدتها وهي تشجب وتستنكر ويا لخزيها وعارها.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مشاهد مروعة من بغداد: أشلاء ونيران لأول مرة منذ 3 سنوات

مفوضية حقوق الإنسان: الأجهزة الأمنية تتحمل مسؤولية هجوم بغداد